عندما تتشعب الموهبة، وتثمر إبداعات متنوعة على أرض الواقع، يمكن إطلاق تسمية «الفنان الشامل» على صاحبها، وينطبق ذلك على الشابة الإماراتية روضة سالم ثاني، التي دخلت مجال تصميم الأزياء من بوابة الهندسة المعمارية والفن التشكيلي. درست روضة، التي بلغت عامها الثلاثين، العمارة الداخلية والتصميم والفنون البصرية، وعرفت، سابقاً، كفنانة تشكيلية ومصممة هندسية، وتعمل أيضاً في قسم التسويق بمؤسسة دبي للمستقبل، ومع كل ما سبق أطلقت، عام 2021، علامتها التجارية «Illi»، بعد 3 أشهر من الحجر الصحي، وبيعت مجموعة تصاميمها الأولى بالكامل بعد 4 ساعات من إطلاقها على «إنستغرام»، وهو أمر لم تتوقعه على الإطلاق.. في هذا الحوار، نتعرف أكثر على تلك الشابة الموهوبة، وتصاميمها من العبايات والقفاطين، المفعمة بالألوان والقصّات الجديدة: 

 

 

• ماذا تعني «Illi»، وماذا عن تصاميم التشكيلة الافتتاحية منذ 3 سنوات؟

- عادةً، أستلهم كل مجموعة من أمر معين، بالنسبة لاسم «Illi» تعني ابنتي باللغة المغربية الأمازيغية، فوالدتي مغربية، ووالدي إماراتي، فسميتها «Illi»، أي ابنتي وأغلى ما لديَّ، وكل تصاميمي شخصية، وقد استوحيت ألوانها من الألوان المغربية الشائعة في المغرب، مثل: الأزرق، والفوشيا. منذ 3 سنوات، وفي كل جلسات التصوير، يجب أن ترتدي واحدة من العارضات سلسلة القلب، التي أضع فيها صورة والديَّ، حتى إن أسماء التصاميم أطلقها على أسماء صديقاتي، فهي تعبر عن أسلوبهن وألوانهن المفضلة. كما أود، في المستقبل القريب، ابتكار مجموعة تصاميم مغربية، وتصويرها في مدينة طنجة، مسقط رأس والدتي. 

• ما سر انتقالك من الرسم على الكانفا إلى الأقمشة؟

- أثناء دراستي الجامعية، كنت أصمم الفساتين في علامتي الخاصة، وتوقفت بسبب ضغط الدراسة، ولطالما تيقنت أنه في مرحلة ما من حياتي سأكون مصممة أزياء، وكان والدي يشعر بموهبتي في التصميم، ويشجعني على دخول هذا المجال، وحدث هذا الأمر في وقته.

 

 

لمسات فريدة

• لكل علامة تجارية ما يميزها.. ما فرادة «Illi»؟

- أسعى إلى تقديم ما هو غير موجود في السوق، للشابات اللواتي يردن التعبير عن أنفسهن من خلال ملابسهن. أضع الألوان والقصات في العبايات، لدينا مثلاً عباية كاملة لونها فوشيا، أو وردي، فارتداؤك للعباية لا يعني عدم تمكنك من ارتداء لون رائع، أو لمحة من صيحةٍ رائجة على غرار الجاكيتات مع أزرار، وغيرها، وهذا ما يميز علامتي التجارية عن غيرها. أحاول إدخال كل ما نريد أن نرتديه، ونلبسه عادة تحت العباية، وأجعله العباية ذاتها، لهذا السبب تحب الشابات «البراند»؛ لأنهن يشعرن - عندما يرتدين تصاميمنا - بأنهن يرتدين الرائج، الذي يشاهدونه على «إنستغرام»، أو التلفزيون في نسخة عباية. باختصار شديد، أحببت تقديم ما يحمّس على ارتداء الشيلة والعباية. 

• أطلقت «البراند» أثناء «الجائحة».. ما التحديات والعقبات التي واجهتك؟ 

- عندما بدأت كان صعباً إيجاد مصنع يعطيني النتيجة التي أريدها، بأسعار مناسبة، ووقت معقول. هناك مصانع في دبي تطلب 4 أشهر؛ لإنهاء عملية إنتاج المجموعة، وهذا ما لا أستطيعه، خاصة أن قطعي تصمم وفق الطلب، فلا يمكن للزبائن الانتظار 4 أشهر للحصول على تصميم معين، وكان صعباً عليَّ في عملية التصنيع مراقبة الجودة. لكن، عندما أصبح لديَّ فريقي الخاص من الحرفيين والخياطين في مشغلنا «Dear All» بالقوز، صرت أصنّع تصاميمي، وتصاميم أصدقائي المحليين، وأرشدهم إلى أماكن الأقمشة المستدامة، وكيف ينتجون بأقل كلفة، ويأتون بشيء قابل للتحلل ولا يضر بالبيئة. من هنا، بدأت العمل مع الأصدقاء، ومن يسمع عني يأتِ طالباً إنتاج مجموعاته، واتسعت الدائرة؛ لأن المصنع مدار جيداً، إذ يمكنك العمل بشكل قريب من فريق العمل. أحب رؤية المصممين هناك، وهذا يبني مجتمعاً جميلاً. 

 • كم تشكيلة صممتِ.. حتى الآن؟

- صممت، حتى الآن، 10 مجموعات، وتراوح كل مجموعة بين 8 و23 تصميماً.

• يُعرف عن علامتك أنها مستدامة.. كيف تقاربينها؟

- لا أدعي الاستدامة 100%، فهذا شيء مستحيل، لكننا نحاول - قدر المستطاع - أن نكون مستدامين، من خلال مصادر الأقمشة، ونوعية الصبغات التي تستخدم فيها، فمعظم الأقمشة نأتي بها من مصادر أخلاقية من مورّدين كوريين ويابانيين، ويعني ذلك خلو مصانعهم من عمالة الأطفال، ورغم أن سعرها أغلى قليلاً من الأقمشة العادية؛ فإنها تستحق، إذ يتم التخلص من الصبغات المستخدمة بطريقة لا تضر بالبيئة؛ فالكثيرون من الذين يصنعون الأقمشة يتخلصون من الصبغات في الماء، والصبغات لا يمكن تخفيفها في الماء، لأنها تسبب تلوثه. والموردون الذين أتعامل معهم من كوريا واليابان يحرصون على مصادر الأقمشة المستدامة. ثانياً ليس لدينا احتياطي ميت من الأقمشة، لأننا نستورد أقمشة بكميات نعرف أننا سنبيعها، وعندما تباع القطع نأتي بالمزيد من الأقمشة للإنتاج؛ فليس لدينا ما نرميه في المهملات، فتصاميمنا وفق الطلب.

• هل تعتبرين بيعك أول مجموعة في غضون 4 ساعات من العلامات الفارقة لـ«البراند»؟

- أشعر بأنني قدمت شيئاً جديداً، فعندما أكلم مصممات أخريات يقلن لي إنك فتحت لنا باباً لرؤية العبايات بطريقة ثانية، لأنني قدمت شيئاً جديداً وجريئاً. وهناك شابات يقلن لي: لقد بدأنا بعلامتنا بعد أن شجعتِنا. ولم أتوقع ذلك، لأنني أعمل بدوام كامل، وكان إطلاقي العلامة بمثابة هواية.

 

 

عطاء متواصل

• ما الذي يحفزّك على العطاء بزخم في الوظيفة، وفي علامتك التجارية؟

- أعمل في قسم التسويق بمؤسسة دبي للمستقبل، من الثامنة إلى الرابعة عصراً، وفي «Illi» من الرابعة إلى الثامنة مساء. أحب كل ما أفعله من خلال «البراند»، والإتيان بأفكار ومفاهيم وتصاميم جديدة، وأحب مشاهدة شابات لا أعرفهن يرتدين تصاميمي عندما أخرج، إذ يجعلني ذلك في قمة السعادة، وأعتقد أن هذا محفزي الأساسي.

• ما أحلامك وأهدافك المستقبلية؟

- أود التوسع لتصميم فساتين الهوت كوتور؛ فتصاميم الكوتور فن بحد ذاتها، وأعتبر مصممي الكوتور فنانين، فخياطو الكوتور يستطيعون ثني الأقمشة ببراعة، وبناء مشد (Corset)، والتطريز بالخرز، وغيرها، وهذا كله فن رائع بالنسبة لي، فأطمح لصناعة الكوتور، وابتكار قطع فنية على شكل فساتين. 

• من يعجبك من مصممي الكوتور ؟

- تعجبني حمدة الفهيم؛ فهي مصممة موهوبة جداً، وتشكيلتها الأخيرة أكثر من رائعة. كما أحب تصاميم «شانيل» الراقية، خالدة دقة في التفاصيل. وأحب جان بول غوتييه وكورسيهاته، التي يصممها بطريقة سهلة للغاية. 

• إلى أي مدى تدخل اللمسة المغربية في تصاميمك؟

- صنعت تصاميم مغربية: جلابيات، قفاطين وعبايات، فيها شغل مغربي. أحب إدخال اللمسة المغربية بشكل دائم. وأعمل مع حرفيين في المغرب بغية ذلك. 

• كمصممة وفنانة ناجحة.. ماذا تقولين بمناسبة يوم المرأة الإماراتية؟

- أشعر بأن الإمارات مكان يحقق الأحلام، فلا مستحيل فيها. قادتنا سخروا لنا القوانين والقرارات، التي تسهل تحقيق أحلامنا، فهناك دعم كامل ودائم، فكل شيء سهل لإطلاق أي مشروع. هناك منصة لكل شيء، ودعم كبير للقطاع الإبداعي، للفنانين والحرفيين. لدينا مستشارون وهيئات في الحكومة يسهلون السعي وراء الشغف. على سبيل المثال، وضعوا قانوناً يسمح بسنة تفرغاً (إجازة مدفوعة للبدء في مشروعك الخاص، وتحقيق حلمك)، وهذا لا يحدث في مكان آخر بالعالم.