باختصار، هي مبدعة العطور لدى «غيرلان»، وفنانة في صهر المواد الخام؛ لتوليد أجمل العطور، وأكثرها فرادة. دلفين جلك Delphine Jelk، شابة سويسرية، قصدت باريس لدراسة الأزياء والتصميم في «Esmod»، وفي مجموعتها للتخرج، دمجت الملابس الرجالية مع مجموعة من العطور. ومن هناك بدأت رحلتها العطرية، التي تكللت بالعديد من النجاحات، إثر انضمامها إلى دار غيرلان عام 2014، حيث تم تكليفها، بجانب خبير العطور تييري فاسور، بالجمع بين التراث والحداثة؛ لابتكار عطور جديدة. وعن مجمل مسيرتها المكللة بالنجاح، نالت دلفين وسام «فارس الفنون والآداب» من وزارة الثقافة الفرنسية؛ تقديراً لخبرتها الاستثنائية كصانعة عطور. وأخيراً، أطلقت الدار من الإمارات تشكيلة «Parfumerie d›Art»، إلى جانب مجموعة من الإبداعات الاستثنائية، والعطور الفاخرة، ضمن تشكيلة «L›Art & La Matière» الأيقونية.. وحولها دار هذا الحوار:

  • بين الفن والعطور والتراث

ولادة عطر

حدثينا عن طريقتك الإبداعية، الممهدة لولادة عطر فاخر جديد! 

طريقتي الإبداعية ثابتة؛ وتتبع مساراً روحياً مستمداً من المشاعر. تبدأ القصة في ذهني، وبمجرد أن تصبح واضحة أترجمها إلى تجربة شمية. عادةً، أدون في دفتري حوالي 10 مواد خام بنسب معينة، لتكون أول تجربة ترسل إلى المختبر. ثم أضيف عنصراً جديداً، أو أزيد من العناصر الموجودة في صيغة العطر، وهذه نقطة البداية لولادة عطر بعد العديد من التجارب. 

أحب لحظة رؤية العطور فهي لحظة رائعة، كما أحب الجزء الأول من عملية التكوين. وفي ما يتعلق بمجموعة عطور: «L›Art & La Matière»، و«Aqua Allegoria»، أختار مادة ثمينة ونادرة وملهمة، وقد تكون لديَّ مجرد فكرة عنها، فمثلاً عطر «Neroli Plain Sud» هو أحدث إطلاق لنا، وهو مستوحى من رائحة زهر البرتقال التي أحبها في حديقة منزلنا. قررت الذهاب إلى الحقول وقت الحصاد خلال شهر أبريل، وفي الصباح المبكر، استنشقت هواء مشبعاً بزهرة البرتقال ما منحني فكرة الطيران فوق أشجار البرتقال، والذهاب إلى الجنوب.

عندما أصنع عطراً من «L›Art & La Matière»؛ أستلهم دائماً الضوء. وربما مادة استثنائية، تأخذك إلى مكان غير متوقع، الفكرة ليست فيلماً وثائقياً، وإنما تناغم جديد، يتسم بالجرأة والإبداع. إذا كان هناك شيء مختلف يبعث بعض التوتر بين الجليد الدافئ والبارد والنعومة، فأتمكن دائمًا من شم رائحة الطبقات المتعددة التي تظهر مع مرور الوقت، إنها نفحات غامضة ورائعة.

ابتكرت «Cherry Oud» لربطه بالكرز؛ الذي ينبض بالحياة وحب السعادة، واعتقدت أن التباين قد يكون مثيراً للاهتمام، والمفاجأة كانت نجاح العطر. أما مجموعة عطور «L›Art & La Matière»، فقد استلهمتها من الفن، والجودة، والمشاعر. ما أحبه في هذه المجموعة أن الفن كان دائماً مهماً بالنسبة لـ«غيرلان»، حيث كانت العائلة تحب الفن، والفن حاضر بقوة في الدار.

صنع المكونات الخام يشبع قصة تُترجمها حاسة الشم، إنها شكل من أشكال الفن، وهكذا؛ فمن هذه المواد، يتم وضع خطة تشبه الفن، وعطرًا غير مرئي. وبما أن العطر يشبه الهواء، أعتقد أنه من الجيد أن تتمكن من صنعه مثل النسيم، مستلهمًا من حواسك الأخرى. ويلهمني أيضًا تكريم التراث بطريقة فنية، فأحب بناء جسور بين الفن والعطور والتراث.

  • علامة تجارية مرتبطة بستة مكونات

لماذا تجذب مجموعة «L›Art & La Matière» الذواقة في الشرق الأوسط؟

تمتاز «غيرلان» بتوقيع قوي وأسلوب فريد، ومهمتي كمبدعة عطور هي الحفاظ على هوية الدار. مجموعة «غيرلان» تشبه تمامًا التويد في «شانيل»، حيث يتكرر كل موسم ويكون معروفًا أنه من «شانيل». أحب هذا المزيج لأنه لا يتم تصنيعه فقط لـ«Guerlain»، بل يمثل علامة تجارية مرتبطة بستة مكونات متكررة على مر السنين، ما يمنحها وجودًا مستدامًا. مثل توقيع شاليمار، الذي يتألف من ستة مكونات تستخدم معًا، لكن ليس بالضرورة كلها في كل مرة، ما يصنع عطرًا مميزًا في كل مرة.

ما الروائح التي تربطك بالإمارات، أو أي دولة عربية أخرى؟

أفكر فورًا في الورد، والعنبر، والمسك، والبخور. الورد يربطني بذكريات قوية عن زيارتي الأولى هنا، وأيضًا لأنه يمكن استخدامه بطرق متعددة. ويمكن أن يكون الورد كرزيًا أو متعدد الاستخدامات، ما يجعله مرتبطًا بشخصيتي، حيث ترافقني جوانب مختلفة من الورود منذ الطفولة حتى الشباب.

ذكرى عطرية

ما أول ذكرى عطرية لديك؟

من الصعب تحديد ذلك بدقة، ولا أعرف إن كانت هي ذكرى حقيقية أم من محض الخيال، لكنني أعتقد أنها رائحة أمي.

ما زهرتك المفضلة؟

الورد وزهرة البرتقال، هما المفضلتان لديَّ.

كيف تصفين أسلوبك المميز كصانعة عطور؟

أعتقد أن العطر الجيد يمكن التعرف عليه بسهولة؛ فهو يحمل توقيعاً قوياً، لا أريد عطراً يمكن نسيانه، بل عطراً معروفاً ومليئاً بالمشاعر. في «غيرلان» أنا حرة تماماً في ابتكاراتي، ما يسمح لي بوضع الكثير من نفسي ومشاعري في أسلوب «غيرلان». لهذا السبب، أجد عملي كصانعة عطور هنا مذهلًا.

ما الصفات أو المهارات، الضرورية للنجاح في صناعة العطور؟

يجب أن يكون العطر مميزًا ويسهل التعرف عليه، وقويًا بطريقة إيجابية. النجاح يأتي عندما يشم شخص ما عطرك؛ فيقول: «رائحتك طيبة جدًا.. ماذا تضع؟»، هذا الاتصال الشخصي هو المفتاح. العطر يتعلق بالمشاعر والعاطفة؛ إذا لم يخبرك أحد بأن رائحتك طيبة، فقد لا تشتري العطر مرة أخرى، وقد يكون هذا محبطًا.

  • دلفين جِلك: أمد جسوراً بين الفن والعطور والتراث

ما أكبر نجاحاتك، التي تحققت في «غيرلان»؟

أود أن أقول: «La Petite Robe Noire»؛ لأنه يمثل ارتباطًا عاطفيًا بالنسبة لي. لا أريد التحدث عن الأرقام، بل عن رحلتي كصانعة عطور لدى «Guerlain». عندما كنت صغيرة، كانت في ذهني فكرة أن «غيرلان» كانت مثل والدتي وجدتي، وأردت، حقاً، أن أكون «مدموزيل Guerlinade». كان عمري 28 عاماً، وكنت جديدة، وأريد «Guerlinade» الخاصة بي. وهكذا، كنت أراجع مذكراتي مرة أخرى، لذا عندما رأيت فيلم ماري أنطوانيت كان هذا بمثابة الإلهام، وكان الأمر جمالياً؛ كوني شخصاً بصرياً للغاية. لقد ألهمتني استخدام نوتات، مثل: الشاي المدخن، وعرق السوس، والباتشولي، وقد حقق العطر نجاحاً كبيراً.

حصلت على الوسام التقديري «فارس الفنون والآداب»؛ لمساهماتك في عالم العطور.. حدثينا عن تلك اللحظة!

بالفعل، حصلت على وسام «فارس الفنون والآداب» من وزارة الثقافة الفرنسية، وكان ذلك شرفاً كبيراً لي شخصياً ومهنياً. لقد كانت لحظة سعادة عظيمة لي، ولجميع زملائي العطارين المعترف بهم، وكذلك كامرأة.