موزة المطروشي: الطهي يكمل أفكاري الفنية

ترى الفنانة التشكيلية والشيف الإماراتية، موزة المطروشي، أن الطهي فن سياسة الغذاء، الذي يتم خلاله دمج مكونات الطعام الطبيعية في وصفات إبداعية. بدأت المطروشي ترجمة مفهومها باهتمام نابع من خيالها الواسع، وطريقة سردها القصصية   في أعمالها الفنية، من لوحات وعروض حية وصور متحركة ووسائط صوتية، رأت النور بع

ترى الفنانة التشكيلية والشيف الإماراتية، موزة المطروشي، أن الطهي فن سياسة الغذاء، الذي يتم خلاله دمج مكونات الطعام الطبيعية في وصفات إبداعية. بدأت المطروشي ترجمة مفهومها باهتمام نابع من خيالها الواسع، وطريقة سردها القصصية   في أعمالها الفنية، من لوحات وعروض حية وصور متحركة ووسائط صوتية، رأت النور بعدستها وريشتها. ومثلت الطبيعة، وحياة النحل، أبرز القصص التي سردتها؛ لتكون نقطة انطلاقها للتعمق في كل ما تنتجه الأرض والزراعة والبيئة، ما قادها إلى عالم الطهي، الذي تعتبره أداة فنية حسية.

«زهرة الخليج» التقت موزة المطروشي، لنعرف أكثر عن قصتها وأفكارها ورحلتها الملهمة، التي استحقت خلالها لقب «الفنانة الشيف»، بعدما تميزت بالمزج بين موهبتي الفن التشكيلي والطهي؛ لتخرج بأطباق فنية متميزة، تالياً نص الحوار:

بدايةً.. متى وجدت شغفك بالمجال الفني؟

حدث ذلك منذ الصغر؛ لذلك تخصصت فيه خلال المرحلة الجامعية بجامعة زايد. بعدها، شاركت في برنامج منحة سلامة بنت حمدان آل نهيان للفنانين الناشئين، الذي بموجبه حصلت على منحة عام 2017؛ لدراسة الماجستير في الفنون الجميلة بمدرسة سليد للفنون الجميلة، التي تعد أعرق جامعات الفنون في أوروبا والولايات المتحدة. خلال مسيرتي، تم عرض أعمالي في العديد من المحافل الفنية، منها متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، كذلك تم اختيارها من قبل «ICA London»، و«BBC»، لمشروع «New Creatives»، كما عُرِض لي فيلم في بينالي لاهور الثاني.

منظومة متفردة

لماذا جذبتك الطبيعة، خاصة حياة النحل؛ لتجسيدها في أعمالك الفنية؟

 خلال دراستي للماجستير؛ جذبني مجال الزراعة والطبيعة، خاصة النحل، وحصلت على دورات تعليمية، لأعرف أكثر عن هذه المنظومة المتفردة. عندما عدت إلى الوطن، شاركت في دورات محلية عدة عن حياة النحل؛ لأن طبيعة النحل في لندن مختلفة عن الموجود بالدولة، وتعمقت في الموضوع، واطلعت على أبحاث ودراسات محلية وعالمية، وكنت أقوم بترتيب زيارات للنحالين في الدولة، والتواصل مع الجهات الرسمية المعنية؛ لتوسيع نطاق التوعية بأهمية زيادة الاهتمام المجتمعي بتربية النحل بطرق مستدامة. وقد قاموا، بدَوْرهم، بزرع زهور ونباتات معينة؛ للمساعدة في تنفيذ الفكرة، دون الذهاب إلى البر، حتى لا يُؤذى النحل البري.

ماذا استوحيت من حياة النحل؟

 استمتعت كثيراً بالاستماع إلى تفاصيل عمل النحالين، ورحلتهم بين مواسم أشجار السدر والغاف والسمر، وانتقالهم من مكان إلى آخر، إضافة إلى الظروف التي تتم فيها عملية هجرة النحل. لقد استشعرت كيف لعمق البيئة الطبيعية أن يحدث استدلالاً، يثير بعداً مماثلاً للمجتمعات البشرية وتحولاتها، ما جعلني أفكر في تحويله إلى مشروع فني، باستخدام عدسة الكاميرا، التي أوظفها عادةً في أعمالي، كسارد رئيسي للمشهد الإبداعي الذي أعيشه، ومن ثم بدأت التوسع في موضوع الاهتمام بالبيئة، فقادني إلى البحث أكثر عن أهمية كل ما يخرج من الأرض، الأمر الذي سيطر على أعمالي الفنية.

ما سبب هذا الاهتمام بالطبيعة؟

 كانت فترة «كورونا» عاملاً كبيراً في هذا الاهتمام، إذ كنت أتساءل، حينها: ماذا لو انقطع الطعام عن العالم، ووجدنا صعوبة في الاستيراد؟.. لأنتقل إلى سؤال آخر مهم، هو: كيف يمكننا مواجهة مثل هذه الأزمات بالتخطيط للاكتفاء؟.. وهل يمكن لهذا الاكتفاء أن يؤثر في البيئة والمياه؟

كنت مهتمة بمعرفة طبيعة زراعة الأطعمة، وطرقها، وتأثيرها في بيئتنا المحلية، وكذلك مكونات الأطعمة المصنوعة، لإنتاج أعمال فنية أوثق من خلالها كل ما أراه وأتعلمه؛ ليستفيد منه جميع الناس.

فن حسي

هل تعمقك في عالم الطعام كان السر وراء توجهك إلى مجال الطهي؟

نعم؛ لذلك أقدمت على المجال من خلال الالتحاق بدبلوم في صناعة الحلويات، تلمست فيه الفن، ولكن من نوع آخر، فهو فن حسي، يمكن للأشخاص الشعور به وتذوقه؛ لذلك اتخذته مهنةً؛ لأن أعمالي الفنية، من لوحات وعروض حية وصور متحركة ووسائط صوتية، بالنسبة لي ليست مهنة؛ فهي جزء من روحي، ورأيت في الطهي رابطاً كبيراً بينه وبين الفن، فالطهي يكمل أفكاري الفنية.

ما الرابط، الذي وجدته بين الفن والطهي؟

الفن بالنسبة لي أساس تواصلي مع المجتمع، وأرى أن الطعام أساس الترابط بين المجتمعات، إذ إن الطعام أداة دبلوماسية فاعلة في التقارب، ونشر الثقافات، وإبراز تنوعها، ويمكن استخدامه للتعبير عن رسالتنا بأبسط وأيسر الطرق، كما ساعدني الطهي على تغيير بعض المفاهيم حول كيفية ممارسة الفن.

هل عكست مسارك في مجال الطهي بأعمالك الفنية؟

قدمت فيلماً عن كيفية عمل الطهاة في المطابخ، وسردت خلاله كيفية تحول هذه الأجسام إلى ماكينات، وكنت أركز على استعراض عملهم، الذي يشبه - في بعض الأحيان - خلية النحل؛ فهذا العمل الضخم غير مرئي، ويختفي خلف الجدران. كما قدمت عمل «المدرسة الزراعية»، وهو عبارة عن مجموعة صور للمزارع في الدولة، وكذلك لأعمال فنية لرسامين، تعكس هويتنا.

كيف أثر دخولك مجال الطهي في حياتك؟

لقد تغيرت حياتي بشكل كبير، إذ إنني كنت قبل دخول عالم الطهي أقضي معظم وقتي في الاستوديو؛ لأنتج أعمالي الفنية، أو لإجراء تجاربي وأبحاثي. لكن، حالياً، تغير جدولي؛ نظراً لارتباطي بدوام، وقلَّ وقت وجودي في الاستوديو، لكنني مازلت أشارك في معارض فنية توعوية. حالياً، أنا سعيدة بحياتي المنقسمة بين الفن والطهي.

ما رسالتك في الحياة؟

رسالتي هي العيش من أجل تَرْك أثر بالحياة؛ لذلك أنصح الجميع بالاهتمام بالقضايا المجتمعية، ومحاولة المساهمة في إحداث تغيير إيجابي.