ليلى عبد اللطيف: حولت شغفي بالاستدامة لمهنة

تؤمن ليلى مصطفى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة، رئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25، بأهمية وجود مجتمع مدني نشط يقدّر الصلة الحيوية بين الطبيعة والإنسان، ما دفعها لتقديم جل جهودها خلال مسيرتها المهنية المميزة التي بدأت منذ أكثر من 14 عاماً، محققةً نجاحات ثرية في قيادة جهود الجمع

تؤمن ليلى مصطفى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة، رئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25، بأهمية وجود مجتمع مدني نشط يقدّر الصلة الحيوية بين الطبيعة والإنسان، ما دفعها لتقديم جل جهودها خلال مسيرتها المهنية المميزة التي بدأت منذ أكثر من 14 عاماً، محققةً نجاحات ثرية في قيادة جهود الجمعية في الابتكار والتعاون الاستراتيجي بين أصحاب المصلحة المتعددين لضمان تحقيق تأثير نوعي على نطاق واسع للأنشطة المتعلقة بالمناخ والطبيعة. كان لمجلة «زهرة الخليج» الحوار التالي للتحدث عن جوانب متعددة من مسيرتها المشرفة بالمجال البيئي.

اهتمامك بالبيئة لم يكن وليد المهنة، بل سبقته دراسة في هذا التخصص، ما الذي جذبك لهذا المجال الهام؟

نشأت في أسرة تقدر الطبيعة وتهتم بها، مثل معظم الإماراتيين، الذين ترعرعوا وهم يقدّرون النعم التي حبانا بها الخالق في دولتنا الحبيبة. كنت أقضي معظم عطلاتي الأسبوعية مع أسرتي في الطبيعة، مما أتاح لي فرصة التواصل معها وإدراك ضرورة الحفاظ عليها. كانت هذه التجارب مصدر إلهامي، حيث أدركت رغبتي القوية في أن ألعب دوراً مهماً في حماية هذا الكوكب، وليس أنا فقط، بل رغبت في إشراك الناس أيضاً. ولذلك درست العلوم البيئية في الجامعة الأمريكية بالشارقة، ورسخت شغفي بالبيئة والاستدامة. ساهمت فرصة عملي في جمعية الإمارات للطبيعة في تحول شغفي إلى مهنة وتحقيق مبادئي على أرض الواقع. 

  • جمعية الإمارات للطبيعة في خدمة المجتمع

تغيير نوعي

في هذا العام المميز عام الاستدامة، ما هو دور جمعية الإمارات للطبيعة في خدمة المجتمع المدني ورفع الوعي حول الاستدامة؟

إن إعلان عام 2024 عام الاستدامة للعام الثاني على التوالي بعد استضافة دولة الإمارات لـ«COP28» في العام الماضي، لهو تأكيد على ما تقوم به الدولة من بناء إرث باقٍ لما بعد كوب 28، ويبرهن على مصداقية التزام الدولة بالاستدامة بين المجتمع الدولي. وعلى المستوى المحلي؛ نتوقع أن يعزز عام الاستدامة الزخم المحلي نحو تحقيق استراتيجية الحياد المناخي 2050. في «عام الاستدامة» نعمل في جمعية الإمارات للطبيعة التي تعد الجمعية الخيرية الإماراتية غير الحكومية، وتعمل بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة إحدى أكبر منظمات الحفاظ على البيئة في العالم، على مواصلة دورنا الهام في إلهام كافة القطاعات وأطياف المجتمع لتحقيق تغيير نوعي على نطاق واسع، يضيف إلى مسيرة الجمعية في المُضي قدماً نحو مستقبل إيجابي تجاه الطبيعة. فنحن نعمل مع المجتمع من خلال عدد من المبادرات المجتمعية، نخلق بها فرص التطور بالتعاون مع هيئة البيئة أبوظبي، تلك المبادرات التي تتيح المجال أمام المجتمع للعمل يداً بيد مع الخبراء البيئيين على تنفيذ المشاريع البيئية، ليس فقط بهدف رفع الوعي بشأن الاستدامة وإتاحة الفرصة للمجتمع للقيام فعلياً وعلى أرض الواقع بدور هام في حماية كوكبنا، حيث يميل الإنسان إلى العناية بما يرى ويتواصل معه.

  • ليلى عبد اللطيف

احتفلت الجمعية في أواخر العام الماضي بعامها الـ23 عاماً، ماذا قدمت الجمعية خلال تلك الأعوام، وكيف قادت التغيير الإيجابي للحفاظ على التراث الطبيعي لدولة الإمارات؟

عملنا في جمعية الإمارات للطبيعة على مدار الـ 23 عاماً الماضية ولا زلنا نعمل على تنفيذ العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة والحد من التحديات التي تواجهها المنطقة، وبكل تأكيد، لا نقوم بذلك بمفردنا حيث يتطلب العمل المناخي التكاتف والمشاركة الفعالة من جميع قطاعات المجتمع وكذلك الأفراد والشباب، لذلك نحن نعمل مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع لتعزيز أجندة الاستدامة لدولة الإمارات، حيث تركز مشاريعنا على مجالات تتعلق بالطبيعة والحياة الفطرية والاقتصاد الأخضر والعمل المناخي والأمن المائي والغذائي وحشد المجتمع المدني.

تتخطى مسيرتك المهنية في هذا المجال الـ14 عاماً، هل لك أن تطلعينا على ما سبق إدارتك لجمعية الإمارات للطبيعة؟

انضممت إلى الجمعية بعد تخرجي في عام 2009، حيث قمت بالعمل في فريق الاستدامة. خضت تجارب متنوعة في مشاريع وفِرق مختلفة، حيث قمت بإدارة محفظة المناخ وتطوير السياسات القائمة على العلم. فيما بعد، توجهت إلى إدارة محفظة الحفاظ على الحياة البرية والتفاعل مع المجتمعات المحلية، ثم توليت قيادة فريق الاستراتيجيات والتأثير. بعد بضع سنوات، تسلمت مهمة إدارة فريق التمويل وتطوير الأعمال، وفي النهاية، شغلت منصب المدير العام للجمعية. وحالياً، يسعدني تولي رئاسة مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25 التابعة للصندوق العالمي للطبيعة.

فرصة عظيمة

تطلقون حملات توعية وفعاليات مجتمعية بصورة أسبوعية، هل لاحظتم زيادة وعي الشباب بأهمية الحفاظ على البيئة؟

نعم بالفعل، فالشباب هم سواعد الوطن القوية، ومستقبله الزاهر الواعد، بإمكانهم قيادة التأثير النوعي الذي نتطلع إليه، على نطاق واسع في جميع أنحاء الدولة وخارجها، كما نرى دولة الإمارات العربية المتحدة تولي اهتماماً كبيراً وغير مسبوق بالشباب، فهي أول دولة في العالم تستحدث وزارة للشباب، وقد خصصت لهم أيضاً مشاركة كبيرة وصوتاً مسموعاً في COP28، ولأن الاستدامة وتحدياتها ليست بالأمر الذي يمكن لمنظمة بمفردها أو كيان بمفرده التصدي لها والعمل على حلها، إنما هي أمر يتطلب تكاتف جميع الجهود، لذلك نحن في جمعية الإمارات للطبيعة نعمل مع شركائنا الاستراتيجيين على تقديم مبادرات وبرامج من شأنها فتح المجال أمام الشباب والناشئة للانخراط في الجهود البيئية التي ترفع مستوى وعيهم بالاستدامة وتحفزهم على تبنيها لتصبح منهجا لحياتهم اليومية، ليس فقط حياتهم بل أيضاً تمكينهم ليصبحوا قادة ومؤثرين، يحثون مجتمعهم وأسرهم ورفاقهم على حذو حذوهم والمشاركة في الجهود التي تهدف إلى دعم أجندة الاستدامة للدولة وإحداث تأثير نوعي على نطاق واسع لصالح الناس والكوكب على حدٍ سواء. نحن نرى بالفعل إقبال الشباب وحرصهم الشديد على المشاركة معنا والانضمام إلى فعالياتنا ومبادرتنا المختلفة، ليكون لهم دور أكبر وفرصة أعظم لتطبيق ما تعلموه، ودوماً يضعون الطبيعة ومصلحتها دوماً نصب أعينهم عندما يتخذون قراراتهم واختياراتهم.

  • المجتمع المدني دوره في حماية الطبيعة

برأيك كيف يحقق المجتمع المدني دوره في حماية الطبيعة؟

في جمعية الإمارات للطبيعة، بصفتنا جمعية نفع عام نؤمن بأن تمكين المجتمع هو عنصر أساسي لتحقيق الاستدامة لأن له دورا هاما في ذلك. فالمجتمع يتكون من الأفراد، ومنهم على سبيل المثال؛ الأم التي تستطيع أن تكون أكثر استدامة داخل بيتها وفي حياتها اليومية وتساعد أسرتها على ذلك، بل وتؤثر على مدارس أبنائها ليكونوا أكثر استدامة، وهناك الموظف والمدير والقائد وغيرهم ممن يمكنهم أن يطبقوا مبادئ الاستدامة داخل مكان عملهم وأيضاً داخل بيوتهم وفي محيط مجتمعهم. كما يمكن للمجتمع أن يكون حافزاً ومؤثراً في تغيير مسار عمل الشركات وحثهم على انتهاج الاستدامة ومبادئ الاقتصاد الدائري من خلال تحديد استهلاكهم للمنتجات التي تتبع تلك المعايير. كما من خلال ممارستهم لمبادئ الاستدامة بإمكانهم أن يكونوا قدوة تحتذى في مجتمعهم والعمل على رفع مستوى الوعي حول ما يمكن للأفراد أن يقوموا به لمكافحة التغير المناخي، بهذه الطريقة يمكنهم تحقيق تغيير كبير وعلى نطاق واسع. 

انتخبت رئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25، التابعة للصندوق العالمي للطبيعة، ما الدور المنوط بكم في هذا الملف؟

مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ25، هي شبكة مؤلفة من 25 مكتباً من مكاتب الصندوق العالمي للطبيعة، تهدف إلى تمكين النمو وفرص الابتكار التي تعزز نتائج جهود الحفاظ على الطبيعة. وأهداف Zero Extinction التي تحدد وتحمي الأنواع الرئيسية من الانقراض من خلال عكس التهديدات مثل التلوث البلاستيكي والنظام البيئي. ونعمل على انتهاج أحدث الأساليب العلمية للتصدي للتغير المناخي، وتعد أهم استراتيجية يمكن أن تساعدنا في التكيف مع المناخ والمرونة هي الطبيعة وقد تم الاعتراف بالحلول المستندة إلى الطبيعة من قبل اتفاقيات مختلفة كاستراتيجية رئيسية لمساعدتنا في التخفيف من حدة المناخ والتكيف معه، ويتماشى مع الهدف الوطني لحماية 30٪ من التنوع البيولوجي بحلول عام 2030، ومعترف به باعتباره التزاماً لا يتجزأ من المساهمات المحددة وطنياً في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتم دمج النظم البيئية الطبيعية ولا سيما النظم البيئية الساحلية للكربون الأزرق كعنصر من الالتزامات الشاملة لكل من التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه، وهي خطوة كبيرة إلى الأمام. 

كقيادية إماراتية شابة ناجحة، ما هو طموحك بخصوص الطبيعة؟

تتمثل طموحاتي في تحقيق رؤيتي ومبادئي، وهي أن يكون لدينا جميعاً وعي وتقدير واحترام كمجتمع نحو حقيقة لا جدال عليها، وهي أننا جميعاً معتمدون على الطبيعة لبقائنا وازدهارنا وللمساهمة في صحتنا واقتصادنا، وفي كل جوانب حياتنا. كبشر، يلزمنا التحول في أسلوب حياتنا وتبني ممارسات أكثر استدامة تظهر احترامنا لمواردنا وكل ممتلكاتنا.