محمد القايد: بالإرادة نصنع الأبطال

بين الساحات الرياضية، هناك مَنْ يصنع الإنجاز، ومَنْ يلهم الأجيال.. البطل البارالمبي الإماراتي، محمد القايد، نجح في تجسيد هذا التلاقي الاستثنائي، بعدما سطر اسمه على منصات التتويج، محققاً 130 ميدالية ملونة، بينها 29 في الدورات البارالمبية، وبطولات العالم في ألعاب القوى على الكراسي المتحركة. اليوم، يوا

بين الساحات الرياضية، هناك مَنْ يصنع الإنجاز، ومَنْ يلهم الأجيال.. البطل البارالمبي الإماراتي، محمد القايد، نجح في تجسيد هذا التلاقي الاستثنائي، بعدما سطر اسمه على منصات التتويج، محققاً 130 ميدالية ملونة، بينها 29 في الدورات البارالمبية، وبطولات العالم في ألعاب القوى على الكراسي المتحركة. اليوم، يواصل البطل الإماراتي مسيرته من موقعه الإداري كعضو في مجلس إدارة نادي الثقة للمعاقين، وأخصائي رياضة المعاقين في مجلس الشارقة الرياضي، حيث يعمل على اكتشاف وتطوير المواهب الجديدة من أصحاب الهمم، واضعاً نصب عينيه حلم تأسيس أكاديمية وطنية متخصصة. في هذا الحوار، نغوص مع محمد القايد في تفاصيل رحلته، لنستعرض مسيرته المضيئة، والتحديات التي تجاوزها، وطموحاته المستقبلية:

  • محمد القايد: بالإرادة نصنع الأبطال

كيف كانت انطلاقتك في عالم الرياضة؟

البداية كانت في المدرسة، حينما دعاني أحد المدربين للانضمام إلى «نادي الثقة للمعاقين»، ولم أكن أرى الرياضة مناسبة لي حينها بسبب إعاقتي؛ فرفضت. لكنَّ شيئاً بداخلي دفعني، لاحقاً، إلى خوض التجربة. لحظةَ دخولي «النادي»، انتابني شعور مختلف؛ فقد رأيت أن الرياضة قد تكون طريقي إلى تحقيق الذات. وفي عام 2003، بدأت مشاركاتي في البطولات المحلية، ومنذ ذلك الوقت لم أبتعد عن هذا المجال.

أثر

حققت أكثر من 130 ميدالية خلال مسيرتك.. ما الذي تمثّله لك هذه الأرقام؟

تقلدت، حتى الآن، نحو 130 ميدالية، منها 29 في الدورات البارالمبية، وبطولات العالم، وهذه الميداليات انعكاس لسنوات طويلة من التدريب، والتحديات، والقرارات الصعبة. والأهم من عددها أثرها، الذي تركته في نفوس زملائي، والإحساس بالفخر، الذي رسمته في أعين أبناء وطني؛ عند رفع علم الإمارات في المحافل الدولية.

هل هناك ميدالية معينة، تعتبرها الأقرب إلى قلبك؟

 كل ميدالية لها مكانها الخاص في قلبي، لكن ذهبية سباق 800 متر لألعاب القوى على الكراسي المتحركة، بدورة الألعاب البارالمبية، التي أقيمت في ريو دي جانيرو عام 2016، تبقى الأقرب؛ فقد كانت أول ذهبية إماراتية في ألعاب القوى البارالمبية، ورافقتها لحظة لا تُنسى؛ عندما رُفع علم بلادي، وعُزف نشيدنا الوطني، وسُجِّل رقمٌ أولمبي جديد باسم الإمارات.

وصفت مشاركة «طوكيو 2020» بأنها «إنجاز من رحم المعاناة».. لماذا؟

لأنها كانت فترة مليئة بالتحديات، أهمها الانقطاع عن التدريب بسبب «الجائحة»، ثم الابتعاد عن عائلتي في معسكر تايلاند لمدة 10 أشهر. والأسوأ، أن الكرسي الرياضي انكسر قبل البطولة بثلاثة أشهر، واضطررنا إلى شراء آخر، وقد وصل قبل الدورة بشهر فقط، ورغم ذلك حققت ميداليتين: فضية، وبرونزية، في ظروف لم تكن مثالية.

بعد إصابتك الأخيرة.. هل تنوي العودة إلى المنافسة؟

 الإصابة، التي تعرضت لها في بطولة العالم باليابان، أحدثت كسوراً في الضلوع، وكانت سبباً في غيابي عن دورة الألعاب البارالمبية «باريس 2024»، لكنني في طور العلاج حالياً، وإن أصبح الجسد مستعداً للعودة؛ فلن أتردد، وفي كل الأحوال سأظل جزءاً من هذا الميدان، بدعمي المستمر للأبطال الجدد.

التحدي الأكبر

بعد هذه المسيرة، انتقلت إلى العمل الإداري.. كيف تنظر إلى هذه المرحلة؟

لا أراها انتقالاً، فهي استمرار لرسالتي؛ ففي نادي الثقة ومجلس الشارقة الرياضي، أعمل على اكتشاف المواهب، وتقييم قدراتها، وتوجيهها إلى التخصصات المناسبة، ونشر ثقافة الرياضة بين أصحاب الهمم، بالتوازي مع إعداد برامج تأهيل بدني وذهني. كما أحرص على دمج الجانبين النفسي والتوعوي؛ لأن التحدي يبدأ من العقل قبل الجسد، والكثيرون من الأبطال الجدد يحتاجون إلى من يقول لهم: «أنتم قادرون».

  • محمد القايد: بالإرادة نصنع الأبطال

كيف ترى دعم دولة الإمارات للرياضيين من أصحاب الهمم؟

أراه مدعاة للفخر والاعتزاز؛ فقيادتنا الرشيدة تولي أصحاب الهمم كل العناية والرعاية والاهتمام، ويتضح كل هذا من خلال خطط واستراتيجيات تعزز دورهم في التنمية، وتحقيق الإنجازات بالمجالات كافة. وتتصدر الإمارات دول العالم في رعاية وتمكين أصحاب الهمم، فضلاً عن استضافة أهم الفعاليات والملتقيات والبطولات الدولية الخاصة بهم، كما تمتلك الإمارات منظومة متكاملة، وبنية تحتية عصرية، أسهمت في التطور الذي حققته رياضاتهم؛ ما عزز أداءهم الرياضي، وزاد مشاركتهم المجتمعية، بالإضافة إلى استقطاب أفضل المدربين والخبراء من أنحاء العالم. كما رعت برامج عدة لإعداد أبطال إماراتيين، قادرين على المنافسة في المحافل الدولية؛ ما أسهم - بشكل مباشر - في تحقيق العديد من الإنجازات في الألعاب البارالمبية، والبطولات العالمية.

كقائد إداري ورياضي.. ما مشروعك الشخصي الذي تحلم بتحقيقه؟

أطمح إلى تأسيس أكاديمية وطنية مخصصة لأصحاب الهمم، تجمع بين التدريب الرياضي، والدعم النفسي، والتأهيل الأكاديمي. كما أريد أن أترك إرثاً مؤسسياً، يُكمل ما بدأته في الميدان.

أخيراً.. ما رسالتك إلى الرياضيين الصاعدين؟

أقول لهم: النجاح لا يأتي على «طبق من ذهب»، بل من عرق وتعب وتضحيات؛ فعليهم أن يعوا أن الخسارة ليست فشلاً، بل جزء من الطريق، ويجب ألا يسمحوا لأحد بأن يحدد لهم قدراتهم، وأن يتذكروا أن الأبطال لا يسقطون، بل يتوقفون ليلتقطوا أنفاسهم، ثم يكملون الصعود. وأقول دائماً: «من يملك الحلم؛ يملك القوة للوصول إليه».