يسكن الرسامة التونسية، مريم عزوز، الشغف بالرسم والابتكار والتصميم؛ لدرجة أنها تجعل قطع الأثاث القديمة تحفاً فنية مدهشة. عشقت الرسم منذ الطفولة، وصقلت موهبتها بالدراسة والبحث؛ حتى أصبحت رسماتها وقطعها الفنية تتجول في مختلف المعارض محلياً وعربياً.. «زهرة الخليج» التقتها، في مرسمها الخاص وسط العاصمة تونس؛ فكان لنا معها هذا الحوار:

• دائماً يأخذنا السؤال الأول نحو البدايات، فهل نتحدث قليلاً عنها؟

ـ منذ أن كان عمري 12 عاماً كانت البداية، وقتها كنت أرسم كلَّ ما تراه عيني على الورق، وأقوم بتصميم بعض الأشياء، وأحرص على المشاركة في نوادي الرسم بالمدرسة، وهكذا حتى حصلت على «الثانوية العامة»، حينها كان والدي مُصراً على أن أدرس «الصيدلة»؛ فقد كان يعمل في المجال ذاته، وأراد مني أن أكمل المسيرة، لكنني رفضت، والتحقت بجامعة الفنون الجميلة، وتخصصت في مجال الديكور الداخلي، ولم أستمر طويلاً في هذا التخصص، فبعدما حصلت على الشهادة فتحت مرسمي الخاص، وانطلقت في تقديم أفكاري ورؤيتي الخاصة.

 

 

• هل تقبل والدك رفضك التخصص في مجال الصيدلة بصدر رحب؟

ـ بالعكس تماماً، فقد تصادمنا طويلاً، لكنني لم أفقد الأمل في إقناعه، حتى إنه قاطعني لفترة طويلة. وعندما لمس تمسكي بموهبتي رضخ للأمر، وأصبح الآن من أهم المشجعين لموهبتي، وكل أفراد عائلتي أشعر بأنهم جمهوري الأول؛ فدائماً ألمس في أعينهم نظرة الرضا، وهو كل ما أحتاج إليه للاستمرار، وتقديم الأفضل.

وقت اللوحة

• تجعلين قطع الأثاث القديمة قطعاً فنية.. كيف تأتيك الفكرة؟

ـ أشخاص كثيرون يملكون ويتوارثون قطع أثاث قديمة، تكون عزيزة على قلوبهم؛ إذ إنها تذكرهم بالآباء والأجداد، فيصبح التخلص منها صعباً. هنا، أتدخل لأرسم على قطع الأثاث القديمة هذه أشكالاً، يتعلق معظمها بالتراث التونسي، أو أرسم مشهداً يخص العادات والتقاليد الأصيلة على قطعة الأثاث، فتتم إعادة تجديدها، وإبراز قيمتها في الوقت نفسه. الكثيرون يحضرون لي غرف نوم أجدادهم، وكراسيهم، وأيضاً أشياء بسيطة لأضع عليها رسماتي؛ فحقق لي ذلك شهرة واسعة محلياً.

 

 

• قلما نجد فناناً يقدم رسماته على أشياء بسيطة مثل قطع الأثاث، فهل هذه طريقة فنية جديدة؟

ـ هذه الطريقة موجودة، ويستعملها الكثير من الرسامين في القارة الأوروبية، لكنهم يرسمون الورود واللوحات الطبيعية على قطع الأثاث. أما أنا فأرسم لوحات تعبيرية، يتعلق معظمها بالعادات والتقاليد التونسية، واللباس التقليدي، وغيرها من الرسمات، التي بمجرد أن ينظر إليها الشخص يعرف أنها تونسية أصيلة.

• ما الوقت الذي تستغرقه اللوحة لإنجازها؟

ـ أنجز اللوحة، عادة، خلال ساعات، وهو وقت قياسي، ما يجعلني أخجل كثيراً من التصريح بذلك؛ لأن بعض الرسامين يستغرقون وقتاً أطول بكثير. أعتبر هذه السرعة موهبة في حدّ ذاتها، تضاهي موهبة الرسم، وهي نعمة من الله.

 

 

غياب الرجل

• بعض الرسامين يقولون: «يجب أن تأخذ اللوحة الكثير من الوقت؛ لتخرج بصورة متقنة».. ما ردك عليهم؟

ـ الإتقان لا علاقة له بالوقت، فاللوحة تكون مرسومة في مخيلتي قبل إنجازها؛ لهذا أرسمها أو أقوم بتنفيذها على قطع الأثاث سريعاً، حتى إنني أخفي ذلك على زبائني، إذ أقول لهم سأنجز ما تطلبونه خلال يومين أو ثلاثة، فربما يعتقدون أن القطعة ستكون غير متقنة. لكن الحمد لله لم أتعرض - خلال مسيرتي - لأي نوع من النقد في ما يخص الإتقان، بل على العكس كل زبائني يتعاملون معي أكثر من مرة.

• من الملاحظ غياب الرجل عن رسماتك، وقطعك الفنية، فما السبب؟

- الرسام، دائماً، يبحث عن الجمال المطلق؛ فيرسم المرأة، والطبيعة، والبحر، والغابة، والسماء، ومن النادر أن يكون الرجل موضوعاً في الرسم، حتى إن أشهر اللوحات العالمية لنساء، ولا أعرف السبب على وجه الدقة، لكن ربما في قادم الأيام يتغير هذا التوجه.

• من يلهمك أفكار رسماتك؟

ـ أحرص على الاطلاع على كل ما هو جديد في ما يتعلق بفن الرسم، خاصة ما يعكس ثقافات وتقاليد وخصوصية المناطق المختلفة، وهذا في حد ذاته يوحي لي بأفكار جديدة. لكن تبقى بصمة العادات والتقاليد من الأشياء التي لا أستغني عنها في رسوماتي، ويلفتني كثيراً الإبداع الخليجي، والحرف اليدوية فيه.

• أي الألوان تفضلين؟

ـ أحب الألوان الترابية، وأستعملها بكثرة.