حققت الإمارات إنجازاً ثقافياً عالمياً جديداً بإدراج موقع "الفاية" الأثري في الشارقة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي. هذا الموقع الفريد، الذي يقع في المنطقة الوسطى بالشارقة، يتمتع بقيمة عالمية استثنائية كونه يحوي أحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية، والذي يعود لأكثر من 200 ألف عام!
-
إنجاز تاريخي للإمارات.. «الفاية» بالشارقة تنضم لقائمة اليونسكو للتراث العالمي
أهمية الفاية
يعتبر موقع «الفاية» نموذج متكامل للمشهد الصحراوي الذي يبرهن على قدرة الإنسان المذهلة على التكيف والبقاء في أقسى الظروف البيئية. ورغم قسوة الصحراء، كانت «الفاية» محطة محورية في تطور الإنسان، ما يمنح إدراجها بعداً علمياً وإنسانياً فريداً.
تميز ملف الترشيح، تحت فئة «مواقع التراث الثقافي»، بكونه الترشيح العربي الوحيد الذي نظرت فيه لجنة التراث العالمي هذا العام، ما يضفي على هذا الإنجاز أهمية خاصة لدولة الإمارات وإمارة الشارقة والمنطقة العربية بأسرها.
كنوز مدفونة
على مدار أكثر من 30 عاماً من التنقيب الدقيق، كشفت هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع فرق دولية عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة في «الفاية». كل طبقة توثق فترة زمنية مختلفة من النشاط البشري، ما يجعل الموقع كنزاً علمياً لا يقدر بثمن في تتبع مسار تطور الإنسان في البيئات القاحلة. وقد أثرى هذا العمل البحثي شراكات مع جامعات ومؤسسات عالمية مرموقة مثل جامعة توبنغن الألمانية وجامعة أوكسفورد بروكس البريطانية.
و«الفاية» بات اليوم ثاني موقع إماراتي ينال هذا الاعتراف العالمي، بعد إدراج مواقع العين الثقافية عام 2011. يؤكد هذا الإدراج مكانة الشارقة والإمارات كمهد للتاريخ البشري المبكر، ويعزز حضورهما في سجل الحضارات الإنسانية.
يُسجل "«الفاية» كأول موقع صحراوي يوثق حقبة العصر الحجري في قائمة التراث العالمي، ما يجعله علامة فارقة في فهم تطور الإنسان. فمع أن الصحارى تشكل حوالي 20% من موائل الأرض، إلا أنها لعبت دورًا محوريًا في استيطان الإنسان للكوكب.
يعكس هذا الإنجاز التاريخي الجهود المتواصلة للإمارات والشارقة في صون التراث الإنساني المشترك، ويبرز التزام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بدعم البحث العلمي وحفظ التراث الثقافي.
«الفاية» ملك لكل شعوب العالم
ونيابةً عن دولة الإمارات وإمارة الشارقة، أعربت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، السفيرة الرسمية لملف الترشيح الدولي لموقع الفاية، عن شكرها لرئيس لجنة التراث العالمي وأعضائها الموقّرين، على هذا الاعتراف التاريخي، مؤكدة أن قصة «الفاية» تشكّل جزءاً أصيلاً من الحكاية الإنسانية المشتركة، وأن إدراجها يعزز إسهام الشارقة كمهد للتاريخ البشري المبكر ويبرز دور شبه الجزيرة العربية في رحلة الإنسان للخروج من إفريقيا. الأدوات الحجرية التي يزيد عمرها عن 200 ألف عام في «الفاية»هي دليل ناطق على عبقرية أسلافنا.
ومن جانبه، شدد عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، على أن المواقع المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي لا تخص بلداً بعينه، بل هي ملك للبشرية جمعاء. وأشار إلى أن هذا الإدراج هو ثمرة عمل مشترك من البحث العلمي، الرعاية الثقافية، والدبلوماسية الدولية، ضمن رؤية الشارقة التي تمتد لأكثر من 30 عاماً، والتي تدمج التراث والتعليم والتنمية المجتمعية.