حصة الطنيجي: الأم الإماراتية حجر الأساس في بناء القادة

في سجل مسيرة المرأة الإماراتية المشرّف، تظل الأم ركناً راسخاً في بناء الأجيال وصياغة مستقبل الوطن. ومن هذا الدور المحوري، أضاءت الدكتورة حصة عبيد الطنيجي مسيرتها، فامتدت جذورها من مقاعد التعليم إلى ريادة الابتكار، ومن أروقة الأسرة إلى ساحات العمل المجتمعي. وقد جاء تتويجها بجائزة برنامج سمو الشيخة فا

في سجل مسيرة المرأة الإماراتية المشرّف، تظل الأم ركناً راسخاً في بناء الأجيال وصياغة مستقبل الوطن. ومن هذا الدور المحوري، أضاءت الدكتورة حصة عبيد الطنيجي مسيرتها، فامتدت جذورها من مقاعد التعليم إلى ريادة الابتكار، ومن أروقة الأسرة إلى ساحات العمل المجتمعي. وقد جاء تتويجها بجائزة برنامج سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للتميز والذكاء المجتمعي عن فئة «الأم المتميزة» شاهداً على أثرها العميق في غرس القيم، وصناعة القادة. 

التقتها «زهرة الخليج»، لتعرف أكثر عن قصتها الملهمة.. وتالياً نص الحوار:

كيف بدأت مسيرتك العلمية والمهنية؟

بدأت مشواري المهني عام 2004 كمعلمة لتقنية المعلومات، ثم توجهت نحو مجال الابتكار التعليمي، وقد شغلت مناصب عدة، من اختصاصية روبوت إلى رئيسة قسم ابتكارات الطلبة، ثم انتقلت إلى إدارة المناهج والمصادر التعليمية والرقمية. في عام 2023، تم تكليفي بمنصب مدير إدارة المصادر التعليمية والرقمية بمؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي. كنت حريصة على تمثيل الإمارات في بطولات ومسابقات عالمية للروبوت، وشاركت كمحكمة، وقدمت أوراق عمل في محافل دولية. كما ساهمت في مبادرات وطنية، وابتكرت برامج تدريبية متخصصة. إلى جانب عملي المهني، نفذت أكثر من 185 ساعة تطوع في خدمة المجتمع، خاصة لدعم الأيتام وأصحاب الهمم مع الهلال الأحمر الإماراتي.

فخر.. ومسؤولية

ماذا يعني لكِ الفوز بجائزة «الأم المتميزة»؟

إنه شعور يفوق الوصف، وقد تشرفت بالحصول على هذه الجائزة التي تعد تقديراً رفيعاً، أعتز به. هذا التكريم يمثل لي الفخر والمسؤولية لمواصلة العطاء، وبذل المزيد لبناء جيل واعٍ يحقق طموحات دولتنا في بناء أسرة مستقرة ومزدهرة.

  • حصة الطنيجي: الأم الإماراتية حجر الأساس في بناء القادة

ما القيم الأساسية، التي تحرصين على غرسها في أبنائك؟

أركز على قيم عدة، أهمها: الاعتزاز بالعادات والتقاليد من خلال المجالس، وصلة الرحم، وترسيخ الهوية الوطنية عبر الالتزام بالزي الإماراتي، والمشاركة في المناسبات الوطنية. وكذلك غرس قيم المسؤولية المجتمعية من خلال المشاركة في الفعاليات المحلية والدولية، وتشجيع الانضمام إلى العمل التطوعي من خلال المشاركة في حملة «رمضان أمان»، وجائزة «عون»، وأيضاً المساهمة في تقديم برامج ومبادرات مجتمعية متنوعة، والحرص على التعلم المستمر، من خلال تسجيلهم في المعسكرات والمسابقات العالمية. وأيضاً تنمية روح القيادة من خلال المجالس الطلابية والمشاركة في برامج، مثل: مجلسَيْ «شورى الأطفال والشباب»، والمجلس الاستشاري للأطفال.

كيف تدعمين أبناءك في اختيار مساراتهم التعليمية؟

 أحرص على تعريفهم بسوق العمل ومتطلباته المستقبلية، وأدعمهم لاختيار ما يناسب ميولهم وقدراتهم، مع التركيز على اللغة والمهارات المستقبلية. كما أشاركهم قصص نجاح قيادتنا الرشيدة ونماذج وطنية ملهمة، وأغرس فيهم قيمة رد الجميل للوطن.

ما أصعب التحديات التربوية، التي تواجه الأم اليوم؟

إن الفضاء الرقمي، ورفقاء السوء، من أكبر التحديات حالياً. وأواجههما بزرع الرقابة الذاتية، وتفعيل الشفافية داخل الأسرة، وتنظيم الوقت، ودمج أبنائي في برامج وورش توعوية، مع توفير بيئة بديلة آمنة ومحفزة.

الداعم الأول

إلى أي مدى كان لشريك حياتك دور في مسيرتك التربوية والأسرية؟

لا يمكن الحديث عن أي إنجاز دون أن أذكر شريك حياتي، فهو الداعم الأول لي. كان دوره محورياً، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة لأبنائنا، حيث شاركني مسؤولية التربية والمتابعة اليومية. إن دعمه المستمر منحني الثبات والثقة، وساعدني على التوفيق بين مسؤولياتي كأم وكمهنية. الأسرة، في نظري، مشروع مشترك لا ينجح إلا بتكامل الأدوار بين الأم والأب.

كيف توازنين بين الأمومة والعمل؟

أبنائي دائماً في صدارة أولوياتي، وأضع لهم جدولاً سنوياً شاملاً للأنشطة، وأخصص وقتاً لمتابعتهم شخصياً؛ لأن جودة الوقت أهم من كثرته، كما أصطحبهم معي في الأنشطة والمبادرات المختلفة مثل مبادرات الهلال الأحمر الإماراتي كمصدر للطاقة الإيجابية وتجديد العطاء؛ لأغرس فيهم القيم من خلال التجربة. وكذلك أخصص وقتاً للعلاقات الاجتماعية، والهوايات كالطبخ.

كيف ترين دور الأم في تشكيل المجتمع، وما رسالتك للأمهات؟

الأم حجر الأساس في بناء المجتمع، وإذا أحسنت بناء أسرتها، فإنها تسهم في بناء وطن قوي. أقول لكل أم: نحن أمهات الإمارات، نحمل رسالة عظيمة، فالأم الإماراتية هي الجندي المجهول الذي يصنع القادة، والمربية التي تحمي الهوية، والمنارة التي تهدي أبناءها في زمن التحولات المتسارعة.

الأبناء..‭ ‬مرآة‭ ‬الأم‭ ‬ونبض‭ ‬إنجازها

لم تكن إنجازات الدكتورة حصة في تربية أبنائها مجرد نتائج عفوية، بل كانت ثمرة نهج تربوي مدروس، اتخذ من القيم الوطنية والدينية أساساً، ومن المسؤولية المجتمعية وسيلة، ومن الذكاء العملي طريقاً نحو التميز. ويكفي أن نلقي نظرة على مسيرة أبنائها لندرك حجم الأثر الذي تركته:

• وصايف: كانت ضمن أوائل المشاركين في أولمبياد الأحياء 2023، وحصلت على منحة من جامعة أوكسفورد في برنامج الصحة العالمية، وكانت أصغر محكم في مسابقة «فيرست ليغو» للروبوت في مصر 2022.

• راشد: قاد فريقه في مسابقات الروبوت دون مدرب، وحصل على جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز، وجائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب؛ ما أكسبه ثقة عالية في النفس، وإيماناً بقيمة الإرادة.

• سلامة: أيقونة التميز، حصلت على «جائزة أبوظبي»، كما أنها أول رئيس للمجلس الاستشاري للأطفال التابع للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وترأست لجاناً برلمانية في «البرلمان العربي للطفل»، و«البرلمان الإماراتي»، وهي المتحدث الرسمي لجائزة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة للوقاية من التنمر في المدارس.

• محمد: شغل مناصب عدة، منها عضو في المجلس الاستشاري للأطفال، وعضو شورى أطفال الشارقة، وأمين سر في شورى شباب الشارقة، وممثل الدولة في برامج دولية، وكان ضمن الفريق الحاصل على جائزة «Energy Award» في الصين.

• مدية: قارئة نهمة، وقد فازت مرتين بالمركز الأول في تحدي القراءة على مستوى إمارة أم القيوين، والمركز السادس على مستوى الدولة. كما برزت كمقدمة برامج، ومبرمجة منذ الطفولة، ومثلت نموذج الطفلة المتعددة المهارات.