كثيرة هي التحذيرات، التي يطلقها خبراء علم النفس والتنمية البشرية، من وحدة الأطفال والمراهقين مع أجهزتهم اللوحية، واستغنائهم عن التواصل مع العالم الخارجي.
ويرافق هذه التحذيرات، عادة، التنبيه كذلك من إصابة النشء الجديد بمجموعة من الأمراض، يأتي في مقدمتها: التوحد، والخوف من العالم الخارجي، والسمنة، والتوتر والعصبية، والإدمان على الأجهزة الرقمية.
-
هل تعوض روبوتات الذكاء الاصطناعي المراهقين عن الصداقات الواقعية؟
لكن الجديد في هذا الأمر، هو التحذيرات التي أطلقتها منظمة «Common Sense Media»، من الانفصال التام للأطفال والمراهقين عن واقعهم، وتعميق صداقاتهم مع الروبوتات الذكية، التي صارت رفيقة دائمة لـ72% من المراهقين تحت سن الثامنة عشرة، في استطلاع أجرته المنظمة الأميركية، ونشرت نتائجه حديثاً.
ويبدو أن تقنيات وأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة زادت الطين بلة في مسألة انسلاخ المراهقين عن واقعهم اليومي الحقيقي، واستغنائهم عن الصداقات الإنسانية، وتوجههم نحو روبوتات الذكاء الاصطناعي.
ونشر موقع «ساينتيفيك أميركان» تقريراً مبنياً على نتائج ودراسات منظمة «Common Sense Media»، التي بينت أن المراهقين باتوا يعتمدون بشكل شبه كامل على روبوتات الدردشة الذكية مثل «تشات جي بي تي»، ويحصلون منها على الاستشارات اللازمة في الكثير من شؤون حياتهم.
واللافت، في التقرير، أن اللغة التي تستخدمها روبوتات الدردشة الذكية، وردود أفعالها، والتعاطف الذي تُبديه، كلها عوامل تجعل المستخدم يشعر بالفهم والتعاطف الحقيقي. حيث يمكن لروبوتات الدردشة هذه أن تجعل أي شخص يشعر بأنه محبوب، لأنها مبرمجة لمساعدة المستخدمين على الشعور بأنهم أقاموا علاقة حقيقية. وبما أن المراهقين لديهم شغف فطري بالرومانسية، فإذا شعر أيٌّ منهم بالتجاهل من قِبل الفتيات مثلاً، فيمكنه اللجوء إلى روبوت الدردشة لتعويض ذلك.
-
هل تعوض روبوتات الذكاء الاصطناعي المراهقين عن الصداقات الواقعية؟
ويُوصي خبراء الصحة في موقع «مايو كلينك» الوالدين بالسعي لإفهام أبنائهما، الفرق بين الصديق الحقيقي والصديق الروبوت الذكي، وعليهم إدراك أن البشر يقدمون الكثير، الذي لا يقدمه رفاق الذكاء الاصطناعي، والعمل على حث الأطفال على بناء صداقات في الحياة الواقعية، في المدارس والنوادي الرياضية والاجتماعية.
ويؤكد خبراء الصحة أن روبوتات الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تعوض الأطفال والمراهقين عن الصداقات الواقعية، لأن الصداقات الواقعية توفر علاقات اجتماعية حقيقية ومتعددة الأوجه، ما يساعد في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية. كما أن التفاعل البشري يتيح للمراهقين تجربة المشاعر، والتفاعلات الاجتماعية بشكل حقيقي، فضلاً عن كون الصداقات الواقعية يمكن أن توفر دعماً نفسياً قوياً ومتعدد الأوجه. لذا، من المهم أن يتوازن استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على الصداقات الواقعية، والعلاقات الاجتماعية الحقيقية.