لم تعد اللقاءات الاجتماعية مجرّد مناسبات للتسلية أو تمضية الوقت، بل تحوّلت، في السنوات الأخيرة، إلى وسيلة جديدة للعناية بالنفس، وتجديد الطاقة، وبناء روابط أكثر عمقًا وصدقًا. ما يُعرف اليوم بـ«العافية الاجتماعية» هي أكثر من مجرّد «ترند»، إنها دعوة لإعادة التفكير في الطريقة التي نتواصل بها.
الأجيال الشابة، التي تبحث عن التوازن وسط ضغط الحياة الحديثة، باتت تجمعاتها تدور حول أنشطة تُغذي الجسد والروح معًا: من التأمل الجماعي، إلى المشي في الطبيعة، إلى الجلسات الخالية من الضجيج والتكلّف. و«العافية الاجتماعية» تُغيّر قواعد اللعبة، فهل آن الأوان لتعيدي تعريف مفهوم «السهرة» في حياتكِ؟
-
«العافية الاجتماعية».. من الترفيه التقليدي إلى لقاءات تحافظ على صحتكِ وروحكِ
الثورة التي يقودها جيل (Z):
جيل (Z)، الذي نشأ خلال فترة «الجائحة»، في مقدمة هذا التغير الكبير في العادات الاجتماعية. فهو أقل احتمالاً للذهاب إلى المقاهي أو النوادي بنحو النصف، مقارنةً بجيل الألفية، ويفضل الأنشطة التي ترتكز على التجارب. هذا الجيل يقدّر الصحة، والنوم، والعلاقات ذات القيمة، وغالبًا يختار نزهات طويلة، أو جلسات في النادي الرياضي، أو مواعيد لتناول العصائر الصحية.
ومن اللافت أن هذه الحركة لا تقتصر على الشباب فقط، فنساء جيل (إكس)، وجيل الألفية، الأكبر سناً بدأن أيضاً تنقية حياتهن الاجتماعية، مبتعدات عن ثقافات عرفنها في شبابهن، ومتجهات نحو بدائل أكثر صحة في تواصلهن الاجتماعي.
تطور اللقاءات الاجتماعية:
بدأت أنشطة اجتماعية جديدة ترتكز على التجارب الصحية في الانتشار، لتلبي اهتمامات وأهدافَ عافيةٍ متنوعةً. هذه الحركة أنتجت مجموعة واسعة من الأنشطة، التي تعزز الصحة، واليقظة الذهنية، والنمو الشخصي، مع فرص للتواصل الاجتماعي العميق:
- اللقاءات الرياضية الجماعية:
- دروس اليوغا الجماعية التي تجمع بين التمارين الذهنية والجسدية.
- نوادي الجري التي تجمع العدائين بمستويات مختلفة؛ لتعزيز الصحة والصداقة.
- حصص اللياقة، مثل: التدريب المتقطع، والبيلاتس، والدراجة الثابتة.
-
«العافية الاجتماعية».. من الترفيه التقليدي إلى لقاءات تحافظ على صحتكِ وروحكِ
- تجارب اليقظة والاسترخاء:
- جلسات «حمامات الصوت»، التي تستخدم أصوات الأوعية والغونغ؛ لتوفير استرخاء عميق.
- جلسات التأمل الجماعية، التي تعزز الهدوء والتواصل.
- دروس التاي تشي أو تشي قونغ، التي تجمع بين الحركة الواعية والاسترخاء.
- ورش العمل الإبداعية وبناء المهارات.
- دروس الفخار التي تجمع بين العمل اليدوي والتواصل الاجتماعي.
- ورش الفن والرسم التي تسمح بالتعبير الإبداعي المشترك.
- دروس الطهي الجماعية التي تجمع بين التعلم والمتعة الاجتماعية.
أنشطة اجتماعية في الطبيعة:
- المشي الجماعي في الطبيعة لتعزيز اللياقة والتواصل.
- زراعة الحدائق المجتمعية التي تبني إحساساً بالهدف المشترك.
- حملات تنظيف الشواطئ والحدائق التي توحد بين المسؤولية البيئية والتفاعل الاجتماعي.
- دوائر الشفاء لتبادل الدعم العاطفي.
- ورش عمل التنفس العميق لتحرير التوتر وتحسين الوضوح الذهني.
- مجموعات «الريكي»؛ لمشاركة الطاقات الشافية.
-
«العافية الاجتماعية».. من الترفيه التقليدي إلى لقاءات تحافظ على صحتكِ وروحكِ
فوائد تبنّي «العافية الاجتماعية»:
من الناحية الجسدية، تُسهم في تحفيز القلب، وتقوية العضلات، وزيادة المرونة، خاصة من خلال الأنشطة الحركية الجماعية. أما نفسيًا، فهي تساعد على تقليل التوتر والاكتئاب، وتعزز الشعور بالإنجاز والثقة بالنفس.
وعلى مستوى العلاقات، تُشجّع «العافية الاجتماعية» على بناء روابط حقيقية قائمة على الاهتمامات المشتركة والقيم العميقة، بدلًا من العلاقات السطحية العابرة. كما أن تحسين الصحة العامة ينعكس مباشرةً على الإنتاجية اليومية والرضا عن نمط الحياة، من خلال زيادة التركيز والطاقة.
أما الدماغ، فلا يُستثنى من هذا الأثر الإيجابي، إذ تساهم التجارب الاجتماعية الجديدة في تحفيزه، وتقليل خطر التدهور المعرفي مع التقدّم في العمر. ولا ننسى الأثر العاطفي، حيث يؤدي التفاعل الإنساني الإيجابي إلى إفراز الإندورفينات الطبيعية (هرمونات السعادة)، وتحسين المزاج، وزيادة الذكاء العاطفي.
تحديات ينبغي الانتباه إليها:
- التوازن بين العادات التقليدية والجديدة قد يواجه مقاومة من بعض الأصدقاء أو العائلة.
- التكلفة والوصولية لبعض الأنشطة قد تكون عائقًا للبعض.
- قد يؤدي الانقطاع التام عن التجمعات التقليدية إلى فقدان فرص بعض الروابط الاجتماعية أو المهنية.
- خطر إحساس البعض بالاستبعاد أو الحكم عليهم، إذا كان التركيز شديداً على العافية فقط.