لا شك في أن العزلة تختلف كثيراً عن الوحدة، ففي حين يختار الكثيرون الأولى طواعيةً، تأتيهم الثانية بشكلٍ لا إرادي بسبب ما يحدث معهم، لذا غالباً نفشل في تحديد الفرق بين أولئك الذين يختارون العزلة، والذين يعانون الوحدة في الخفاء.

ومن المهم أن نعرف الفرق بين الاثنتين، لأنه من خلال القدرة على التقاط العلامات الدقيقة لصراعات شخص ما، يمكننا حفر حفرة من الضوء حوله، وانتشاله من اليأس.

كيف يمكنكِ تحديد ما إذا كان شخص ما يشعر بالوحدة سراً؟

حسناً عليكِ أن تبدئي بمراقبة العلامات التالية، التي تشير إلى أن شخصاً ما يشعر بالوحدة أكثر بكثير مما نعتقد.

  • الانشغال دائماً علامات تشير إلى معاناة الوحدة

«مشغول» دائماً:

العبارات الكلاسيكية، مثل: «أنا مشغول جداً»، و«غارق في العمل، وأعتذر!»، غالباً نستخدمها للاعتذار عن شيءٍ لا نريد القيام به. لكن إذا كان شخص ما دائماً «مشغولاً جداً»، بحيث لا يتمكن من الخروج أو الاجتماع أو حتى مجرد الدردشة، فقد يكون ذلك علامة على وجود شيء أعمق، حيث ينشغل الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة بصرف انتباههم عن مشاعر العزلة. أي بعبارةٍ أخرى إنها آلية للتكيف، وطريقة للأرواح المنعزلة لتجنب مواجهة الفراغ الذي تجلبه الوحدة.

التواصل الاجتماعي بشكل مفرط عبر الإنترنت:

يعيش الأشخاص الأكثر عزلة على الإنترنت، وينقرون على شاشاتهم ويشاركون ويعيدون توجيه أو يعجبون بكل إيماءة تصلهم عبر الإنترنت، إذ إنهم بذلك يحاولون صياغة شيء يحاكي اتصالات الحياة الحقيقية، وملء الفراغ الذي خلفه عدم وجود تفاعلات الحياة الحقيقية مع النسخ المتماثلة عبر الإنترنت.

لذلك، في المرة القادمة التي ترين فيها شخصاً ما متصلًا بالإنترنت دائماً، ولديه دائمًا تلك النقطة الخضراء الصغيرة بجانب اسم المستخدم الخاص به، تذكري أن منشوراته قد لا تعكس حالته العاطفية الحقيقية.

سريع في تقديم يد المساعدة:

أول شخص يرغب في تقديم يد المساعدة غالباً يكون شخصاً يعاني آلاماً في القلب بسبب قلة التواصل البشري، إذ يقول علم النفس إن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة قد يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة الآخرين، فهي طريقتهم للبحث عن التواصل والشعور بالتقدير والحاجة، وقد تكون في كثيرٍ من الأحيان بمثابة علاجٍ لهم، يساعدهم على تقليل الشعور بالعزلة والوحدة.

  • الافراط في استخدام الانترنت وعدم النوم من علامات الشعور بالوحدة

الأرق ومشاكل النوم:

أظهرت الدراسات وجود صلة بين الشعور بالوحدة المزمنة واضطرابات النوم، حيث يمكن أن تؤدي الوحدة إلى زيادة التوتر والقلق، ما قد يؤدي بدوره إلى تعطيل أنماط النوم.

لذا، إذا كان أحد الأشخاص الذين تعرفينهم يشتكي كثيراً عدم حصوله على قسط كافٍ من النوم أو وجود أنماط نوم غير منتظمة، فقد يكون من المفيد التحقق مما إذا كان يعاني مشاعر الوحدة.

الاكتناز:

قد يبدو هذا مفاجئًا للبعض، لكن هناك صلة بين الوحدة والرغبة في اكتناز الأشياء، إذ بحسب النفس، إن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة قد يكونون أكثر عرضة لسلوكيات التسوق المفرط، وقد تكون هذه أشياء مادية، أو سلع سطحية أو حتى حيوانات أليفة.

والنظرية هي أن الغرق في «الممتلكات» يوفر إحساساً بالرفقة والأمان، ما يعوض إلى حد ما الافتقار إلى التواصل البشري.