في وقتٍ أصبحت فيه الدبلوماسية الإماراتية مثالاً يحتذى عالمياً؛ تظهر أصوات نسائية، تكتب فصولًا جديدة من الحضور والتأثير على الساحة الدولية، ومن بين هذه الأصوات شيماء سالم الحبسي، مستشار نائب رئيس بعثة دولة الإمارات لدى جمهورية إندونيسيا، التي تمثل صوتاً إماراتياً واثقاً، يعبّر عن قيم الوطن في الخارج.. «زهرة الخليج» التقتها، في حوار خاص، تحدثت فيه عن مسيرتها الدبلوماسية، والدروس التي شكلت شخصيتها، وأحلامها المقبلة في خدمة الوطن:

ما الذي قادك إلى العمل الدبلوماسي؟

 منذ صغري، وأنا معجبة بشخصية «الدبلوماسي»، لما يحمله من صورة مشرفة لبلادنا في الخارج. ولطالما رأيت فيه الجسر، الذي يصل وطننا بالعالم، والصوت الذي يعكس ثقافتنا، وهويتنا. هذا الحلم رافقني حتى وجدت نفسي أمام فرصة حقيقية للالتحاق بالسلك الدبلوماسي، بعد تجربة مهنية أولى في قطاع البنوك، ثم الطاقة المتجددة، عبر عملي مع «مصدر»، حيث تعاونت مع وزارة الخارجية في ترويج برامج الدولة في الاستدامة والطاقة النظيفة. هذا التفاعل كشف لي - عن قرب - الدور المؤثر للدبلوماسي، وأشعل بداخلي رغبة في أن أكون جزءاً من هذا المسار، ممثلةً لوطني في المحافل الدولية.

قدوة ملهمة

كيف تقيمين الدعم، الذي حظيت به كامرأة إماراتية في المجال الدبلوماسي؟

وجودي، اليوم، في هذا الميدان تأكيد على الدعم الاستثنائي، الذي تقدمه دولة الإمارات إلى المرأة، بفضل الرؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة، التي أرست دعائم التمكين. هذا الدعم جعلنا ندخل مجالات لم نكن نحلم بها من قَبْلُ. بالنسبة لي، العمل الدبلوماسي التزام ومسؤولية مضاعفة؛ لأكون صورة تعكس ما وصلت إليه المرأة الإماراتية من نضج مهني، وقدرة على تمثيل الوطن.

  • شيماء الحبسي: العمل الدبلوماسي التزام ومسؤولية

مَن قدوتك الشخصية، وكيف ألهمتك في مسيرتك؟

وجدت في سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، مصدر إلهام ومرجعية في تمكين المرأة، فسموها صنعت لنا بيئة مشجعة؛ لتحقيق الطموحات بلا سقف. وفي طفولتي، كانت والدتي قدوتي الأولى، فقد كنت أراها مثالًا يحتذى في القوة والحكمة والحنان؛ فلم تكن تكتفي بإدارة شؤون المنزل، بل عكفت على تربيتنا أنا وإخوتي بكل حب وصبر، خاصة في ظل ظروف عمل والدي الحبيب بقطاع النفط، التي كانت تتطلب غيابه عن المنزل لفترات طويلة. هذه الظروف جعلتها رمزًا للعطاء والمسؤولية، وغرست في نفسي أهمية الاعتماد على الذات، والتفاني في خدمة الآخرين. 

ما المهارات، التي تعتبرينها ضرورية لأي دبلوماسي؟

هناك مجموعة من المهارات، التي لا غنى عنها، أبرزها: المرونة، والقدرة على التكيف مع متغيرات العالم، واللباقة في التواصل مع شعوب وثقافات مختلفة، والحكمة في إدارة الملفات الحساسة بما يحفظ مصالح الدولة. هذه المهارات تنمو مع الممارسة، لكنها تنطلق من قاعدة تربوية وثقافية، نشأنا عليها في الإمارات: «الاحترام، والتسامح، والانفتاح».

ما أبرز مسؤولياتك اليومية في مهمتك الدبلوماسية بإندونيسيا؟

 أمثل دولة الإمارات في الفعاليات والاجتماعات الرسمية، وأسعى إلى تقوية العلاقات الثنائية مع الجانب الإندونيسي.. سياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا. كما أتابع شؤون المواطنين هناك، وأشرف على الخدمات القنصلية المقدمة إليهم؛ لأن راحة المواطن في الخارج أولوية، كما أبحث - باستمرار - عن فرص تعاون جديدة، تعزز حضور الدولة عالمياً.

أثـر

كيف أثر العمل الدبلوماسي في شخصيتك؟

صقل العمل الدبلوماسي شخصيتي بشكل عميق، وعلمني التكيف والاستقلالية والانفتاح على ثقافات وأساليب تفكير متنوعة؛ فعيشك خارج وطنك، وتمثيل هويتك، يضاعفان شعورك بالانتماء، ويجعلانك أكثر تقديراً لكل قيمة تربيت عليها.

كدبلوماسية.. كيف أثرت ثقافتكِ المحلية في عملكِ؟

الثقافة الإماراتية زادي، الذي أقدمه إلى العالم. ففي كل فعالية أو لقــــاء، أحرص على نقل صورة مشرقة عن إرثنا، وقيمنا الأصيلة، من تسامح وانفتاح. سواء من خلال المطبوعات، أو التعريف بتقاليدنا، أو حتى تقديم لمسات من ضيافتنا الإماراتية، التـــي أعتبرها جزءاً مـــن رســــالتي في التمثيل المشرف للوطن.

هل هناك موقف شخصي، كان له أثر في مسيرتك؟

أتذكر أنني - حين أعلنت وزارة الخارجية عن فتح باب التوظيف - ترددت؛ لأن زميلًا استفسر، ببراءة، إن كنت أمتلك فعلاً مؤهلات العمل الدبلوماسي. ذلك السؤال بعثر ثقتي للحظات. لكن حديث والدي معي أعاد إليّ توازني، حين قال لي: «تقدمي، وما ستخسرينه؟.. إما أن تحققي حلمك، أو تظلي ابنتي التي أفتخر بها!».. هذه الكلمات دفعتني إلى تقديم الطلب، وتم قبولي؛ لتبدأ رحلتي. ومنذ تلك اللحظة أيقنت أن الثقة بالنفس تصنع الفرق.

إلى أين يصل طموحك المهني؟

 طموحي أن أســــتمر في تمثيل الإمارات بكــــل كفاءة، وأن أساهم فــــي تعزيز صورتها وحضــــورها عالميًا. وأنا على أتم الاستعداد لكل مهمة وطنية، تسند إليّ، وعلى يقين أن خدمــــة الوطــــــن مســــــؤولية ليســــت لها حدود.

ما النصيحة التي تقدمينها إلى شباب وشابات الإمارات، الذين يرغبون في الالتحاق بالعمل الدبلوماسي؟

أنصحهم بالثقة بالذات، والتحلي بالمرونة والثقافة الواسعة، وألا يسمحوا لأحد بأن يثنيهم عن أحلامهم. فالعمل الدبلوماسي شرف ومسؤولية، لكنه أيضاً فرصة لصناعة فارق، وتمثيل الإمارات بأبهى صورة.. وهذا يستحق كل الجهد والاجتهاد!