ينفرد شهر رمضان المبارك، في دول الخليج العربي، بخصوصية حضارية وسلوكية جديرة بالاهتمام، تجسدها منظومة متكاملة من العادات والتقاليد، التي تعكس تقديس المسلمين لهذا الشهر الفضيل، وتأثيثه بممارسات ذات طابع تعبدي وسلوكي واجتماعي واقتصادي، وسياحي أيضاً.

وتشتهر دول الخليج، المعروفة بثقل موروثها الحضاري، وتنوع روافدها الثقافية، بموائدها التي تحتوي على ما لذَّ وطاب من الأطعمة الرمضانية المختلفة، خاصة تلك التي تعبر عن الموروث الثقافي العربي والخليجي.

في هذا الحوار، تصحبنا الشيف الكويتية، جميلة اللنقاوي؛ لتحدثنا عن أشهر الأطباق، التي يكثر الإقبال عليها خلال الشهر المبارك على الموائد الخليجية، وسبب تمسكنا بهذه الأطباق التراثية، وحضورها بقوة على السفرة الخليجية في الشهر المبارك، وأفضل أطعمة السحور؛ فكان هذا الحوار:

لماذا يرتبط شهر رمضان المبارك بأطباق محددة؟

الأطباق الرمضانية لها سمة مميزة بالفعل، فقد ابتكرها أجدادنا لتعينهم على ساعات الصيام الطويلة، وتساعدهم على مقاومة الشعور بالعطش، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في دول الخليج، الذي يصاحبه طول ساعات الصيام في بعض الأعوام، حيث كانت الجدات يقمن بإعداد هذه الأطباق الخاصة بشهر رمضان بذكائهن الفطري. أما اليوم، ومع تطور العلم الحديث، فقد أدركنا سبب ظهور تلك الأطباق بشكل خاص في رمضان؛ فزاد تمسكنا بها؛ لما وجدناه من أثر نافع لها على الصائمين، وإعانتهم على الصيام.

نكهات خليجية

ما أشهر هذه الأطباق؟

يعتبر الجريش من أشهر الوجبات الخليجية، الحاضرة بقوة على موائدنا الرمضانية. ويمكن أن يتم طهيه باللحم أو الدجاج، ويعتبر وجبة متكاملة تمد الصائم بالعناصر الغذائية التي يحتاج إليها، وتُشعره بالشبع لوقت طويل، كذلك يكثر الإقبال على تناول الشوربات خلال رمضان، ويفضل البدء بها بعد تناول التمر؛ لتهيئة المعدة بعد صيام طويل، قبل تناول الطبق الرئيسي، ومن أكثر الشوربات طلباً على الموائد الخليجية في رمضان: شوربة العدس، وشوربة الهريس. كذلك التشريبة، وخبز العروق، من الأطباق التي يحب الخليجيون تناولها، خلال الشهر الفضيل. ويكثر، أيضاً، الطلب على السمبوسة بأنواعها، والكبب، التي يتخللها بعض الاختلافات من دولة إلى أخرى.

ماذا عن وجبة السحور؟

تفضل الأسر في دول الخليج تناول الروب أو الزبادي مع الأرز (العيش) في وجبة السحور، وكذلك شرب اللبن مع التمر، أو الروب مع الخيار، وسلطة الزبادي، والأجبان، والسلطات المختلفة، التي تكون حاضرة بقوة، حيث تعمل هذه الأطعمة على منح الجسم الترطيب لمدة طويلة؛ فلا يشعر الصائم بالعطش الملازم للأجواء الحارة، التي تتسم بها دول الخليج.

حدثينا عن الغبقات الرمضانية!

«الغبقة» عادة رمضانية قديمة، وليست مستحدثة كما يعتقد البعض، إذ يتزاور فيها الأهل والجيران والأصدقاء، لكن طرأت عليها بعض الاختلافات بحكم التطور والحداثة، فهي وجبة بين الفطور والسحور، يتناول فيها الأشخاص بعض الأطعمة الخفيفة، وتكثر فيها التجمعات العائلية، ويكون وقتها بعد أداء صلاة التراويح، فيتناولون أنواع الكبب المختلفة والسمبوسة والمعجنات بأنواعها، وكذلك تتنوع خلالها أطباق الحلويات، التي يتفنن كل بيت فيها، وتقدم مع القهوة العربية، أو الشاي بالهيل والزعفران. 

  • اللقيمات

الحلويات المفضلة 

ما أكثر الحلويات، التي تتميز بها جميلة اللنقاوي، خلال الشهر الفضيل؟

اللقيمات تعد البطل الأول في الحلويات الرمضانية، فلا يختلف عليها اثنان، كذلك الكنافة والقطائف والبسبوسة والبقلاوة، و«صب القفشة»، كلها من الحلويات التي يزيد تناولها في رمضان، بالإضافة إلى المهلبية بنكهاتها المتعددة، فهي خفيفة ومغذية ومفيدة في شهر الصيام، وغيرها من الحلويات التي يكون الهيل والزعفران حاضرين فيها بقوة، باعتبارهما من النكهات المميزة لدول الخليج.

اذكري لنا بعض المشروبات الرمضانية!

أذكر منها: قمر الدين، وشراب الورد، والخشاف المكون من الفواكه المجففة. ورغم اشتياقنا جميعاً إلى تلك المشروبات الرمضانية؛ فأنا أفضل استبدالها بالعصائر الطبيعية، مع مراعاة عدم الإكثار منها أيضاً؛ لأن العصائر والمشروبات الرمضانية مليئة بالسكر والسعرات الحرارية المرتفعة، التي تؤدي إلى زيادة الوزن دون فائدة غذائية كبيرة، والأفضل استبدالها بالفاكهة للحصول على الألياف.

ما النصيحة، التي تودين إهداءها إلى الصائمين؟

من المهم أن نتذكر أن رمضان ليس شهراً للأكل والشرب، فهو شهر العبادة، والتقرب إلى الله، وعلى الصائمين أن يوازنوا بين اشتياقهم للأطعمة والمأكولات التي لا نأكلها إلا في رمضان، وبين تجنب التخمة وعسر الهضم، فقد أمرنا الله بأن نأكل ونشرب دون إسراف، وإذا كان ذلك في حياتنا بشكل عام، فمن باب أولى ألا نسرف في الأكل والشرب خلال رمضان حتى لا نصاب بالتخمة؛ فيكون ذلك عائقاً عن أداء العبادة، لذا يجب أن نأكل ونشرب باعتدال.