شيخة البوداري: رمضان يعيد الحنين إلى الماضي ويحيي التقاليد

يهلّ علينا شهر رمضان المبارك، ليبث الراحة والطمأنينة في قلوبنا، مصطحباً معه أجمل العادات والتقاليد والعبادات التي تقربنا من الخالق عزَّ وجلَّ، وينفرد الشهر الفضيل بطابعٍ فريدٍ وخاص في دولة الإمارات على وجه التحديد، حيث الأجواء الدافئة المميزة. هنا، تحدثنا شيخة صالح البوداري، «حامية التراث» من مركز ا

يهلّ علينا شهر رمضان المبارك، ليبث الراحة والطمأنينة في قلوبنا، مصطحباً معه أجمل العادات والتقاليد والعبادات التي تقربنا من الخالق عزَّ وجلَّ، وينفرد الشهر الفضيل بطابعٍ فريدٍ وخاص في دولة الإمارات على وجه التحديد، حيث الأجواء الدافئة المميزة. هنا، تحدثنا شيخة صالح البوداري، «حامية التراث» من مركز الصناعات التراثية والحرفية، التابع للاتحاد النسائي العام، عن بعض العادات والتقاليد الإماراتية خلال رمضان، وأبرز تفاصيلها، والطقوس الأصيلة لاستعدادات الأسر الإماراتية لاستقبال شهر رمضان حتى توديعه، واستقبال عيد الفطر المبارك.

  • شيخة البوداري

وأكدت أمنا شيخة البوداري، في حوارها مع مجلة «زهرة الخليج»، أن العادات الرمضانية في الإمارات تقاليد أصيلة تتوارثها الأجيال، ولم يطرأ عليها تغير كبير منذ أجيال، فهي نفسها مظاهر فرح الصغار، والتكافل الاجتماعي، وصلة الأرحام، التي تعيد الجميع إلى أجواء الماضي، بدفئه وتسامحه وأصالته، ولا يزال التزاور بين الأهل والجيران من أبرز العادات الباقية حتى اليوم، مشيرة إلى أن المجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات تمسكاً بالعادات والتقاليد، وأكثر حرصاً على الحفاظ على تراثه وهويته الوطنية، ويظهر ذلك جلياً في ما يخص تلك العادات المرتبطة بشهر رمضان.. وتالياً نص الحوار:

  • شهر رمضان في الإمارات

يرتبط شهر رمضان في الإمارات بالكثير من العادات والتقاليد المحلية.. حدثينا عن ذلك! طقوس استقبال شهر رمضان تنطلق منذ ليلة النصف من شعبان، التي نطلق عليها «حق الليلة»، حيث قضت العادة في الإمارات، قديماً، أن يتجمع الأطفال بعد صلاة المغرب بملابسهم التقليدية (البنات بالملابس المطرزة، والصبيان بـ«الكندورة» والطاقية المطرزة بخيوط الذهب)، ويحملون حول رقابهم كيساً من القماش يسمى «الخريطة»، ويمشون جماعات تتوقف على البيوت، وتبدأ ترديد الأهازيج؛ لحث أهل البيت على منحهم المكسرات والحلويات، وهم ينشدون: «عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم».

الذاكرة الشعبية الإماراتية تحفل بمئات القصص والحكايات عن رمضان، فما أبرزها؟

هناك العديد من المشاهد العالقة بذهني، ولعل أبرزها: طلقات المدافع، ومسيرات العبادة والفرح، بدءاً من ألعاب الأطفال الشعبية، وانتهاء بقيام الليل، وقراءة القرآن الكريم، ومحاولات ختمه مراراً وتكراراً. كما كانت للأطفال أجواؤهم الخاصة، فهو الشهر الوحيد الذي يُسمح لهم فيه بالخروج من البيت واللعب بعد صلاة المغرب، ولرمضان ألعابه الخاصة، ومنها: «عُظَيم لوّاح، والمدفع، وعمبر، ويوريد، والهول».

  • تجهيز المجالس لاجتماع العائلة والجيران

صلة الرحم

كيف يتم استقبال الشهر الفضيل؟

كانت الأسر، سابقاً، تستعد قبل أيام من الشهر الفضيل بتحضير مستلزماته، وتجهيز المجالس لاجتماع العائلة والجيران، ثم شراء وتجهيز «المير»، وهو عادة إماراتية أصيلة، تقدم فيها الهدايا إلى الأهالي والأصدقاء، كنوع من صلة الرحم، كما تتم تهيئة المنزل بأبهى حلة لاستقبال الشهر الفضيل. 

ماذا عن سمات وجبة الإفطار؟

وجبة الإفطار كانت بسيطة وخفيفة، إذ يتناول الصائمون التمر واللبن، ويذهب الرجال إلى المسجد، وكل واحد منهم يحمل طبقاً، أو مجموعة أطباق، وبعد انقضاء الصلاة يجتمع المصلون في رواق المسجد الخارجي، صغاراً وكباراً، ليتناولوا شيئاً قليلاً من المائدة العامرة، ويدعون كلَّ من يمر بهم؛ لمشاركتهم مائدة الخير والبركة. أما النساء، فيصلين في البيت، ويتناولن شيئاً مما أعددنه ولا يكثرن، ثم يعود الزوج إلى البيت فيشرب بعضاً من الشاي أو القهوة، ثم يستعد الجميع لصلاة العشاء، وصلاة التراويح. وبعد سماع الأذان، يذهب جميع أفراد الأسرة إلى المسجد، ويصلون العشاء والتراويح، ويعودون بعدها، لتعد النساء طعام العشاء، وهي عادة إماراتية شهيرة، ويتناول الجميع العشاء، وبعض الأطباق الحلوة، مثل: «الساقو، والعصيدة، واللقيمات، والخبيص».

ماذا عن وجبات السحور؟

السحور يقتصر على التمر أو الرطب واللبن والكامي والماء، وقد يأكل البعض العيش (الأرز). ولا تكاد تخلو المنازل والمطاعم من الأكلات الشعبية، مثل: المجبوس، والثريد، والبرياني، واللقيمات، إضافة إلى الهريس الذي يعد الصحن المفضل على مائدة الإفطار في الإمارات.

  • استعدادات مميزة

استعدادات مميزة

ما أهم الطقوس، التي تميز العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل؟

تحظى العشر الأواخر من شهر رمضان بكثرة العبادات، حتى يقترب عيد الفطر المبارك، الذي تستقبله الأسرة الإماراتية بمظاهر مميزة، وكما استقبلت شهر رمضان بالبهجة والاحتفال، فإنها تودعه بشوق وحنين للقائه في العام التالي. ومع وداع شهر الصيام، تبدأ طقوس استقبال العيد ببهجة وسعادة، وتفاؤل بتقبل المولى، عزَّ وجلَّ، من الصائمين صالح أعمالهم.

ماذا عن طقوس استقبال العيد؟

تبدأ هذه الطقوس بتحضير حلوى العيد الشهيرة (كعك العيد)، أو «المعمول» المحشي بالتمر، أو المكسرات، أو «العجمية»، وغيرها من الحشوات المختلفة، التي يشارك الكبار والصغار في إعدادها، فهي متوارثة عبر الأجيال. ورغم انتشار محال صناعة هذه الحلوى، بكل أنواعها وأشكالها، فهناك أسر كثيرة تفضل صناعتها بالمنزل، حيث تجتمع نساء العائلة مع أطفالهن لتشكيل العجين، وزخرفته يدوياً، حسب الرغبة، ما يوحّد الجميع على مشاعر الترابط والمحبة؛ ابتهاجاً بالعيد.