مدينة زايد الرياضية.. تاريخ حافل بالإنجازات والإبداع

التراث ليس مقتصراً على الماضي البعيد، وإنما يمتد أيضاً إلى الوقت القريب. ومن هذا المنطلق، جاءت مبادرة الحفاظ على التراث الثقافي الحديث، التي أطلقتها، مؤخراً، دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وتشمل 64 معلماً وموقعاً ومبنى تراثياً حديثاً في الإمارة.. في هذه الزاوية نستعرض أهمها.

التراث ليس مقتصراً على الماضي البعيد، وإنما يمتد أيضاً إلى الوقت القريب. ومن هذا المنطلق، جاءت مبادرة الحفاظ على التراث الثقافي الحديث، التي أطلقتها، مؤخراً، دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وتشمل 64 معلماً وموقعاً ومبنى تراثياً حديثاً في الإمارة.. في هذه الزاوية نستعرض أهمها.

  • مدينة زايد الرياضية

منذ افتتاحها عام 1980، أصبحت مدينة زايد الرياضية رمزاً بارزاً للإرث الرياضي والترفيهي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

في البداية، كان استاد الشيخ زايد، كما كان يُعرف آنذاك، مسرحاً لمباريات كرة القدم الودية للمنتخب الإماراتي. وبعد عامين فقط، استضافت الدولة أول بطولة لها في كرة القدم، هي بطولة كأس الخليج السادسة للأمم، إيذانًا بفجر جديد من الأحداث الرياضية الكبرى على أرض الإمارات. ولم تكن مدينة زايد الرياضية مجرد مساحة رياضية فحسب، بل كانت أيضاً تحفة معمارية مميزة، إذ صممها المهندسون المعماريون الفرنسيون: هنري كولبوك، وبيار داليديه، وجورج فيليب، على هيئة كولوسيوم روماني دائري، تجسيدًا لرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في إبداع صرح رياضي استثنائي. ومع مرور الوقت، توسعت مدينة زايد الرياضية؛ لتصبح مجمعًا رياضيًا متكاملًا، يضم مرافق عالمية المستوى، فمن ملعب تنس، وملعب بولينغ، إلى حلبة للتزلج على الجليد، أصبحت المدينة وجهة مميزة للترفيه العائلي، وممارسة مختلف الرياضات.

قصة مبنى

وراء جدران مبنى الملعب الضخمة، يقف عالم آخر من الإبداع والإنجاز، وقصة لا بد أن تحكى. ففي عام 1975، بدأ التخطيط لمدينة رياضية متكاملة، تتضمن استادًا ضخمًا يتسع لـ30 ألف شخص. لكن رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كانت أكبر من ذلك بكثير، حيث تمت مضاعفة سعة الملعب في نهاية المطاف، لتصبح 60 ألفاً. وفي عام 1976، بدأت المرحلة الأولى من البناء بميزانية قدرها 500 مليون درهم. وبعد ثلاث سنوات، ظهر الاستاد عملاقاً ضخماً، يطلُّ من رمال الصحراء، لافتًا أنظار جميع المارة على طريق المطار القديم، بلونه البني، وتصميمه المعماري الفريد، فمنحدراته الـ57 الطويلة والمائلة تجعله يبدو مثل تاج موضوع على أرض جرداء، بينما تبدو واجهة الملعب، ذات الأضلاع المتعددة، كأنها جزء داخلي لمركب شراعي. وتحيط برك المياه، والأشجار، بالمكان ما يضفي عليه مزيدًا من الجمال والهدوء. ومنذ اللحظة الأولى، التي ترى فيها المبنى، ينتابك شعور بالرهبة والدهشة، فجدرانه الضخمة، ذات الأقواس الرومانية المتكررة، تبدو كأنها تفتح ذراعيها لاستقبال الزوار، ثم تضيق المنحدرات مع اقترابها من البوابات، ما يضفي على المكان مزيدًا من الغموض والجاذبية. 

ولم يتوقف الإبداع عند حدود الاستاد، بل قامت دائرة تخطيط أبوظبي بتوسيع المدينة الرياضية بعد الانتهاء من بنائها، فخصصت 500 مليون درهم إضافية لبناء قرية رياضية تتسع لحوالي 700 رياضي، وصالة مغلقة للألعاب الرياضية، وحوض سباحة أوليمبي، وصالة ألعاب متعددة، وملعب تنس، وقاعة اجتماعات، ومطعم، ومقاهٍ، ومبنى خدمات اجتماعية، ومركز ثقافي.

  • تاريخ حافل بالإنجازات والإبداع

أكثر من مجرد ملعب

لم تقتصر إنجازات مدينة زايد الرياضية على الجانب الرياضي فقط، بل كانت وجهة ثقافية وترفيهية، استضافت العديد من الفعاليات المتنوعة، مثل: فعالية أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي، وعروض موسيقية لفنانين عالميين منهم: بون جوفي، وجورج مايكل. كما امتلأ الاستاد بكامل طاقته لاستقبال البابا فرنسيس، خلال زيارته الأولى للإمارات العربية المتحدة في فبراير 2019. كذلك، ظهرت صورة الاستاد على العملة الإماراتية فئة الـ200 درهم، ما يدل على مكانته المرموقة في ذاكرة الإماراتيين.

تطور مستمر

حرصت إدارة مدينة زايد الرياضية على مواكبة التطور والتجدد، فتم إجراء العديد من التحسينات والتجديدات على الاستاد على مر السنين، لضمان استضافته الأحداث الدولية الكبيرة. وشملت هذه التحسينات مناطق الضيافة، ومقاعد الشخصيات المهمة، والإعلام، بالإضافة إلى لوحتَيْ تسجيل جديدتين، أسهمتا في تخفيض سعة الملعب إلى 43791 مقعداً. 

اليوم، تقف مدينة زايد الرياضية رمزًا للإرث الرياضي والثقافي العظيم لدولة الإمارات العربية المتحدة، وشاهدةً على 4 عقود من الإنجازات واللحظات الحاسمة، التي أثرت في مسيرة الرياضة والترفيه بالدولة.

لذلك، إن زيارة مدينة زايد الرياضية ليست مجرد تجربة رياضية أو ترفيهية عادية، بل هي رحلة عبر تاريخ حافل بالإنجازات والإبداع، وتجسيد لرؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ببناء صرح رياضي يُخلّد ذكراه للأجيال القادمة.