يُعد «الحزام الناري» من الأمراض الجلدية الفيروسية، التي قد تصيب أي شخص سبقت له الإصابة بـ«جدري الماء»، حتى ولو بعد عقود. ورغم أن معظم الناس يتعافون منه، إلا أن الألم الذي يسببه قد يستمر طويلاً؛ إذا لم يتم التشخيص والعلاج في الوقت المناسب. الدكتور محمد قريشي، أخصائي طب الأمراض الجلدية في مدينة برجيل الطبية بأبوظبي، يسلط الضوء على هذا المرض، وأسبابه، وأعراضه، وطرق الوقاية منه.

يوضح الدكتور قريشي أن «الحزام الناري» يحدث نتيجة إعادة تنشيط فيروس «جدري الماء»، الكامن في الأعصاب منذ الطفولة. فعقب الإصابة بـ«جدري الماء»، يبقى هذا الفيروس داخــل الجهاز العــصبـــي، وقد يعود إلى النشــــاط عند ضعف المناعة، أو التعرض لضغط نفسي شديد، مهاجماً الأعصاب الجلدية، ومسبباً طفحاً مؤلماً على شكل شريط، أو حزام، في أحد جانبي الجسم.

  • «الحزام الناري» فيروس «نائم» يعود ليصيب الجلد والأعصاب

الأعراض.. بين الألم والطفح

يشرح الدكتور قريشي أعراض «الحزام الناري»، مشيراً إلى أنها تبدأ، عادة، بألم شديد، أو إحساس بالحرقة في منطقة محددة من جانب واحد بالجسم، غالباً على الصدر أو الظهر، وأحياناً الوجه. وبعد أيام قليلة، يظهر طفح جلدي على شكل حويصلات مملوءة بسائل، مشابهة لحبوب الماء، تتوزع على شكل خط أو شريط على الجلد. وقد تصاحب ذلك حكة، واحمرار، وانتفاخ، وحمى، وصداع، وتعب عام، وتورم في الغدد الليمفاوية. وحتى بعد زوال الطفح، قد يستمر الألم لفترة طويلة، وهي حالة تُعرف بـ«الألم العصبي التالي للحزام الناري».

الأكثر عرضة

يؤكد الدكتور قريشي أن المرض قد يصيب أي شخص، سبقت له الإصابة بـ«جدري الماء»، إلا أن الخطر يزداد مع التقدم في العمر، خاصة بعد سن الخمسين؛ نتيجة ضعف المناعة. كما أن الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة – مثل: مرضى السرطان، أو متلقي زراعة الأعضاء، أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة – معرضون للإصابة بمعدل أعلى، يصل إلى عشرة أضعاف؛ مقارنة بالأشخاص الأصحاء. كذلك، تعد الأمراض المزمنة، مثل السكري، إضافة إلى الضغوط النفسية والإرهاق، من العوامل المحفزة لظهور المرض. وبحسب الدراسات الطبية، لا يوجد فرق كبير في معدل الإصابة بين الذكور والإناث، حيث يمكن أن يصيب المرض الجنسين بالنسبة نفسها تقريباً. ومع ذلك، قد تختلف شدة الأعراض، أو الاستجابة للعلاج من شخص إلى آخر؛ بناءً على الحالة الصحية العامة.

التشخيص المبكر مفتاح السيطرة

ينصح الدكتور قريشي بالتوجه إلى الطبيب؛ فَوْر ملاحظة الأعراض الأولى، فالبدء بالعلاج خلال أول 72 ساعة من ظهور الطفح، باستخدام مضادات الفيروسات، مثل: «الأسيكلوفير»، أو «فالاسيكلوفير»، يخفف شدة المرض، ويقلل مدة الألم. وتشمل الخطة العلاجية، أيضاً، بحسب الدكتور محمد قريشي: مسكنات الألم، والأدوية المضادة للالتهاب، وفي بعض الحالات أدوية مخصصة لعلاج الألم العصبي المزمن. كما تســــاعد الراحة، والتغذية الصحيــــة، وتجنب خدش الطفح، في تسريع الشفاء، ومنع العدوى الثانوية.

الوقاية أفضل من العلاج

يعتبر الدكتور قريشي أن اللقاح المضاد للحزام الناري، أو جدري الماء، وسيلة فعالة للوقاية، خاصة لكبار السن، أو أصحاب المناعة الضعيفة. كذلك، الحفاظ على نمط حياة صحي، والسيطرة على التوتر، والنوم الجيد، كلها عوامل تقلل احتمالية الإصابة.

إحصاءات طبية

بحسب أخصائي طب الأمراض الجلدية، فإن الدراسات الطبية تشير إلى أن واحداً، من كل ثلاثة أشخاص، يُصاب بـ«الحزام الناري»، خلال حياته، وتزداد النسبة بعد سن الخمسين؛ لتصل إلى حوالي 50%، بين من تجاوزوا الثمانين. وفي بعض الدول، يراوح معدل الإصابة السنوي بين 3 و5 حالات، لكل ألف شخص، ويرتفع إلى أكثر من 10 حالات، لكل ألف بين كبار السن.

  • «الحزام الناري» فيروس «نائم» يعود ليصيب الجلد والأعصاب

5 أسئلة.. وأجوبة

1 .  هل «الحزام الناري» مرض مُعدٍ؟

«الحزام الناري» نفسه لا ينتقل من شخص إلى آخر، لكن الفيروس المسبب له (فيروس جدري الماء) يمكن أن ينتقل من المصاب إلى شخص لم يُصب بـ«جدري الماء» من قَبْلُ، فيُصاب هذا الشخص بـ«جدري الماء»، وليس بـ«الحزام الناري». وينتقل الفيروس عبر ملامسة الطفح أو الحويصلات، لذا يُنصح بتغطية الطفح، وتجنب التلامس المباشر حتى يجف تمامًا.

2 .  ما الفرق بين «الحزام الناري»، و«جدري الماء»؟

«جدري الماء» هو العدوى الأولية، التي تحدث عادة في الطفولة. أما «الحزام الناري»؛ فهو إعادة تنشيط الفيروس نفسه بعد سنوات من سباته في الأعصاب. وأعراض «الحزام الناري» تتركز، غالبًا، في منطقة واحدة بالجسم على شكل شريط، بينما «جدري الماء» ينتشر في مناطق عدة.

3 .  هل يصيب «الحزام الناري» الأطفال؟

رغم أنه أكثر شيوعاً بين كبار السن، إلا أن «الحزام الناري» يمكن أن يصيب الأطفال والمراهقين، خاصةً إذا كانت مناعتهم ضعيفة، أو تعرضوا لضغط نفسي، أو جسدي كبير.

4 .  ما أبرز المضاعفات المحتملة؟

من أهم المضاعفات «الألم العصبي التالي للحزام الناري»، الذي قد يستمر لأشهر، أو لسنوات، بعد اختفاء الطفح. ومضاعفات أخرى نادرة، تشمل: إصابة العين (وقد تؤثر في البصر)، أو التهاب الدماغ في الحالات الشديدة.

5 .  هل يمكن أن يصاب الشخص بـ«الحزام الناري» أكثر من مرة؟

نعم، فرغم أن معظم الأشخاص يُصابون به مرة واحدة في حياتهم، إلا أنه قد يتكرر لدى البعض، خاصةً من لديهم ضعف في جهاز المناعة، أو أمراض مزمنة.