مع مطلع مايو، وفي نسخة ثالثة.. تعود «Harrods Hive» إلى دبي، كمحطة لهذا الحدث بسبب مدى تأثيرها المتنامي كمركز عالمي للابتكار في مجالات الموضة والتصميم وتجارة التجزئة، ولطرح سلسلة نقاشات قوية حول المعنى الحقيقي للفخامة في عالمنا المتغير اليوم.

والعودة انطلقت من متحف الشندغة، أحد أبرز المعالم الثقافية في المدينة، وتمحور النقاش الإبداعي هذا العام حول إعادة تعريف «القيمة»، من خلال عدسات الاستدامة والإبداع والهدف. وضمت جلسات النقاش مواهب صاعدة، وأسماء راسخة في عالم صناعة الرفاهية والفخامة، وهذه عادة سلسلة «Harrods Hive»، منذ انطلاقتها عام 2021، في مدن مثل: شنغهاي، والرياض، وبكين.

  • بمفهوم جديد لمعنى الفخامة اليوم وملامح الجيل القادم.. عودة سلسلة حوارات «Harrods Hive»

إعادة تعريف القيمة في عالم الفخامة:

وتجسّد موضوع هذا العام «تحوّل مفهوم القيمة»، من خلال سلسلة من النقاشات العميقة، بقيادة خبراء واستراتيجيين ومبدعين، يصوغون مستقبل الفخامة. وافتُتحت الفعالية بجلسة بعنوان «القيمة في أيدي الصانعين»، وناقشت القوة العاطفية والثقافية للحِرَف اليدوية. وشارك في النقاش كلٌّ من: نيز جبريل (استراتيجية العلامات التجارية)، وبولين كوكويه (شريكة في شركة Bain & Company)، وكاثرين برووم (خبيرة بالتوظيف التنفيذي والابتكار في قطاع الفخامة). وشدد الحوار على أهمية السرد القصصي والهوية والفن في عالم الرفاهية.

وفي جلسة أخرى بارزة بعنوان «الاستدامة.. المعيار الجديد للقيمة»، تمت مناقشة أهمية التفكير طويل الأمد، والممارسات الواعية في التصميم والإنتاج. وضمت الجلسة شخصيات إماراتية بارزة، تركت بصمتها على مشهد الموضة المحلي، مثل: علياء خفاجي، مؤسسة علامة «OKTA»، والمصممة اللامعة نورة شوقي، التي تمزج الرؤية الفنية بالهوية الخليجية. فأضفت مشاركتهما على النقاش عمقًا محليًا، وكيف باتت العلامات الإماراتية قادرة على منافسة دور الأزياء العالمية، في مشهد يتطور يومًا بعد يوم، وكيفية تطبيق الاستدامة الواقعية في مختلف جوانب هذه الصناعة.

وعادت رانيا الخطيب، خبيرة تنفيذية بقطاع التجزئة الفاخرة، لتكون مديرة الجلسات، فقدمت توجيهات فكرية بارعة طوال مدة النقاش. وأضافت رؤيتها الاستراتيجية، وفهمها العميق للصناعة، وضوحًا للحوارات المعقدة.

واختُتم الحدث بجلسة حصرية مع ميرال يوسف، رئيسة مجموعة «Kering» في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تحدثت بصراحة عن كيفية تكيّف واحدة من أكبر مجموعات الفخامة في العالم مع المتغيرات الحالية. وأكدت أن الابتكار المرتكز على الإنسان لا يقل أهمية عن التعهدات البيئية، وأن الإرث لا يتعارض مع الحداثة بل يتكامل معها، كرسالة بليغة في عصر تتسارع به الرقمنة: «القيمة الحقيقية لا تزال في يد من يصنعون الأشياء، لا من يستهلكونها فقط». ومن تبني معايير جديدة للمسؤولية، إلى الحفاظ على الجذور التراثية، قدّمت يوسف لمحة عن كيفية محافظة العلامات العريقة على مكانتها في مشهد تحركه القيم.

دبي تعيد ابتكار الفخامة:

قال مايكل وارد، المدير العام لـ«Harrods»، من جانبه، إن «الفصل التالي في رواية الفخامة لن يُكتب بأرقام الأسعار فقط، بل بالأهداف، والناس، والتقدم الحقيقي الذي يبدو جيدًا، ويصنع الخير في آنٍ». وأضاف: «دبي ما زالت تواصل كونها منصة لإعادة ابتكار الفخامة وصقلها. ومع تطور تجربة الرفاهية، تتم إعادة تعريف القيمة على جميع المستويات، بدءًا من طريقة صنعنا للأزياء والفنون، إلى الغاية الكامنة خلفها. ونأمل أن تلهم (Harrods Hive) الجيل القادم تبني القيم، التي ستشكّل مستقبل الفخامة».

سياسة الإنفاق لدى «الجيل Z» (الجيل الرقمي):

ومن أبرز الاكتشافات، التي برزت خلال «Harrods Hive»: قوة الإنفاق لدى «الجيل Z»، الذي بات يقود سوق الفخامة عالميًا. لكن كما أوضحت بولين كوكويه، شريكة في شركة «Bain & Company»، فإن هذا الجيل لا يُنفق من ثروته الذاتية بقدر ما يعتمد على «الوصول» إلى المال، سواء من خلال دعم عائلي، أو نماذج دفع رقمية. موضحة أن هذا يضع العلامات الفاخرة أمام معادلة دقيقة: كيف تلبّي تطلعات جيل يُطالب بالشفافية والإنتاج الأخلاقي، بينما لا يتحمل كليًا تبعات هذا الإنفاق؟.. فولاء العلامة التجارية - على المدى الطويل - يبقى بذلك مفهومًا مرنًا، وقيد التشكّل.

الفخامة من منظور الاستدامة الحقيقية:

لم تكن الاستدامة موضوعًا مستغربًا على طاولة البحث والنقاش، لكنها لم تُطرح - هذه المرة - بالشكل النمطي المرتبط بالحملات الدعائية. بل تحولت النقاشات نحو تطويع الحِرَفية كوسيلة لحفظ الهوية المجتمعية، وتسليط الضوء على دور علامات الأزياء الفاخرة في تمكين الحرفيين، لا مجرد استغلالهم كعنصر «تراثي». فالرسالة في النهاية جاءت معززة وواضحة: الاستدامة الحقيقية تعني أن نبني منظومات تجعل من المُبدِعين جزءًا أساسيًا من المعادلة، لا مجرد تفصيل جانبي.