كلُّ امرأة تعد زهرة نادرة لا تشبه أحداً، خصها الله بميزات وسمات، كونت منها هذا المخلوق القوي بلطفه وعاطفته، لتتوازن بها كفة الحياة، ويُستكمل بها استمرار الخليقة. ومع الدكتورة عذاري الفضلي، اختصاصية العلاج النفسي الإكلينيكي، كان هذا الحوار:

  • الدكتورة عذاري الفضلي

ما علاقة المرأة بفصل الربيع، وتفتح الأزهار؟

الربيع فصل الجمال، وكل امرأة زهرة متميزة، ولا أريد أن أثني على المرأة؛ فأفعالها أبلغ من ذلك. لكن كل امرأة تستحق الاحترام والتقدير؛ وليس هذا تحيزاً، وإنما بأفعالها المشرفة، ومواقفها وثباتها في أقسى الظروف، لأنها تقوم يومياً بأدوار بطولية، أماً، أو أختاً، أو زوجة، أو ابنة. وفي كل مهنة سامية تقوم بها، طبيبةً ومعلمةً وربةَ بيتٍ؛ فهي «الدينامو» المحرك للحياة؛ فالمرأة والربيع كلاهما سبب لنشر البهجة والفرح والسعادة؛ فطاقة الأنوثة تتواءم مع طاقة فصل الربيع.

طاقة الأنوثة

ما المقصود بطاقة الأنوثة؟

طاقة الأنوثة ليست مظهراً خارجياً، يختزل في التزين وإبراز الجمال، وإنما تكمن في السمات الشخصية، فكلما تحلت بها المرأة كانت أكثر أنوثة وجمالاً وقوة؛ فاللطف والرقة والحياء والهدوء والرزانة والاهتمام والعناية كلها صفات أنثوية. وبمجرد أن تحترم المرأة ذاتها، وتقدر نفسها، وتفخر بدورها في المجتمع، تُبرز قوتها التي تظهر مباشرة في مظهرها، وثقتها بنفسها. فقوة المرأة في تفردها بصفات لا يمتلكها الرجل، فهي تتمتع بالذكاء العاطفي والاجتماعي. وفي النهاية، يكمل بعضنا بعضاً، فالعلاقات الإنسانية مبنية على التكامل لا التفاضل، وحينما تتخلى المرأة عن صفاتها الأنثوية؛ فإنها تتخلى عن مصدر قوتها.

هل المطالبة بالمساواة تعني التخلي عن الأنوثة؟

نساء كثيرات يعتقدن أننا حينما ننادي بالمساواة، ونطالب بحقوق المرأة، نريد من المرأة أن تلبس ثوب الرجل، وتتبنى صفاته، وهذا مفهوم خاطئ تماماً، والسبب في ذلك هو التنشئة في مجتمع ذكوري، ربط لنا القوة بصورة الرجل، وكل ما يقوم به، مع أن الحقيقة غير ذلك؛ فقوة المرأة تكمن في أنوثتها التي فطرها الله عليها، ولكل من الرجل والمرأة دوره في الحياة، وكلاهما يكمل الآخر، وكلما اقتربت المرأة أكثر من طاقتها الأنثوية كانت أكثر قوة.

بعض النساء يتقمصن صفات الرجال، فما نتائج ذلك؟

هناك أعراض ســلبية كثيرة، تحدث نتيجةً لذلك، منها: القلق والتوتــر والاكــــتئـاب، والصراع الداخلي، والتعـــب الجسدي، والإنهاك النفسي، والتشتت وعدم التركيز، وبذل مجهود كبير لتحقيق المسؤوليات التي حمَّلت نفسها بها؛ لتقوم بدور المــــرأة والرجل في الوقت نفسه، فهناك نساء حمَّلن أنفســـــهن أدواراً ومســـــؤوليات، لا يمكنهن الوفاء بها. 

ما سبب ذلك؟

السبب في ذلك هو الصور الذهنية، التي كونها المجتمع والإعلام عن المرأة الكاملة، أو القوية، أو المستغنية، أو الـ«Superwoman»، فهذه النسخة غير حقيقية، وغير واقعية، وهي مضادة للفطرة؛ فجميعنا بحاجة إلى من يساعدنا، ويدعمنا، في مسيرتنا.

ما السبيل إلى مساعدة كل امرأة تتبنى هذا النهج في التفكير؟

لا بد أن تتعلم المرأة كيف تكوّن لنفسها شبكة دعم إيجابي على جميع المستويات، وفي مجالات الحياة كافة، وألا تقتصر على الأسرة والأصدقاء، وأن تستعين بالمتخصصين في جميع المجالات لإنجاز مهام الحياة، لتركز هي على مهـــــامها وأدوارها الأســــاسية، وتترك الأمور الفرعية لمن يجيدها، فلكل إنسان دور ومسؤوليات في هذه الحياة يجب أن يقـــوم بها؛ لتتوازن معادلة الحياة، وعلى المرأة أن تتطور وتوسع شبكة العلاقات الداعمة لها؛ لتصل إلى ما تريد، بذكاء وبأقل مجهود. 

حب الذات

هل يؤثر فصل الربيع في طاقة الأنوثة؟

على المرأة أن تجدد طاقتها بشكل يومي، وألا تنتظر يوماً معيناً أو مناخاً محدداً لتجددها، وألا تدع أي عامل خارجي يؤثر فيها، وعليها أن تكون دائمة التجدد والتألق، وأن يكون مصدر قوتها يشع من داخلها، من خلال تخصيص ساعة لذاتها يومياً. ويناسب فصل الربيع تكوين المرأة من حيث الجمال والبهجة، وتنوع ألوان الطبيعة، وتفتح الأزهار، لكن كما ذكرت، سابقاً، على المرأة أن تستمد دوماً قوتها من حبها لذاتها.

ما المقصود بحب الذات؟

حب الذات يأتي حينما تفهم المرأة ذاتها، وتحدد بالضبط مسؤولياتها، والأدوار المطلوبة منها، وتثق بنفسها وقدراتها. ويتمثل حب الذات، أيضاً، في تقبل المرأة نفسها كما هي بعيوبها ومحاسنها، وبنقاط قوتها وضعفها، وأن تعمل على إبراز نقاط قوتها، وفي الوقت ذاته تعمل على تحسين وتغيير نقاط ضعفها، وأن تتقبل كونها بشراً يخطئ ويصيب، وإذا أخطأت فلا تجلد ذاتها، بل تحاول أن تتعلم من الخطأ، وتنهض وتبدأ من جديد. وحب النفس والذات مصدر طاقة الأنوثة، وحب المرأة لذاتها يجعل لها بصمة تختلف عمن حولها، ويحولها إلى شخصية «كارزمية»، ينصت الكل لها، ويستمع ويستمتع بصحبتها؛ فيكون جمالها وحضورها مختلفين. لهذا، دوماً، أنصح المرأة بأن تحب نفسها، وتهتم بذاتها وتقدرها وتدعمها في كل وقت. ونصيحتي، دوماً، لكل امرأة: «كوني لطيفة مع نفسك، واحتضنيها، و(طبطبي) عليها وقت الخطأ قبل الإنجاز، فالأخطاء تعلمنا دروساً مجانية في الحياة، ولأنك لا تملكين أغلى من نفسك؛ فهي التي ستظل معك حتى النهاية».

  • عذاري الفضلي: كوني الأقوى بأنوثتك!

كيف يمكن أن تصل الأنثى إلى التوازن والسلام الداخليين؟

هناك مهارتان ذهبيتان، لا بد لكل أنثى أن تتعلمهما لتصل إلى التوازن والسلام الداخليين، ولتحقق أهدافها، ولتسعد في حياتها، هما: ترتيب الأولويات، وإدارة الوقت، فهاتان المهارتان تنقلان المرأة إلى حالة من الطاقة والحيوية، وتدخلانها في حيز الإنجازات، ولا بد لكل امرأة أن تتعلمهما من خلال العلم والمعرفة، وقراءة الكتب، والدورات التدريبية، لأنهما ستحدثان تحولاً كبيراً في حياتها. 

هل يوجد تمرين عملي، يدعم فهم المرأة لنفسها؟

هناك تمرين نستخدمه لذلك، حيث تقوم المرأة بإحضار ورقة وقلم، وتبدأ بكتابة 6 أدوار أساسية في حياتها، وتكتب وصفاً لكل دور، والقيمة التي يمثلها هذا الدور في حياتها، وتدون رمزاً يعبر عن هذا الدور بالنسبة لها. بعد ذلك، تقوم بتحويل ما كتبت إلى خريطة ترتب فيها هذه الأدوار بحسب أولوياتها، وتخصص لكل دور الوقت اللازم للقيام به، ومن خلال تلك الخريطة سترتب ذهنها، وستُبرز لنفسها أهميتها في هذه الحياة، وستعينها هذه الخريطة على فهم ذاتها ودعمها بشكل أفضل.

ما النصيحة التي تودين تقديمها إلى المرأة؟

أقول لها: انتبـهي جيداً إلى حوارك الذاتي مع نفسك؛ فهو وسيلتك الأقوى؛ لتصنعي منك أفضل امرأة، وكوني نفسك فأنت نسخة فريدة في هذا الكـــون، لا شبيه لك.