حديقة الخالدية.. مكان ساحر يحمل ذكريات الأجيال

تعتبر الحدائق العامة في المدن ملاذاً يلتقي فيه الإنسان والطبيعة في تناغم ساحر يلامس القلوب ويغمرها بالسكينة والجمال. وحديقة الخالدية الواقعة في أبوظبي على شارع الخليج العربي في منطقة الخالدية، ليست استثناءً عن ذلك، فهي من أقدم الحدائق العامة في الإمارات، وواحدة من المساحات الخضراء التي توفر للسكان م

تعتبر الحدائق العامة في المدن ملاذاً يلتقي فيه الإنسان والطبيعة في تناغم ساحر يلامس القلوب ويغمرها بالسكينة والجمال. وحديقة الخالدية الواقعة في أبوظبي على شارع الخليج العربي في منطقة الخالدية، ليست استثناءً عن ذلك، فهي من أقدم الحدائق العامة في الإمارات، وواحدة من المساحات الخضراء التي توفر للسكان مكاناً للتنفس والتواصل مع الطبيعة وسط زحمة المباني الإسمنتية. ولعل قِدمها في المنطقة وارتباطها بمجتمع أبوظبي وذاكرته، جعل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، تختار حديقة الخالدية ضمن قائمة الحفاظ على التراث الثقافي الحديث، ما يعني وضع خط أحمر حولها يمنع إزالتها أو استبدالها بمرفق آخر. 

البداية

يقال إن حديقة الخالدية رأت النور عام 1974، ما يعني أن وجودها بعد ثلاث سنوات من إنشاء دولة الإمارات، دليل على الرؤية المستقبلية للمسؤولين في بناء المدن. فكما هو معروف، عند إنشاء أي مدينة أو تطويرها، لا بد من تخصيص مساحات خضراء وحدائق عامة تراعي احتياجات جميع فئات المجتمع لاسيما لناحية الترفيه والاسترخاء وممارسة الرياضة. واستناداً إلى ذلك، تم إنشاء حديقة الخالدية لتكون بمثابة نموذج أولي عن حدائق أبوظبي العامة التي أنشئت لاحقاً. 

بساطة التصميم

وجودها في الخالدية، في وقت بدأت هذه المنطقة تنبض بالحركة وتشهد تطوراً عمرانياً سريعاً، جعلها مقصداً مفضلاً للراغبين في الهروب من ضغوط الحياة، والاستمتاع باستنشاق هواء نقي، ومشاهدة الأشجار والزهور التي تملأ المكان، والاستماع إلى زقزقة العصافير التي تلهو في أجواء الحديقة حتى لنظن أنها تدخل في منافسة أحياناً مع أصوات الأطفال وضحكاتهم أثناء اللعب على مسطحات الحديقة الخضراء. 

في البداية، كانت حديقة الخالدية محاطة بسور يخفي معالمها وتصميمها الذي يجمع بين البساطة والتفرد عن المارة، ويمنحها طابعاً من الخصوصية والعزلة، مما شجع على عقد الكثير من اللمات العائلية، وحفلات أعياد الميلاد، واللقاءات بين الأصدقاء.    

  • مكان ساحر يحمل ذكريات الأجيال

مكان للاسترخاء

أما اليوم، فتمت إزالة السور، وأصبحت الحديقة مكاناً مفتوحاً يستمتع فيه الجميع بجمال الطبيعة وروعة الهواء الطلق، جلوساً على أحد مقاعدها الخشبية الموزعة في أرجائها، أم تمدداً على البساط الأخضر بالقرب من نافورة المياه التي تعتبر مكاناً مثالياً للاسترخاء والتأمل، والانتعاش، كونها تعمل أيضاً على تحسين جودة الهواء وتبريده في المنطقة المحيطة بها. 

بالإضافة إلى نافورة المياه، تضم حديقة الخالدية مجموعة من المرافق والأنشطة المختلفة التي تناسب جميع الأعمار والاهتمامات، وتوفر أماكن للأطفال للعب والتسلية، ومسارات مشي وأماكن لممارسة التمارين الرياضية، وملعب كرة قدم. كما تواصل استقبال اللمات العائلية واللقاءات الاجتماعية، في مختلف الأوقات وعلى مدار 24 ساعة. 

موقع مثالي

وجود حديقة الخالدية بالقرب من الكورنيش ومنطقة البطين، وهما منطقتان تحتضنان العديد من المرافق الجذابة للعائلات والأفراد الراغبين في الاستمتاع بيومهم أو عطلة نهاية الأسبوع، يجعلها مقصداً مثالياً، يتيح لزوارها الانطلاق منها إلى أماكن أخرى للاستمتاع بتجارب متنوعة تضفي المزيد من البهجة على قلوبهم، إذ على بعد بضع كيلومترات تقع حديقة الشيخة فاطمة التي تضم عدداً من المقاهي وأماكن لهو وترفيه تناسب أفراد العائلة أجمع. كما أن مسارات ركوب الدراجات الهوائية في منطقة الكورنيش، تبعد بضع دقائق عن الحديقة، ما يسهل على مرتاديها الاستمتاع أيضاً بركوب الدراجة. 

ذكريات الأجيال

تضمين حديقة الخالدية ضمن قائمة التراث الثقافي الحديث، يعني الاعتراف بأهميتها وقيمتها كجزء لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المنطقة، فهي ليست مجرد حديقة عامة أو مساحة خضراء، وإنما مكان يحمل ذكريات الأجيال، ويعكس الجهود المبذولة للحفاظ على تلك الأماكن التي تمثل قيماً ثقافية وتاريخية مهمة، وضمان استمراريتها لتلبية احتياجات المجتمع المعاصر والأجيال القادمة. 

إنها تذكير بأهمية الحفاظ على هذه الأماكن الخضراء والمساحات العامة كجزء لا يتجزأ من هويتنا وتاريخنا وتطورنا كمجتمع.