كان عرض أزياء «إمبوريو أرماني» لربيع وصيف 2026، الذي أقيم في ثاني أيام أسبوع الموضة في ميلانو، أكثر من مجرد عرض أزياء موسمي، فقد كان بمثابة تكريم مؤثر للراحل جورجيو أرماني، الذي وافته المنية قبل أسابيع قليلة، في 4 سبتمبر عن عمر ناهز الـ91 عاماً.
وباعتباره أول عرض يُقام بعد وفاته، لم تحمل المجموعة أسلوبه المميز فحسب، بل حملت، أيضاً، الثقل العاطفي لإرثه، وتبجيله، ومرونته الهادئة.
-
مجموعة «Emporio Armani» تُكرّم الراحل جورجيو أرماني
رثاء جورجيو أرماني بقاعة العرض:
انطلق عرض أزياء «إمبوريو أرماني» لربيع وصيف 2026، بمزيجٍ نادر من المشاعر، فقد كانت هذه المجموعة الأخيرة لجورجيو أرماني، وقد أبرز غياب «عقدة القوس» في ختام العرض قسوة اللحظة، حيث عزَّز العرض بديكور ضخم أجواءَ الختام، حيث ساد الصمت بين الحضور بعد النظرة الأخيرة.
وقد قُدّم العرض على فترتين زمنيتين، وانطلق بنبرة تأملية، فلم يكن هناك مشهد فخم، ولا دراما مسرحية، فقط الجمالية المركزة والرشيقة، التي عرفها أرماني، وصقلها طوال مسيرته المهنية التي امتدت لعقود، لقد كان رثاء بصرياً غنياً بالسرد والذاكرة، عبر عما تعجز عنه الكلمات.
-
مجموعة «Emporio Armani» تُكرّم الراحل جورجيو أرماني
مجموعة مُثقلة بالذكريات.. وخفيفة في التنفيذ:
كانت المجموعة، في حد ذاتها، درساً في التصميم الخالد، حيث هيمنت الخياطة الناعمة والتصاميم الانسيابية ولوحات الألوان المحايدة؛ وهي السمات المميزة لرؤية أرماني على منصة العرض. فقد احتضنت المجموعة ثنائيات مختلفة، حيث جاءت ثقيلة بالذكريات، وخفيفة في التنفيذ، ومستوحاة من تلك اللحظة المُعلقة عند العودة من رحلة، لا تزال تحملها انطباعات عن أماكن بعيدة، ورسمت المجموعة مساراً من «ضبط النفس الترابي» إلى احتفال مُشرق.
-
مجموعة «Emporio Armani» تُكرّم الراحل جورجيو أرماني
وظهرت الإطلالات الافتتاحية بألوانٍ رملية محايدة، ودرجات نحاسية، مُرسخة بذلك أناقة هادئة للعرض، قبل أن تتصاعد إلى ذروة من الألوان المتلألئة والترتر الذي خطف الأضواء كألعاب نارية. كما برزت سهولة الخياطة المميزة لأرماني، في جميع إطلالات المجموعة، حيث ظهرت في معاطف الروب ذات الأزرار القطنية الخفيفة عند الرقبة، والسترات المصنوعة من قماش التويل الحريري والشمواه، والسترات القطنية المضلعة.
-
مجموعة «Emporio Armani» تُكرّم الراحل جورجيو أرماني
أما البناطيل الواسعة الأرجل وسراويل النساء، وبعضها مصنوع من أقمشة شفافة بنقوش إيكات، فقد جسدت شغف المصمم بالتقاليد الحرفية العالمية. وإلى جانب التصاميم والخياطة، ارتكزت المجموعة - بشكل كبير - على مراجع ثقافية متداخلة، خاصة من شمال أفريقيا وآسيا الوسطى، وأضفى التطريز، المستوحى من المنسوجات البربرية، والأنماط المستوحاة من الفسيفساء، والأسطح الملموسة، على الملابس طابعاً عالمياً بدوياً.
-
مجموعة «Emporio Armani» تُكرّم الراحل جورجيو أرماني
أما الإكسسوارات، مثل: قبعات الروطان، والتفاصيل المزينة بالريش، والخرز والشرابات، فقد أضافت ملمساً وعمقاً، مُعزّزة سردية السفر والذاكرة والتأمل. وعكست هذه الاختيارات شغف أرماني الراسخ بالعالمية، والملابس كجسر بين الأماكن والأشخاص والعصور. لكن ما جعل هذا العرض مؤثراً بشكل خاص هو طابعه، فلم تكن هناك انحناءة ختامية تقليدية، بل كان هناك تصفيق هادئ مطول، ليس فقط للملابس، بل للرجل الذي يقف وراءها. وفي خطوة غير مألوفة، صفق العارضون للجمهور، كرمز ربما إلى نهاية حقبة، وبداية فصل جديد.