فرضت المعلمة الكويتية، خيال الإبراهيم، هيبتها بالحب والاحترام، فكل من يقابلها يحمل في يده أثر المسك، الذي تنثره بقوة شخصيتها ولطفها، فتنصت لها دون إرادة منك؛ لأن كلماتها المنمقة، التي تخرج من روحها تجبرك على الصمت والإنصات في حضرتها.. حصلت الإبراهيم على درجة الدكتوراه في الفلسفة التربوية، وعملت بالمجال التربوي لمدة 34 عاماً، بتدرجات وظيفية مختلفة، ابتداء من معلمة، وحتى مديرة مدرسة. وتشغل حالياً، منصب أمين سر مكتب «التنال العربي» فرع دولة الكويت.. عن مسيرتها التربوية الحافلة، وتجربتها الإنسانية، كان لـ«زهرة الخليج» معها هذا الحوار:

  • «صوت لا يهدأ»

* بداية.. ما هو «التنال العربي»؟
- بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية، قمنا بإنشاء هذا المكتب؛ للمحافظة على اللغة العربية، كخطوة ضرورية لإنقاذ لغتنا العربية الجميلة؛ لأنها تستحق الدفاع عنها، وتوفير الحماية لها. وهنا، أوجه ندائي إلى كل أسرة في هذا المجال، فمسؤولية الأسرة في ترسيخ اللغة العربية السليمة أهم من المدرسة؛ فتعليم اللغة يبدأ من البيت. كذلك، نحتاج إلى النظر في مناهج اللغة العربية؛ لتكون أكثر يسراً وسهولة، وأكثر تشويقاً للطالب؛ للإقبال عليها؛ فهي حجر الزاوية للنهوض بها. أتذكر جملة لمستشرقة بلغارية، تقول: «بعد تعلمي اللغة العربية؛ أصبح لفمي عقل».

* كيف نجتاز الأزمات الصعبة؟
- لا بد أن نسمح برحيل أي تجربة مؤلمة قد مرت بنا؛ حتى نجد طريقاً للشفاء، ونتجاوز الماضي، فلا يوجد منا أحد إلا ولديه أحزانه الخاصة، وتجاربه المؤلمة. لذا، نحتاج إلى تعلم مهارات التعامل مع الأحزان، والصدمات، والأوقات الصعبة؛ لنخرج منها بخبرة نافعة، فالحزن جزء لا يتجزأ من طبيعتنا البشرية، ولا بد ألا نقاومه، أو نهرب منه؛ لأنه فطري بداخلنا، ويجب أن نعيشه من دون أن نتركه يسيطر علينا، ويقود بقية جوانب حياتنا، ولا بد أن نفتح صفحة جديدة، لبداية قصص جديدة في حياتنا؛ فهناك جانب من الفرح سيصل في الوقت المناسب.

  • المرأة القوية

* من المرأة القوية.. في نظرك؟ 
- هي المرأة الذكية الحنونة، التي تمتلك قوة الحزم، ولين الحب، وتستطيع أن تبحث عن السعادة؛ لأن السعادة ستقودها إلى النجاح. المرأة القوية ليست من تمتلك السلطة، بل التي تقود حياتها، وحياة من هم مسؤولة عنهم بوعي وحكمة، إلى بر الحب والأمان.

* ما مفهومك عن السعادة؟ 
- السعادة قرار العيش براحة بال، والاطمئنان النفسي، والشعور بالرضا والقناعة بما قدره الله لنا، وأن ننظر إلى جميع جوانب حياتنا نظرة إيجابية، وأن نبحث عن الحكمة في جميع مقادير الله.

* هل لك من اسمك نصيب، أم أنك واقعية جداً؟
- أنا واقعية جداً، وأحمل تفاؤلاً كبيراً، لا يقفز فوق حاجز المنطق.

* كتابك «صوت لا يهدأ».. هل هو ترجمة لسيرتك الذاتية؟ 
- «صوت لا يهدأ» عبارة عن حروف بين أحضان الخيال، جمعت فيه مجموعة من الخواطر الملامسة لواقعنا في رحلة البحث عن ذواتنا وسط أوجاع الحياة، وكيف نترك أثراً وبصمة في هذه الحياة، بالإضافة إلى مجموعة من الاعترافات.

  • انتصرت لذاتي

* وما ذلك الصوت؟
- الصوت الذي لا يهدأ، هو صوت الحزن الداخلي، الذي حاول أن يطفئ نور «خيال»؛ لكنها في لحظةٍ ما توهجت روحها، واستنارت إرادتها؛ ما جعل جميع من حولها في ذهول مما قامت به وأنجزته؛ لتعدد مهاراتها، فهي فنانة تجيد فنوناً عدة، وتحب الجمال والحياة، وأكملت طريقها لتقول للجميع من خلال إنجازاتها رسالة: «صحيح أن الأحداث التي مررت بي لم تكن سهلة، وكانت جبالاً على صدري، لكنني انتصرت لذاتي، واستكملت مسيرة حياتي بنجاح».

* إلى أي مدى وصلت جودة التعليم في الكويت؟
- لدينا إشكالية كبيرة في نظام التعليم، تكمن في جودته ونوعيته؛ قياساً بمستوى المعارف والمهارات على مستوى طلبتنا في دولة الكويت. فالعائد على الاستثمار في التعليم لدينا، قياساً بمؤشرات التنمية الاقتصادية في دول العالم يعد منخفضاً. 

* ماذا عن تجربة التعليم الإلكتروني؟
- التعليم الإلكتروني كان وسيلة لإنقاذ الموقف أثناء جائحة «كورونا»، لكن لا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل وأساسي كعملية صحيحة للتعليم، فحدوث «الجائحة» فرض علينا اعتماده كوسيلة لاستمرار العملية التعليمية، وللمحافظة على سلامة وصحة الطلبة، خاصة مع امتداد «الجائحة» لفترة زمنية طويلة نسبياً .

  • العملية التعليمية مسؤولية المجتمع

* تقولين إن تطوير العملية التعليمية مسؤولية المجتمع.. كيف؟
- التعليم مسؤولية المجتمع بمختلف مؤسساته، إذ يشترك فيها الطالب والمعلم والهيئة التعليمية. التعليم لا يقتصر على المفهوم المحدود بالتدريس في المدارس والجامعات، فالتعليم والعلم هما الحياة والمستقبل والتنمية والرؤية والرسالة والقيم والمبادئ والأخلاق. 

* ما خطوتك القادمة؟
- لديَّ العديد من الأهداف، التي حققت الكثير منها، فإذا كان الإنسان مؤمناً بشيء ما؛ فيمكن للعقل تحقيقه. ولديَّ ثقة في نفسي بأن هناك الكثير من الأهداف القادمة، التي سأحققها، كما لديَّ الكثير من المشاعر الإيجابية، وتلك المشاعر تقودني إلى صقل مهاراتي.

* بماذا تختمين حديثك؟
- نحن نكبر في كل ساعة تمضي من حياتنا؛ فلنجعل كل ساعة تمضي يكبر معها وعينا وإدراكنا، وأن نستشعر جمال النعم المحيطة بنا، ولنستثمر كل تجربة تمر علينا في هذه الحياة، ونحولها إلى وسيلة تجعلنا أكثر نضجاً؛ لتقودنا إلى أماكن جديدة، لم نتخيل أننا يوماً ما قد نصل إليها.

  • نستشعر جمال النعم المحيطة بنا