بدأ الذكاء الاصطناعي يتسلل إلى أكثر الزوايا خصوصية في حياتنا الشخصية: مشاعرنا وعلاقاتنا. وبينما تزداد أعداد النساء اللواتي يعترفن بأنهن يفضّلن اللجوء إلى ChatGPT، في لحظات الحيرة والانهيار العاطفي، لا بد أن نتوقف قليلاً؛ لنسأل: هل نحن أمام صديق حقيقي؟.. أم مجرد مرآة ناطقة، تعيد إلينا صدى أفكارنا؟
-
الذكاء الاصطناعي والمرأة.. هل وجدتِ صديقك المثالي في ChatGPT؟
صديقكِ الذي لا يملُّ:
تخيلي أن تمتلكي صديقاً لا يغضب، ولا يصدر أحكامًا، ولا يذكّركِ بأخطائكِ، ويكون متاحاً في أي وقت، ويمنحكِ مساحة كاملةً للتحدث عن نفسك. يبدو الأمر مغرياً، وربما مثالياً. لكنه في الحقيقة ليس إنساناً، بل يُدعى ChatGPT، وقد تطوّر بسرعة؛ ليصبح أفضل صديق رقمي للعديدات من النساء حول العالم.
ومنذ إطلاقه عام 2022، تحوّل ChatGPT من أداة تقنية إلى رفيق وجداني، يقدم الدعم في كتابة الرسائل، والتفكير بصوت عالٍ، وحتى محاولة فهم تعقيدات العلاقات العاطفية. ووفق دراسة لجامعة تورنتو، فإن 54% من المشاركين، وجدوا أن ردود الروبوت بدت أكثر تعاطفًا من الإنسان الحقيقي.
مساحة آمنة مؤقتة.. لا بديل للعلاقات الحقيقية:
البعض يلجأ إليه حين لا يريد إزعاج أصدقائه بتكرار نفس القصة؛ لأن ChatGPT لا يملّ أبدًا. في المقابل، تُنبّه المعالجة النفسية، إيستر بيريل، من وَهْم الترابط في زمن الرقمنة، وتصفه بوحدة مقنّعة. فوجود ألف صديق إلكتروني لا يعوّض صديقاً يطرق بابكِ عندما تمرضين.
ويرى الكاتب روبرت بروكس، مؤلف كتاب «الحميمية الاصطناعية»، أن الناس ينجذبون إلى الذكاء الاصطناعي؛ لأنه لا يُحرجهم، ولا يُذكّرهم بأخطائهم، ولا يُفشي أسرارهم. لكنه في الوقت نفسه لا يقدّم تلك العلاقة الغنية بالتحديات، التي تُربينا، وتشكّلنا.
ويرى أن النصيحة من ChatGPT قد تبدو مشجعة دائمًا، لكنها لا تُحدث التغيير الحقيقي، لأنه لا يقول لكِ: كفى، أو حاولي إعادة التفكير، بل يمنحكِ ما تريدين سماعه، لا ما تحتاجين فعلاً.
-
الذكاء الاصطناعي والمرأة.. هل وجدتِ صديقك المثالي في ChatGPT؟
العالم الرقمي لا ينسى.. ولا يتذكّر أيضاً:
ورغم أن ChatGPT لا يحتفظ بسجل محادثات دائم، كما تطمئن المنصة المستخدمين، فإن تطور التكنولوجيا قد يغير هذا الواقع يوماً ما. فالثقة المفرطة قد تفتح باباً لمخاطر غير متوقعة. والبيانات التي نمنحها لهذه الأدوات ترسم خريطة دقيقة لأنفسنا، قد تُستخدم يومًا بشكل لا نرضى به.
المرأة بين الدعم الرقمي.. والعزلة العاطفية:
قد يقدّم ChatGPT دفئاً ظاهرياً ودعماً مباشراً، لكنه يظل أداة خالية من التبادلية الحقيقية. وقد لا يُخطئ، لكنه لا يشارككِ الألم، ولا يتذكّر، ولا ينمو معكِ. لذا، إن كانت علاقتكِ به مريحة، فهذا طبيعي. لكن لا تنسي أن الصداقات الحقيقية تتغذى على المشاعر، والاختلاف، والمواجهة، وحتى لحظات الصمت. استخدمي التكنولوجيا لصالحكِ، لكن لا تدعيها تحلّ محلّ قلبكِ وعلاقاتكِ الحقيقية. فالإنسان، رغم عيوبه، يبقى الأقدر على الشعور، والإحساس، والمواجهة الصادقة.