يأخذنا ديفيد بينيديك، مؤسس دار العطور الباريسية «BDK Parfums»، في رحلة حسية إلى قلب إبداعه الأحدث «إمباديا». ويكشف عن الإلهام الشعري وراء الاسم والتكوين، ويتحدث عن شغفه بالضوء المتغير في سماء باريس، وسعيه إلى إعادة ابتكار «الوردة» برؤية معاصرة آسرة.. من تفاصيل التعاون مع العطّار جوردي فرنانديز، إلى الرمزية العميقة وراء تصميم الزجاجة، يقدم بينيديك - في هذا الحوار الحصري - نظرة معمقة إلى عالم عطري يجمع بين الأناقة الباريسية، والرؤية الإبداعية المتجددة:

  • ديفيد بينيديك: ثراء باريس يلهمني بلا حدود

«مدينة النور»

ما الذي ألهمك اسم «Impadia»، وهل له معنى محدد؟

«إمباديا» اسم من اختراعي، ويجمع بين كلمتَيْ: «إمبريال»، و«ديا» اللاتينية، ومعناها «يوم». معاً، تشكّل الكلمتان فكرة «يوم إمبراطوري»، أي لحظة مشرقة، وخالدة، ومهيبة، وقد ظهر هذا الاسم - بشكل طبيعي - أثناء تطويرنا للعطر، كما تكمن الوردة، التي غالباً تُعرف بـ«ملكة الزهور» في قلب التركيبة، إنها تُعبّر عن شعور بـ«الإمبريالية الزهرية»: جمال ملكي، وقوي. ومُحاطاً بنفحات عليا مشرقة من البرغموت واليوسفي، يُفتتح العطر بإشراقة قبل أن يكشف عن وردة سخية وحسية، راقية تقنياً، وجذابة للغاية.

باريس مصدر إلهام هذا العطر.. حدثنا أكثر عن هذا!

 نعم، يستمد عطر «إمباديا» إلهامه من سماء باريس (مدينة النور)؛ فلطالما أبهرتني طريقة تحوّل المدينة على مدار اليوم، من فجر كهرماني، إلى غروب شمس وردي. هذا الضوء المتغير هو، بالضبط، ما أردتُ أن أجسّده في هذا العطر، وأردتُ أن يحمل الاسم تلك الشاعرية البصرية والحسية. وبهذا المعنى، يُجسّد «إمباديا» قصةً: من الضوء والحركة واللون والحضور العاطفي، مع الورد في جوهره، وكل هذا مُعاد تخيله بطريقة عصرية، وعضوية، وجذابة للغاية.

كيف ساعدك العطّار جوردي فرنانديز في تجسيد هذه الرؤية الحسية؟

لطالما أسرتني رؤية «الضوء واللون في باريس»؛ لذلك قضيتُ وقتاً طويلاً أراقب تطور سماء المدينة على مدار اليوم، من الأصفر الكهرماني في الصباح، إلى البرتقالي الوردي عند غروب الشمس. هناك سحرٌ في تحول الضوء، وكيف تغمر المدينة هذه الألوان الدافئة. بالنسبة لي، لم يكن الأمر يتعلق فقط بالجمال البصري، بل يتعلق أيضاً بتجسيد المشاعر والأجواء، التي تثيرها هذه التحولات؛ لذلك أردتُ ترجمة ذلك في عطر، وعندما شاركتُ هذه الفكرة مع جوردي، أخذها وحوّلها إلى شيء عطري، لقد فهم - على الفَوْر - ما كنتُ أحاول التعبير عنه! 

كيف عبر فرنانديز عن هذه التحولات، في مكونات العطر، وتركيبته؟

استخدم جوردي اليوسفي المنعش، والبرغموت؛ لتمثيل ضوء الصباح المبكر؛ ما منحنا بدايةً مشرقة. وينقل القلب - بمزيجه من الورود البلغارية، والتركية - دفء منتصف النهار الناعم. أما القاعدة، مع البرالين والفانيليا، فتضفي ثراءً ذهبياً لغروب الشمس. لقد جسّد جوردي جوهر باريس حقاً، إنها سماءٌ لم أتخيلها قط؛ فقدرته على تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، شيءٌ يُمكن الشعور به وتجربته من خلال الروائح، ما يجعل «إمباديا» عطراً مميزاً بحق.

  • ديفيد بينيديك: ثراء باريس يلهمني بلا حدود

فلسفة عطرية

ما أبرز التحديات التي واجهتكما في ابتكار «إمباديا»؟

التحدي كان في «إعادة ابتكار الوردة». هذه الزهرة أيقونية في عالم العطور، لكنني لم أرد تكرار الصورة التقليدية. سعيت لتقديم وردة معاصرة، ذات طابع حضري غني. فمزجنا نفحات الورد التركي والبلغاري مع عناصر غير متوقعة، مثل: البرالين، وخشب أكيجالا، ونفحات مسكية. والنتيجة كانت وردة خالدة وغير متوقعة، إنها متجذرةٌ في التقاليد، لكنها مُشكّلةٌ بحساسيةٍ معاصرة.

كيف تتخيل شعور المرأة عند ارتداء عطر «إمباديا»؟

أتخيلها تتجول بثقة، وراحة، وهدوء، وجاذبية؛ إن عطر «إمباديا» يترك أثراً جذاباً، ورائحة أنيقة وعاطفية في آنٍ، كما يمنح حضوراً قوياً دون أن يثقل كاهل من ترتديه، كطبقة ثانية تُعزز الحركة، وتُضفي عليها لمسة من الرقي دون عناء!

ما الفلسفة، التي تقودك عند ابتكار عطور «BDK»؟

أنا مؤمن بأن العطور الباريسية، اليوم، يجب أن تُحافظ على التقاليد العريقة، وتحتضن الابتكار في آنٍ. نكرّم براعة صناعة العطور الفرنسية من حيث الدقة والمواد الخام، لكننا نُعيد صياغتها برؤية حضرية معاصرة، وغنية بالقصص الإنسانية. باريس مدينة لا تفقد سحرها، وأنا أستلهم من طبقاتها المتعددة في كل عمل.

حدثنا عن تصميم الزجاجة ورمزيتها!

أردنا أن تكون الزجاجة مرآة لأفق باريس. فاستوحينا الغطاء من قبة القصر الكبير، كتحية للمدينة التي تمزج بين الكلاسيكية والحداثة. ويعكس تدرج الألوان على الزجاجة - الذي ينتقل من الوردي الناعم، إلى البرتقالي الداكن - ضوء النهار المتغير، من شروق الشمس إلى غروبها. كما لعبنا، أيضاً، بتأثير التدرج بين عصير البرتقال، وزجاجة الورد شبه المطلية؛ ما يحقق تأثيراً بصرياً متعدد الطبقات.

كيف توافقت رؤيتك مع رؤية جوردي فرنانديز، وماذا أضاف؟

كانت رؤية جوردي ابتكار عطر يُعبّر عن الجمال في أنقى صوره، وهو ما لامس وجداني بعمق. وقد سعينا، معاً؛ لتجسيد جوهر الحسية، ولكن بطريقة عصرية آسرة. تمحور نهج جوردي حول ابتكار مزيج آسر لا يُقاوم من الورود البلغارية والتركية، وهو ما يتماشى تماماً مع رغبتي في إعادة ابتكار الورد الكلاسيكي في سياق حضري عصري. وأضاف اختياره الدقيق للمكونات - من فانيليا مدغشقر الغنية، والبرالين الكريمي، إلى ثنائي أكيجالاوود، وأمبروفيكس الرائع - ثراءً وعمقاً، عززا روعة هذا العطر.