شقت الإماراتية، نهلة الفهد، طريقها في عالم الإخراج، وحققت تفرداً في إخراج أغاني الفيديو كليب، فقدمت أكثر من 60 كليباً، تعاونت فيها مع نخبة من نجوم الغناء في العالم العربي، لاسيما أنها أول مخرجة إماراتية تدخل هذا القطاع. واصلت الفهد تميزها بانتقالها إلى الإخراج السينمائي والدرامي، حيث قدمت خلال مشوارها الإخراجي كأول مخرجة إماراتية أيضاً في الدراما، 3 مسلسلات، هي: «حرب القلوب» 2015، و«ساعة الصفر» 2016، و«دموع الأفاعي» 2017، حققت بها انتشاراً كبيراً، كما قدمت فيلمين: الأول وثائقي هو «حجاب»، والثاني «218 - خلف جدار الصمت»، الذي يُعتبر أولى تجاربها الروائية الطويلة. وشارك العملان في مهرجانات دولية، وحصدا جوائز عالمية. وبعد 5 سنوات تقريباً من الغياب عن إخراج الأعمال الدرامية، تعود الفهد بمسلسل جديد، من المقرر أن تخوض به «الماراثون» الرمضاني 2024، كما تحضر حالياً لفيلم وثائقي جديد، يستعرض معلماً من معالم أبوظبي السياحية والتاريخية. فما أسباب غيابها عن الدراما التلفزيونية، وتفاصيل مسلسلها الجديد، وإلى أي مدى تهتم بتنفيذ أعمال سينمائية تخرج من نطاق المحلية إلى العالمية؟.. التفاصيل في الحوار التالي:

بدايةً.. ما أسباب غيابك عن الدراما التلفزيونية لأكثر من 5 سنوات، رغم النجاح الكبير الذي حققته مسلسلاتك الثلاثة؟

رغم عرض هذه المسلسلات على منصات رقمية عالمية، وأكثر من 24 محطة فضائية نالت حقوق عرضها، وإحداثها انتشاراً لافتاً. فإن اختفائي كان لبعض الأسباب: أولها: انضمامي إلى فريق عمل أضخم وأهم حدث ينظم للمرة الأولى ببلد عربي (الإمارات)، هو «إكسبو دبي 2020»، حيث عملت موظفة رسمية لخدمة الوطن، كمدير لإدارة المحتوى الإماراتي، وقد تطلب مني هذا الأمر جهداً كبيراً وعملاً يومياً، وتحضيرات قبل بدء الحدث بفترة طويلة، لذلك لم أستطع خلال هذه الفترة تقديم أي مشروع فني، خاصة أن العمل الدرامي يأخذ مني فترة طويلة لتنفيذه، تمتد لأكثر من 6 أشهر، بين تحضير وإعداد وتنفيذ؛ لأنني أهتم بأدق التفاصيل، وأقرأ النص بحذافيره، وأعيد كتابة الحوارات، وتنظيم السرد الدرامي، وتسلسل المشاهد التي تسقط سهواً من الكاتب نفسه، كما أعقد ورشاً مطولة لوضع الملاحظات على النص وتعديله، ودراسة مواقع التصوير، واختيار الممثلين المناسبين، بالتنسيق مع المنتج. هذا إلى جانب أنني دخلت في الوقت نفسه «التجربة الفنية الإماراتية»، وهي مبادرة مدينة الشارقة للإعلام «شمس»، التي تعتبر المشروع الأول من نوعه في إنتاج الأفلام على مستوى الوطن العربي، وكان باكورة المبادرة فيلمي «218 – خلف جدار الصمت». 

بصمة خاصة

ألم يؤثر هذا الغياب في مسيرتك بعالم إخراج الأعمال الدرامية؟

إطلاقاً، ولم أندم على هذا الغياب، فيكفيني أنني خدمت بلدي، وكنت أحد العناصر الأساسية في تمثيل الإمارات بـ«إكسبو 2020»، لنشر ثقافاتنا وفنوننا وعاداتنا وتقاليدنا المحلية بين دول العالم، التي تمت استضافتها في هذا الحدث العالمي. كما عوضني هذا الغياب تنفيذ أول أعمالي الروائية الطويلة «218 – خلف جدار الصمت»، الذي حقق مراكز متقدمة في شباك التذاكر، وشارك في مهرجانات، وحصد جوائز عالمية. 

مجدداً، تعودين إلى الدراما التلفزيونية، بإخراج مسلسل جديد ستنافسين به في السباق الدرامي الرمضاني 2024.. ماذا عن تفاصيله؟

المسلسل اسمه المبدئي «منت رايق»، وهو عمل خليجي اجتماعي خفيف في قالب كوميدي. أستعد لتصويره في الكويت الشهر المقبل، ويعتمد على العنصر الشبابي في بطولته، ضمن قصة جديدة ومضمون مختلف، وهو من تأليف منى النوفلي، وإنتاج مؤسسة الدراما الخليجية، وإشراف المنتج يوسف الغيث، ويشارك فيه كل من: هبة الدري، عبدالعزيز النصار، شيماء سليمان، مرام البلوشي، وفهد البناي. ويستعرض العمل العديد من القضايا الاجتماعية والعائلية والزوجية، التي تلامس هموم الناس في مختلف أنحاء الوطن العربي. 

بين الإخراج التلفزيوني والسينمائي.. أين وجدت نفسك أكثر؟

رغم أن الإخراج التلفزيوني أصعب بكثير من السينمائي، فإنني أعشق إخراج المسلسلات، كما أن الأعمال الدرامية تتمتع بسوق قوي في منطقة الخليج. لذلك، أحببت أن تكون لي بصمة خاصة في هذا المجال، كما فعلت في إخراج الكليبات والأفلام، لكنني لا أفضل مجالاً على آخر، وأركز فقط على التميز في جميع أعمالي.

تعزيز الهوية الوطنية

قدمت فيلمين، هما: «حجاب»، و«218 - خلف جدار الصمت»، وشاركت بهما في مهرجانات دولية، وحصدا جوائز عالمية.. إلى أي مدى تهتمين بتنفيذ أعمال تخرج عن نطاق المحلية إلى العالمية؟

شاركت في إخراج فيلم «حجاب»، وهو من إنتاج «أناسي»، ورؤية الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، مع المخرج السوري مازن خيرات، والبريطاني أوفيديو سالازار، نظراً لصعوبة الفكرة، وتصويره في 9 دول، هي: الإمارات، المملكة المتحدة، فرنسا، هولندا، الدنمارك، تركيا، مصر، سوريا والمغرب. وقد عرض في بريطانيا وأميركا وأيرلندا، ورشح لجائزة «الأوسكار»، ونال جوائز عدة، وسعدت كثيراً بهذه التجربة. بعد ذلك، خضت تجربة إخراج الأفلام الطويلة في «218 – خلف جدار الصمت»، الذي نافس بقوة في احتفالية «سيبتيميوس السينمائية» بأمستردام، وتم ترشيحه ضمن جوائز المهرجان في فئات: «أفضل ممثلة آسيوية»، و«أفضل فيلم آسيوي»، و«أفضل مخرجة»، وحصدت بطلته الممثلة الإماراتية أمل محمد جائزة أفضل ممثلة آسيوية. جاءت الترشيحات والجائزة؛ تكريماً للسينما المحلية، كما تحسب للمرأة الإماراتية المستمرة في تحقيق الإنجازات بمختلف المجالات، فمثل هذه الأعمال المتفردة، ذات المضمون العميق والرسالة الهادفة، تدفعني إلى تنفيذها؛ لأمثل الإمارات خير تمثيل، محلياً وعالمياً، خاصة أن هدفي الأسمى من أعمالي هو إيصال ثقافتنا إلى الآخر.

ما تقييمك للمشهد السينمائي الإماراتي.. بشكل عام؟

حققت السينما الإماراتية الريادة في السنوات الأخيرة، وتصدرت بعض الأفلام المحلية المشهد، بمختلف أنواعها: (الوثائقية، والقصيرة، والطويلة)، وشاركت في العديد من المهرجانات الدولية، ونالت جوائز عالمية، كما حصدت بعض الأفلام الموجهة إلى السوق السينمائي مراكز متقدمة في شباك التذاكر، ونجحت في جذب الجمهور إلى الفيلم الإماراتي بصالات السينما، بسبب مضمونها الثري، وتنوع قصصها بين الاجتماعي والكوميدي والرعب، لكننا لانزال نحتاج إلى نشاط ودعم كبيرين؛ لزيادة نسبة الإنتاجات بتنفيذ عدد أكبر من الأفلام خلال العام، وتقديم أعمال سينمائية ننقل من خلالها ثقافتنا إلى الآخر.

كل عام، تقريباً، تقدمين عملاً وطنياً في «عيد الاتحاد»، آخرها أوبريت «إماراتي وافتخر».. هل تحضرين لعمل وطني جديد لهذا العام؟

أكون في غاية السعادة عندما أشارك في هذه المناسبات بتنفيذ أعمال وطنية، لاسيما أنها تظل راسخة في الذاكرة الإنسانية. فالإمارات تتميز بتاريخ حافل من الأغنيات الوطنية، التي نفذتها نخبة من صناع الأغنية المحلية، ولعبت دوراً كبيراً في تعزيز الهوية الوطنية لدى أبناء الشعب الإماراتي، نظراً لإحيائها مختلف أشكال الحياة في المجتمع المحلي، بمختلف مكوناته وبيئاته، وأن أكون جزءاً من هذه الصناعة الفنية الوطنية، فهذا فخر كبير لي. في جعبتي، حالياً، بعض الأفكار التي سأجهز منها عملاً وطنياً لعرضه؛ تزامناً مع «عيد الاتحاد 2023».