ليست كل علاقة مقرّبة بالضرورة علاقة صحية. هناك نمط من العلاقات قد يبدو من الخارج مثاليًا، لكنه يخفي في داخله ما يُعرف بالـ «الاعتمادية»، أو الاتكالية، وهي نمط نفسي ينشأ حين يتوقف أحد الطرفين عن أن يكون مكتفيًا بذاته، ويضع ثقله العاطفي والوجودي كله على الطرف الآخر.
العلاقات الاعتمادية ليست فقط بين الشريكين العاطفيين، بل قد تتجلّى بقوة بين الأصدقاء، الإخوة، وحتى الوالدين وأبنائهم. ما يميزها هو أن أحد الطرفين (أو كلاهما) يفقد القدرة على التوازن النفسي دون الآخر، وتتحول العلاقة إلى ما يشبه «الإدمان العاطفي»، الذي يرهق النفس بدل أن يرمّمها.
فيما يلي 6 علامات خفية قد تشير إلى أن صداقتكِ أقرب إلى «الاعتمادية» منها إلى «الدعم المتبادل».
-
هل صداقتكِ صحية؟.. 6 علامات تكشف لكِ الحقيقة
1- لا تتخذين قراراً دون الرجوع إليها
من الطبيعي أن تسألي صديقتكِ عن رأيها في لون فستان أو مطعم جديد، لكن إذا وجدتِ نفسكِ تتردّدين في اتخاذ قرارات جوهرية، على تماس مباشر بحياتكِ، حتى تستمعي لموقفها أو موافقتها، فهنا تنذر الإشارات بالخطر. فحين يصبح رأي الآخرين أهم من حدسكِ وقراركِ الشخصي، تبدئين بفقدان حسكِ الداخلي واتصالكِ بذاتكِ. وفي هذه الحالة، لا تعودين تثقين بقدرتكِ على اتخاذ قرار إلا إذا حصلتِ على «الختم العاطفي» منها.
2- حالتكِ النفسية ترتبط بحالتها
الارتباط العاطفي العميق بصديقة مقرّبة أمر طبيعي، لكن متى ما أصبح مزاجكِ يتقلّب وفق حالتها النفسية، هنا تبدئين بفقدان توازنكِ الذاتي. مثلًا، إذا شعرتِ بالذنب لأنكِ سعيدة وهي حزينة، أو وجدتِ نفسكِ تدفعين لها فواتير أو تغيّرين جدول نومكِ لتكوني متاحة لها دائمًا، فاعلمي أنّكِ وضعتِ مشاعرها فوق مشاعركِ. أنتِ في هذه العلاقة، لا يوجد مكان لمشاعركِ الخاصة. كل شيء يتمحور حول الآخر.
3- انسحابكِ من علاقات أو اهتمامات أخرى
في العلاقات الاعتمادية، تضيق مساحة حياتكِ تدريجيًا. تتخلين عن هوايات كنتِ تحبينها أو تبتعدين عن أصدقاء آخرين فقط لأنهم خارج «دائرة الصديقة المقرّبة». الخطورة هنا تكمن في أن تصبح هذه العلاقة هي عالمكِ الوحيد، وتفقدين توازنكِ العاطفي والاجتماعي. اعلمي بأن الصداقة الصحية تسمح لكِ بالنمو خارجها، لا أن تقيّدكِ داخلها.
4- الغيرة من أصدقائها الآخرين
كلنا نختبر لحظات من الغيرة، لكن في الصداقات الاعتمادية، تصبح مشاعر الغيرة دائمة ومؤلمة. قد تشعرين بالإهانة إذا خرجت صديقتكِ مع غيركِ. هذا النوع من الغيرة لا يعكس المحبة، بل التعلق غير الصحي والتوقع بأن تكون الصديقة متاحة لكِ فقط، طوال الوقت.
5- تخشين وضع الحدود خوفاً من فقدانها
في العلاقة الصحية، يمكنكِ قول «لا» أو التعبير عن انزعاجكِ دون خوف من أن تخسري الطرف الآخر. أما في العلاقات الاعتمادية، فمجرد التفكير في رفض طلب أو تأجيل مكالمة قد يولّد لديكِ شعورًا قويًا بالذنب أو القلق. دائمًا ما تشعرين أن عليكِ كتم مشاعركِ لكي لا «تُفسدي» العلاقة. إن هذا النمط من التجنّب غالبًا ما يُبقيكِ في حلقة من الإرضاء المستمر، على حساب صحتكِ النفسية.
6- أنتِ تخافين أن تكوني وحدكِ
أعمق جذور الاعتمادية غالبًا ما تعود إلى مخاوف داخلية: الخوف من الرفض، من الفقدان، أو من الوحدة. هنا، تتحوّل الصداقة إلى «وسادة نفسية» دائمة، لا يمكنكِ الاستغناء عنها، حتى وإن كانت تستهلككِ. أنتِ لا تشعرين بالأمان إلا بوجودها المستمر، وبدونها، تضعف هويتكِ.
-
هل صداقتكِ صحية؟.. 6 علامات تكشف لكِ الحقيقة
الحل في إعادة التوازن
إذا وجدتِ نفسكِ تعيشين إحدى هذه العلامات مع صديقتكِ الأقرب، فهي لا تعني بالضرورة أن صداقتكِ «سامة»، بل قد تكون ببساطة بحاجة لإعادة توازن. الصداقة القوية لا تتطلب انصهارًا كاملاً. بل على العكس، تدعمكِ لتكوني أكثر وضوحًا مع نفسكِ، أكثر تماسكًا، وأكثر قدرة على العطاء من موقع قوة. الصديقة الحقيقية لا تطلب منكِ أن تتخلي عن ذاتكِ، بل تحتفل بكِ كما أنتِ.
ابدئي بالوعي، وهو أول خطوة نحو التغيير، ثم حاولي تنفيذ خطوات عملية لإستعادة استقلاليتك، مثل: الذهاب إلى صف رياضي أو مقهى بمفردكِ، توسيع دائرتكِ الاجتماعية، وتخصيص وقت لهواياتكِ أو لقراءة كتاب تحبينه. يمكن أيضًا استشارة اختصاصي نفسي إن شعرتِ بصعوبة في الانفصال العاطفي.