تتمثل الحياة في مفردات جمال واسعة، ومفردات صراع تعيشها البشرية. وفي زخم هذه الصراعات والمفردات، تبرز المرأة كمنبع للحياة ذاتها، فهي ليست مجرد جزءٍ من هذا النسيج البشري والكوني، تائهٍ وسط هذا الكون الواسع، بل هي «الوتد»، الذي عليه يَبْني الوجود خيمَتَهُ. فهي محور التوازن، الذي عليه تنشأ العلاقات الإنسانية، وهي طاقة الأمل التي يحتاج إليها الإنسان لحظة سقوطه في بئر اليأس. تجمع المرأة بين المتضادات بصورة متوازنة وفائقة، فهي العاطفة والقوة في الوقت ذاته. كما أنها شعلة الأمل والملهمة، وهي العمق الذي يحوي كل مفردات الحياة. 

تمثل المرأة مصدر الحياة الأول والأساسي، من خلال دورها الفريد كأم. إن قدرتها على استضافة الحياة، وتربيتها، تجعلها مصدراً للإلهام والتحفيز. وتأخذ الأمومة مكانة خاصة في القلوب والعقول، حيث يتجسد فيها الحنان والعطف، وتلك القوة الصامتة التي تحملها داخلها. هي الأم المثلى، التي تمنح الحياة قيمتها واتجاهها، فتحمل الأمومة معنى أعمق للحياة.

ولا يتوقف دور المرأة عند حدود الأمومة، بل يأخذ دورها أبعاداً حياتية مختلفة، فالمرأة تبرز كمصدر إبداعي ملهم في الفنون بأنواعها كافة، فهي ليست فقط مصدراً للإلهام، بل يتخطى دورها ذلك إلى كونها صانعة للإبداع، وتعكس من خلاله تجاربها الإنسانية، ومشاعرها الأنثوية، مستلهمةً رؤيتها الروحية للجمال، وتنوع الحياة، وكثيراً ما تكون إبداعات المرأة ذات عمق شعوري، يلامس القلوب بسرعة فائقة، ويمتزج بالروح الإنسانية، واصلاً إلى عمق الوجود.

تمارس المرأة أدوارها المتعددة، دون أن تشعر بالغبن، فهي دائماً محبة لكل دور تمارسه، فهي الموظفة والمبدعة والمفكرة، وأيضاً هي الأم والمربية والراعية لشؤون العائلة في البيت. كل تلك المهام تتطلب صحة نفسية وعقلية وبدنية عالية. إذ تتميز المرأة بقدرتها على تنفيذ مهام عدة في وقت واحد بالطاقة والحماس والكفاءة نفسها، ومن ثم يجب أن تكون في أتم الجاهزية والصحة. وأن تمتاز بقوة وتحدٍّ في مواجهة الصعوبات، ما يجعلها نموذجاً لتحفيز من حولها.

ومن خلال التمكين الاقتصادي، والمساهمة الفعّالة في سوق العمل، تعكس المرأة قوتها وقدرتها على تحقيق التنمية الشاملة. إذ تدير الأعمال، وتبني المشاريع، وتعمل بجدٍّ، وتحقق النجاحات، كما تبني مستقبلاً واعداً للمجتمع، وتؤدي دوراً حاسماً في بناء الاقتصاد، وتحقيق التنمية المستدامة.

وأخيراً.. يظل التعليم بوابة النور، التي تفتحها المرأة لنفسها وللمجتمع من حولها. إن التمكين - من خلال التعليم - يمنحها الفرصة لتحقيق أحلامها وتطلعاتها، ما يزيد قدراتها وإمكانياتها، ومن ثم تكون مصدراً متجدداً للحياة والتنمية. في هذا السياق، يتعين علينا، كمجتمع، أن نحتفي بدور المرأة، ونقدره، ونكرمها كمصدر للحياة والإلهام.

لقد أثبتت المرأة، من خلال تفردها وتميزها، أنها الحلقة الضعيفة، لكنها الأقوى في سلسلة الحياة. فلنعترف بدورها الكبير، ونسعى إلى توفير الفرص والظروف، التي تسمح لها بتحقيق إمكانياتها بأقصى ما يمكننا.