يحكي لنا التاريخ - على فترات متباعدة - عن المرأة، أنها حينما كانت تأخذ فرصتها الاستثنائية كانت قادرة على صنع الفارق والتغيير في المجتمع؛ فمنذ أن تحول المجتمع الإنساني إلى مجتمع أبوي؛ كانت المرأة رهينة الخوف، والسيطرة الظالمة، وحبس الطاقات داخل «قمقم» العديد من المفاهيم السلطوية، التي ساهمت في تراجع مساهمتها الفاعلة في صنع التغيير.

مع التطور المعرفي والثقافي والعلمي في الحضارة البشرية، بدأت تتغير تلك المفاهيم، وذابت السدادة التي كانت تحبس طاقات المرأة في «قمقمها»، وبدأت المرأة تُخرج تلك الطاقات وتطلقها؛ لتصنع منها مساهمةً فاعلةً في التغيير، وإعادة كتابة التاريخ النسائي في الكثير من أركان العالم، وهكذا كانت المرأة الإماراتية جزءاً من النسيج النسائي حول العالم.

إن كل المجتمعات في العصر الحديث، التي تخطط للتنمية والتطور بصورة حقيقية وفاعلة، تهتم بدور المرأة في خططها التنموية، ومع انطلاقة دولة الإمارات العربية المتحدة؛ تغيرت أدوار المرأة الإماراتية، وصارت جزءاً فاعلاً وحقيقياً في الرحلة التنموية للمجتمع الإماراتي، وأصبحت شريكاً أساسياً في بناء المجتمع، وضمان الأمن الاجتماعي. فقد تحقق - خلال العقود الماضية - تقدم في مشاركة المرأة بجميع المجالات؛ بفضل التطورات الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية، التي تمت في الدولة.

تلعب المرأة الإماراتية دوراً فعالاً في تعزيز الأمن الاجتماعي، من خلال مشاركتها في العمل والمشاريع الاجتماعية والتطوعية؛ بعد أن توفرت لها فرص متساوية للتعليم والتدريب والعمل، ما مكنها من المساهمة في تنمية المجتمع، وتحسين جودة الحياة للجميع، وتحولها إلى قوة للتغيير الإيجابي في المجتمع الإماراتي.

والدور الأكثر مركزية، الذي تلعبه، هو تعزيز مساهمتها في الحفاظ على القيم والتقاليد الاجتماعية والثقافية. فهي إن كانت نصف المجتمع من حيث الكم؛ إلا أنها تعتبر المجتمع كله من حيث قوة التغيير والتأثير، من خلال دورها في تربية الأجيال القادمة، ونقل القيم والمبادئ الأساسية التي تساهم في بناء مجتمع مترابط، مؤمن بالتعايش والتسامح، وقادر على تعزيز الخطط الاستراتيجية لبناء مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة على قيم من الأصالة والحداثة معاً، في تناغم فريد من نوعه.

رغم القوة الدافعة، التي تجدها المرأة الإماراتية، والتي تعطيها القدرة على إحداث التغيير الإيجابي في المجتمع، فإنها مازالت تواجه العديد من التحديات على مستويات متعددة، منها: التمييز في التربية في بعض الأسر بين الطفل والطفلة، وكذلك تحديات التوازن بين الأسرة والعمل، خاصة ضعف ثقافة المشاركة المنصفة بين الزوج والزوجة في رعاية البيت والأطفال، وتواجه أيضاً تحدياً اقتصادياً، من خلال رؤية العديد من الأسر والعائلات لمفهوم الاستقلالية الاقتصادية للمرأة داخل الأسرة.

رغم التحديات التي مازالت تعيق خروج كل طاقات المرأة الإماراتية من «قمقمها»، فإنها - في السنوات الأخيرة - استطاعت فعلاً أن تكون قوة تغيير إيجابي في المجتمع، وعنصراً رئيسياً في رؤية القيادة الإماراتية الحكيمة في خططها الاستراتيجية لمستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة.