إعلاميات إماراتيات يصغن الحكاية بشغف ومسؤولية
في وطن يحتفي بالإنسان، ويثق بقدراته.. كانت المرأة الإماراتية، دائمًا، شريكًا حقيقيًا في التنمية، وصانعةً أثرًا في المجالات كافة، ومن بينها «الإعلام»، الذي لم يكن يومًا مجرد مهنة أو وسيلة اتصال، بل يبقى جسرًا لصناعة الوعي، وإعادة تشكيل الإدراك الجمعي. في هذا السياق، تحتفي «زهرة الخليج» بنماذج إماراتية مشرّفة في المشهد الإعلامي، بنساء جمعن بين الهوية الوطنية، والاحتراف المهني؛ فكنّ الصوت الذي يحمل الرسالة، والصورة التي تروي الحكاية، وهن: ميثاء إبراهيم (مذيعة برامج)، وحصة النقبي (مخرجة إعلانات وفواصل)، ودعاء الحمادي (مذيعة أخبار)، وريم البريكي (محررة صحافية في المجال الاقتصادي).
-
إعلاميات إماراتيات يصغن الحكاية بشغف ومسؤولية
دعاء الحمادي: الإعلام شغف يكبر بداخلي
الإيمان بقيمة الكلمة، وصدق التأثير، ومزج الحس الإنساني بالمسؤولية المهنية.. قواعد ثابتة، وضعتها دعاء الحمادي، مذيعة رئيسية للأخبار في شبكة أبوظبي للإعلام، ساعية إلى أن تكون صوتًا صادقًا، يحمل أثرًا طيبًا في المجتمع. وقد بدأت الحمادي مشوارها الإعلامي قبل دراسته، فهي ابنة الشغف والممارسة. فعلاقتها بالإعلام ترسخت منذ الطفولة، حين كانت تقرأ الصحف بصوت عالٍ أمام المرآة، كأنها تقدم نشرة حقيقية. ورغم دراستها «إدارة الأعمال»، ظل شغف الكلمة والصورة يسكنها، حتى أصبح الواقع المهني امتدادًا لحلم الطفولة. وترى دعاء أن الإعلام ليس وظيفة بل مسؤولية، ووسيلة لصناعة الوعي، وتقديم رسالة تُحترم.. تقول: «الإعلام الحقيقي يُبنى على الصدق، وعلى قدرة المذيع على الإصغاء، والثقافة، والذكاء في تقديم المعلومة.. ببساطة، وعمق».
الاستراحة ليست ضعفاً
تواجه دعاء الحمادي الضغوط بالتنظيم والهدوء، وتعود إلى نفسها؛ لتفصل بين الضغط والذات؛ فتعرف متى تتوقف، ومتى تُكمل العمل، لأنها تعلم يقينًا أن وقت الاستراحة ليس ضعفًا، بل ذكاء في إدارة التحديات. وتفخر الحمادي بنفسها؛ عندما تجد أن صوتها يترك أثرًا في الجمهور، واعتزاز أبويها وفخرهما بها يجعلانها تدرك أن حلم الطفولة بات واقعًا على شاشة التلفزيون، وفي نفوس من حولها. وتحرص على ترتيب أولوياتها؛ لتوازن بين حياتها الاجتماعية والمهنية، فالنجاح المهني لا يجب أن يكون على حساب أسرتها، فهي كأم تحرص على القيام بواجباتها تجاه أبنائها، وعائلتها، على أكمل وجه. وتستلهم دعاء الحمادي قدوتها من كل إعلامي صادق واعٍ، يعمل بجد، ويترك أثرًا إيجابيًا، وترى أن التكنولوجيا في قطاع الإعلام قد تُسرّع الوصول للمعلومة، لكنها قد تؤثر في المعنى، فالإعلام الحقيقي يبقى لمن يحفظ جوهره، ورغم الزخم يستطيع الجمهور أن يميز بين من يملأ وقته، ومن يلامس وعيه. لذلك، تنصح الجيل الجديد بعدم اللهث خلف المظاهر، وتؤكد أن الإعلام لا يُقاس بالصورة بل بالمضمون.. تضيف: «الصدق والوعي يجعلان الإعلامي قدوة حقيقية.. لا مجرد صورة عابرة».
-
إعلاميات إماراتيات يصغن الحكاية بشغف ومسؤولية
حصة النقبي: الرسالة الإعلامية روح حاضرة وأثر باقٍ
من خلف الكاميرا، تُعيد حصة النقبي، المخرجة في قناة الشرقية، تعريف الصورة كرسالة ومسؤولية؛ فهي لا تلتقط المشهد فقط، بل تحاول أن ترى الجمال والواقع بعين مختلفة، معتبرة أن العدسة لا تنقل فقط ما تراه، بل أيضاً ما تشعر به. وحصة ترى في الإعلام مساحة حرة للتعبير، وإحداث فرق حقيقي في المجتمع؛ فلم يكن دخولها هذا المجال مجرد تخصص أكاديمي، بل كان انعكاساً لحاجتها إلى إيجاد صوتها الخاص، والتعبير عن فكرها، وشعورها، بطريقة تصل إلى الجميع.. تقول: «الإعلام شغف يومي، ومسار حياة لا مجرد وظيفة. أطمح إلى صناعة محتوى يرتقي بالوعي الجمعي، ويحفّز التفكير، ويُعيد تعريف القيم الأصيلة في مجتمعاتنا». بالنسبة لحصة، الإعلام جسر بين وعي الإنسان وقيم المجتمع. وتسعى - من خلال عملها - إلى تقديم محتوى لا يكتفي بعرض الواقع، بل يُحفز المشاهد على التفكير، ويعيد اكتشاف الجمال والصدق والمعنى؛ وتضيف: «المهارات، التي يجب أن يتحلى بها الإعلامي تتلخص في: الصدق، والحضور الذهني، والإصغاء العميق، والوعي الثقافي المستمر».
بين العمل.. والحياة
رغم ضغوط العمل، نجحت المخرجة حصة النقبي في الحفاظ على شغفها، من خلال التأمل، والتنظيم، وتخصيص وقت لنفسها؛ لتجديد طاقتها. وتُقدّر أن القيمة الحقيقية للإعلام لا تُقاس بعدد المشاهدات، بل بالأثر المتروك في قلوب الناس. وترى أن التكنولوجيا تمنح الإعلام فرصًا هائلة، لكنها لا تُغني عن الإنسان. فالمستقبل، كما تؤكد، سيكون لمن يجمع بين الابتكار والأصالة، ويقدم محتوى صادقًا، يلامس العقول والقلوب. وتنصح الجيل الجديد بأن يكون صادقًا مع نفسه، ومع الجمهور، وألا يسعى خلف الشهرة، بل لصناعة الأثر، وأن يبحث عن المعنى، وصوته الحقيقي، بالعلم والقراءة، فالإعلام أمانة ومسؤولية، قبل أن يكون منصة.
-
إعلاميات إماراتيات يصغن الحكاية بشغف ومسؤولية
ميثاء إبراهيم: الإعلام صوت يحمل رسالة
تدرك ميثاء إبراهيم، مذيعة البرامج، أن الكلمة مسؤولية، والصوت نافذة تُفتح على الحقيقة. فلم يكن الإعلام - بالنسبة لميثاء - مجرد خيار أكاديمي أو مهني، بل كان امتدادًا لشخصيتها الفضولية، واهتمامها بالقصص الإنسانية، التي تستحق أن تُروى. تحكي ميثاء أن أولى خطواتها كانت عبر تقارير ميدانية بسيطة، لكنها كانت محمّلة بروح كبيرة. ومن بين الشخصيات، التي تركت أثرًا في مسيرتها، تذكر سعادة منى غانم المري، نائب الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام، رئيسة نادي دبي للصحافة، التي ألهمتها برؤيتها أن الإعلام قوة ناعمة، قادرة على إحداث تغيير. الإعلام في حياة ميثاء ليس مجرد مهنة تُمارسها، بل شغف يحرّكها يوميًا، وطموح لا تحدّه سقوف؛ فهي تعلم جيدًا أن لكل إنسان قصة تستحق أن تُروى، وأن الإعلام ليس وسيلة لصناعة النجوم فقط، بل منصة لتسليط الضوء على المجهولين، الذين يحملون قصصًا ملهمة.. توضح: «الإعلام يجب أن يربط لا أن يفرق.. أن يلهم لا أن يستهلك.. أن يُعيد تعريف المعنى في كل ما يعرضه».
لحظات فخر
ترى ميثاء إبراهيم أنه لا بد للإعلامي من التسلح بمهارات أساسية، منها: الإنصات قبل الحديث، والصدق في طرح الأسئلة، والتواضع أمام الكاميرا، والقدرة على الحضور الذهني في كل لحظة. وتضيف: «النجاح الإعلامي لا يُقاس بمدى معرفة الإجابات، بل بقدرتك على طرح الأسئلة، التي تحترم عقل الجمهور». وتحكي عن أعظم لحظات الفخر في مسيرتها، التي كانت تتجسد - ببساطة - في نظرة والدها، رحمه الله، كلما سمع اسمها يُذكر على الشاشة. تلك النظرة كانت تضيء قلبها، وتمنحها دافعًا للاستمرار. كذلك، شعرت بعمق الرسالة الإعلامية؛ حين تلقت اتصالاً من متابع، تأثر بتقريرها عن مبادرة إنسانية بسيطة، فقرر بعدها أن يغير شيئًا في حياته؛ ليكون أكثر نفعًا لمن حوله. وتنصح ميثاء إبراهيم الجيل الجديد من الإعلاميين بأن لا يلهث خلف «الترند، واللايكات»، بل خلف القصة الحقيقية التي تستحق. فالمصداقية، على حد قولها، هي ما يبقى في ذاكرة الجمهور؛ لأن الناس لا ينسون من يلمس مشاعرهم بصدق!
-
إعلاميات إماراتيات يصغن الحكاية بشغف ومسؤولية
ريم البريكي: عشق الكتابة قادني إلى الصحافة
الصحافية الإماراتية، ريم البريكي، التي بدأ عشقها للكتابة من مقاعد الجامعة، رغم أن تخصصها الأكاديمي كان بعيدًا عن الإعلام، بدأت تكتب تحت أسماء مستعارة، حتى وجدت نفسها في مدرسة جريدة الاتحاد، التي صقلت موهبتها، وصنعت منها كاتبة عمود، ثم مراسلة ومحررة في مجالات: المنوعات، والمرأة والطفل، والثقافة، وأخيرًا الاقتصاد. بالنسبة لريم، الإعلام ليس وظيفة تُملى عليها بقدر ما هو شغف مستمر، يولّد الإبداع، ويُبقيها في حالة دائمة من التجدد والتحدي.. تقول: «المهنة قد تكون مصدر دخل، لكن الشغف هو ما يمنح العمل معناه الحقيقي». وانطلاقًا من هذا الإيمان، يراودها حلم تأسيس أكاديمية وطنية للإعلام، تُعنى بتأهيل الكوادر الإعلامية، وتطوير مهاراتها، على أن تتبنى رؤية تدمج بين التجربة العملية، والخبرة الاحترافية. كما تطمح إلى استقطاب نخبة من أصحاب الكفاءات والخبرات؛ لتوظيف معارفهم في دعم جيل جديد من الإعلاميين المحترفين.
جوهر الرسالة الإعلامية
ريم البريكي على قناعة تامة بأن المصداقية هي العمود الفقري لكل رسالة إعلامية ناجحة. ففي زمن باتت فيه التقنية تسبق المعلومة، لم يعد سهلاً التمييز بين الحقيقة والشائعة؛ لهذا ترى أن على كل إعلامي مسؤولية مضاعفة، تكمن في التحقق من صحة الأخبار، ومصادرها. وتضيف: «الصحافي الحقيقي هو مَنْ يتحلى بالصدق، والشفافية، والنزاهة، والكفاءة المهنية في نقل المحتوى، فدور الإعلام اليوم ليس فقط الترفيه أو التغطية، بل تنوير العقول، وبناء الوعي المجتمعي». ومن اللحظات، التي تعتز بها ريم، خلال مسيرتها، تجربتها في تدريب زملائها بالمجال الصحافي، حيث تجاوز عدد الحضور في إحدى ورشها التدريبية العدد المقرر، ما اعتبرته شهادة تقدير معنوية، تثبت تميزها في نقل المعرفة والخبرة إلى غيرها. كما أثنت على تجربة زميلها الإعلامي جابر عبيد، الذي ترى فيه نموذجًا للمهنية، والقدرة على التفاعل القريب مع الجمهور.
نظرة إلى المستقبل
تتطلع ريم البريكي، الصحافية الإماراتية، إلى مستقبل أكثر إشراقًا وتأثيرًا للإعلام الإماراتي، مستندًا إلى أدوات تعزز جودة المحتوى، وترفع كفاءة الممارسين. وتوجه رسالة إلى الجيل الجديد من الإعلاميين، قائلة: «اصنعوا بصمتكم الخاصة، ولا تكتفوا بتكرار ما سبقكم إليه الآخرون، بل اجعلوا مسيرتكم المهنية قصة تميز، تستحق أن تُروى».
جوائز
على امتداد مسيرتها المهنية، راكمت الصحافية الإماراتية، ريم البريكي، خبرة ثرية، تُوّجت بحصدها عدداً من الجوائز المحلية والعربية. ومن بين أبرز إنجازاتها، فوزها بجائزة أفضل حوار صحافي على مستوى الوطن العربي في مجال التقنيات والتكنولوجيا، بتنظيم من جمعية البرمجة، بالتعاون مع شركة مايكروسوفت. كما نالت شهادات تقدير من مؤسسات حكومية وخاصة؛ تقديرًا لما قدمته من محتوى إعلامي متميز، ولا تزال تتذكر - بفخر - وصولها مع إحدى زميلاتها إلى نهائيات جائزة الصحافة العربية عام 2003. ورغم قوة المنافسة، تعتز بشرف الوصول إلى تلك المرحلة المتقدمة.