مريم بن الشيخ: الإنجازات الكبرى تبدأ بفكرة خارج الصندوق

طموح والتزام يتجسدان في مسيرة الإماراتية مريم بن الشيخ، مديرة مجلس سيدات أعمال الشارقة، التي ساهمت في تعزيز مكانة المجلس، ودوره المستدام في تمكين المرأة الإماراتيّة، وفق منهج متكامل لتحقيق احتواء شامل للمرأة في الاقتصاد المحلي، ويضمن دعمها وتطوير مهاراتها، وتعزيز قدرتها على المنافسة، من خلال تحسين ا

طموح والتزام يتجسدان في مسيرة الإماراتية مريم بن الشيخ، مديرة مجلس سيدات أعمال الشارقة، التي ساهمت في تعزيز مكانة المجلس، ودوره المستدام في تمكين المرأة الإماراتيّة، وفق منهج متكامل لتحقيق احتواء شامل للمرأة في الاقتصاد المحلي، ويضمن دعمها وتطوير مهاراتها، وتعزيز قدرتها على المنافسة، من خلال تحسين الأداء، وجودة الخدمات والمنتجات.

في هذا الحوار الذي خصت به مجلة «زهرة الخليج»، نستعرض مسيرتها ورؤيتها لتمكين المرأة اقتصادياً، وأثر ذلك في التنمية الشاملة بالدولة، والنهج الذي يتبناه المجلس لتحفيز رائدات الأعمال، وفتح آفاق جديدة أمامهن للفرص والإمكانات المستقبلية.. وتالياً نص الحوار:

  • الإماراتية مريم بن الشيخ

درستِ تخصص «العلاقات الدولية»، فما سر تحولكِ إلى مجال ريادة الأعمال؟

أومن بأهمية تخصص «العلاقات الدولية»، ودوره الرئيسي في دعم جميع القطاعات التنموية، ومن هنا جاء اختياري لدراسته بالجامعة الأميركية في الشارقة. أتاحت لي دراستي الأكاديمية تطوير مهاراتي في التواصل والتفاعل، وتبادل الأفكار والرؤى والتجارب الناجحة والخبرات، والاطلاع على أفضل الممارسات. بعد تخرجي في الجامعة، عملت بالعديد من المناصب في «هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير» (شروق)، واكتسبت خبرة كبيرة، وترسخت قناعتي بأهمية تمكين المرأة اقتصادياً، ومساعدتها على الاستفادة من الفرص الكبيرة التي تقدمها إمارة الشارقة، و«مجلس سيدات أعمال الشارقة»، وهذا هو سبب انتقالي إلى مجال ريادة الأعمال.

تغير إيجابي

عملتِ عضواً في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، بمنصب مقرر لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية.. كيف ساهم ذلك في صقل خبراتك؟

العمل عن قرب، في ساحة الاقتصاد، أتاح لي فرص الاستماع إلى رائدات الأعمال حول المشاكل، التي تعترض طريقهن، والتحديات التي يواجهنها. وخلال عملي في لجنة مسؤولة عن السياسات الاقتصادية لإمارة الشارقة، حرصت على البحث عن السياسات التي يمكن تطبيقها لمساعدة ودعم رواد الأعمال بشكل عام، وسيدات الأعمال بشكل خاص. في هذه الفترة نمت خبرتي العملية على أرض الواقع بشكل كبير، من خلال التواصل المباشر مع رائدات الأعمال، وساعدني ذلك على اتخاذ القرارات الصحيحة، التي تصنع التغيير الإيجابي، وتدفع بمسيرة تقدم المجتمع وازدهاره.

  • تمكين المرأة اقتصادياً

اقتصادياً.. كيف يلعب تمكين المرأة دوراً في تعزيز التنمية الاجتماعية بالدولة؟

في الحقيقة، لا يمكن لأي مجتمع في العالم أن يحقق التنمية الاجتماعية المستدامة دون تمكين المرأة اقتصادياً؛ لأن المرأة تمثل نصف المجتمع وجوهره، وتمكينها عامل أساسي من عوامل تعزيز قدرته على النجاح والتقدم، وصناعة التغيير واتخاذ القرار، وهذا - بدَوْره - يرتقي بدورها في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة بدولة الإمارات، ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، وإنما على الصعيد الاجتماعي أيضاً. لهذا، حرصت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات على سنّ سياسات وتشريعات، تتبنى مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، بما يساهم في تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، وتعهدت بالعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة، لاسيما الهدف الخامس، الذي يدعو إلى منح المرأة حقوقاً متساوية في الموارد الاقتصادية، وضمان التحكم في جميع أشكال الملكية والخدمات المالية، وفقاً للقوانين الوطنية.

بيئة محفزة

كيف يواكب «المجلس» توجهات الدولة في تحفيز النساء على تبني المشروعات المعنية بالاستدامة؟

إقامة بيئة محفزة وملهمة لسيدات الأعمال، هو عنوان رئيسي للمجلس في مسيرته منذ التأسيس؛ لهذا يلتزم بتقديم الدعم إلى كل منتسباته، وهن أكثر من 2000 سيدة أعمال، و1200 منهن إماراتيات، ويحرص على تمكينهن، ويتيح لهن فرص الدعم والتدريب في أكثر من 37 قطاعاً، ويشجعهن على مواكبة التطورات التكنولوجية، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والاستثمار فيها، تماشياً مع الرؤية الوطنية لدولة الإمارات بتعزيز مرونة الاقتصاد المحلي واستدامته، وتهيئته لمواجهة التحديات العالمية، والتغلب عليها. 

ما دوركم في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال بين المجتمع النسائي؟

بكل تأكيد نسعى، باستمرار، إلى نشر ثقافة ريادة الأعمال بين السيدات في الشارقة ودولة الإمارات، ولا ندخر جهداً في إطلاق الحملات والمبادرات، آخرها إبرام «مجلس سيدات أعمال الشارقة»، للعام السادس على التوالي، شراكة رسمية مع معرض «إكسباند نورث ستار 2023»، الذي أقيم مؤخراً، حيث دعم المجلس مشاركة ثماني شركات لمنتسباته في المعرض، موفراً لها فرصة التأهل تلقائياً للتنافس في مسابقة «تحدي سوبر نوفا»، ثالث أكبر صندوق لتمويل الشركات الناشئة في العالم، ويبلغ مجموع جوائزها 200 ألف دولار. ونفخر بكون «مجلس سيدات أعمال الشارقة» من الداعمين الرئيسيين لمسابقة «تحدي سوبر نوفا»، من خلال جائزة قدرها 10 آلاف دولار، يقدمها “المجلس” إلى فئة «أفضل شركة ناشئة تملكها سيدة».

نمو لافت

ما مدى إقبال المرأة الإماراتية على مجال ريادة الأعمال؟

في الحقيقة، يشهد إقبال المرأة الإماراتية على عالم ريادة الأعمال نمواً لافتاً، وقد أشار تقرير «الشركات المملوكة للنساء في دولة الإمارات العربية المتحدة.. فرصة ذهبية»، الذي صدر بالتعاون بين «نماء» للارتقاء بالمرأة، و«هيئة الأمم المتحدة للمرأة»، إلى ازدياد عدد رائدات الأعمال الإماراتيات، حيث شهد عام 2021 امتلاك 25 ألف رائدة أعمال إماراتية 50 ألف ترخيص تجاري، بلغت قيمتها 60 مليار درهم، مقارنة مع عام 2019، الذي سجل إدارة 23 ألف سيدة أعمال شركات بقيمة 50 مليار درهم.

  • نمو لافت

من خلال خبراتك.. كيف تدخل المرأة مجال ريادة الأعمال، ومن أين تبدأ؟

تبدأ الإنجازات الاقتصادية الكبرى بفكرة خارج الصندوق، حيث يمكن أن تحاول المرأة التغلب على مشكلة في المجتمع، أو تقديم حلٍّ لم يكن موجوداً من قَبْلُ، أو معالجة فجوة في السوق، حيث يمكن أن تمتلك المرأة شغفاً بشيء معين تحبه، وتقضي طوال وقتها بالتفكير في هذا الموضوع أو هذه الفكرة، وتبدأ فكرتها بالتبلور حول الانطلاق في رحلة ريادة الأعمال. أما الشق الثاني من السؤال؛ من أين تبدأ الرحلة؟ فنحن في «مجلس سيدات أعمال الشارقة» نمكن السيدات من ناحية تطوير أعمالهن، إذ يمكن للمرأة أن تمتلك مشروعاً، لكنها قد تكون بحاجة إلى المساعدة في الحصول على الترخيص، أو أن الإجراءات غير واضحة بالنسبة لها، وفي هذه الحالة نحرص على تقديم الدعم الذي تحتاج إليه.

فكرة مبتكرة

كيف للمرأة أن تختار المجال الذي تنطلق منه؟

الشغف يلعب الدور الأساسي، فلا ينبغي أن تفكر المرأة في افتتاح مشروع لأن صديقتها أطلقت مشروعاً، وبدأت تحقق الأرباح؛ وتريد أن تفتتح المشروع نفسه، إذ يجب عليها ألا تطلق مشروعاً بهدف التقليد وحسب، لأن ذلك سيكون طريقاً لفشل هذا المشروع، ولن يستطيع البقاء. لكن في حال بدأ المشروع بشغف، أو بهدف تقديم خدمة أو فكرة مبتكرة، أو معالجة مشكلة أو خلل معين في المجتمع، فمن هنا تبدأ المرأة رحلتها إلى عالم ريادة الأعمال، لأنها ستثري المجتمع وستؤثر فيه، وستسهم في تقدمه وتطوره، والارتقاء بجودة حياته.

ما أبرز التحديات، التي تواجه النساء الراغبات في إقامة مشروعات تجارية أو صناعية؟

يمكن تقسيم التحديات التي قد تواجه سيدات الأعمال إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى: قبل إطلاق المشروع، وتتمثل في: المعلومات المتعلقة بالسوق، ومعاملات تأسيس الشركات، وصعوبة الوصول إلى التمويل لتحويل الأفكار النظرية إلى شركة ناشئة، والمعارف والخبرات اللازمة لدخول عالم ريادة الأعمال. الثانية: بعد إطلاق المشروع، وتشمل: الموازنة بين الحياة المهنية والشخصية، وصعوبة التركيز على متطلبات ريادة الأعمال، وفي الوقت نفسه القيام بواجبات الحياة العائلية، وإعطاء الوالدين والزوج والأبناء حقوقهم كافة.

  • الشغف والطموح

شغف.. وطموح

ما أبرز الصفات، التي يجب أن تتحلى بها رائدة الأعمال الناجحة؟

هناك مجموعة من الصفات، التي يجب أن تتوافر لدى كل سيدة أعمال ناجحة، تبدأ بالشغف والطموح، فنسبة نجاح الإنسان في عمل يحبه أكبر منها في عمل لا يحبه، ثم الابتكار والأفكار الإبداعية التي تساعد سيدة الأعمال على النجاح. وكذلك المرونة والتكيف، ومواكبة التطورات، والنقد الذاتي، والاعتراف بالخطأ للتعلم منه، وتلافي تكراره، والحنكة التجارية لإجراء عملية قياس الأخطاء والمخاطر، وتجنبها قبل وقوعها، بالإضافة إلى الإيجابية والتفاؤل، وتعزيز العلاقات الاجتماعية والمهنية، وتكوين شبكة واسعة من الصداقات.

حدثينا عن أحلامك المستقبلية، وطموحاتك!

أطمح إلى أن تكون لديَّ القدرة على لعب دور في تقدم المجتمع وتطوره، وأن أغير حياة الناس إلى الأفضل، وأن أؤسس فريقاً من السيدات، وأن أعمل على تمكينهن، ومساعدتهن ليصبحن قياديات في المستقبل، وأن يعملن على تمكين القياديات اللواتي سيأتين بعدهن. أريد أن أكون قادرة على توفير بيئة إيجابية في الشركات، والمجتمع بشكل عام. لا يوجد عمل محدد يمثل أحلامي وطموحاتي، حيث يمكن أن أعمل بأي مجال، وسأجد الطريقة الصحيحة لتحقيق النجاح، وتعزيز جودة حياة الناس. حلمي أن يذكرني الناس بالخير للتأثير الإيجابي الذي أحدثته في حياتهم، وليس بسبب اسمي أو منصبي أو أي شيء آخر، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو على صعيد المجتمع والأصدقاء والعائلة، فهذا هو حلمي في الحياة.