نسرين بن درويش: نرسخ «بر الوالدَيْن» قيمةً مجتمعيةً أصيلةً
في وطنٍ يضع الإنسان بقلب التنمية، ويجعل الوفاء والعرفان من ركائز حضارته.. تواصل جمعية الإمارات لرعاية وبر الوالدين-فرع دبي أداء رسالتها بتعزيز التلاحم المجتمعي، وصَوْن القيم التي نشأت عليها الأجيال. ومن بين القيادات النسائية، التي تجسد هذه القيم، تبرز نسرين علي بن درويش، عضو مجلس إدارة الجمعية ورئيسة الهيئة الإدارية لفرعها في دبي، وقد كرست جهدها؛ لابتكار مبادرات إنسانية، تستلهم إرث الآباء المؤسسين، وتواكب تطلعات الدولة لبناء مجتمع متماسك ومتعاطف. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، تتحدث بن درويش عن رحلتها في ميدان العمل الإنساني، وجهود «الجمعية» في ظل إعلان القيادة الرشيدة 2025 «عاماً للمجتمع»، في رسالة تؤكد أن قوة الأمم تُقاس بترابطها ووفائها للآباء والأمهات، الذين صنعوا الحاضر، وأسسوا لغدٍ أكثر إشراقاً:
كيف نشأ وعيك بالبر والعطاء، وهل لعبت عائلتك دوراً في ذلك؟
نشأت في بيت يؤمن بأن البر والعطاء قيمتان من قيم مجتمعنا الأصيلة. فوالدتي، رحمها الله، كانت مثالاً يحتذى، في العطف والاهتمام بكبار المواطنين، ووالدي، رحمه الله، غرس فينا معنى المسؤولية المجتمعية، وصلة الرحم، وخدمة الآخرين دون انتظار مقابل. هذا الإرث الأسري شكل وعيي الإنساني منذ الصغر، وعلمني أن الكلمة الطيبة، واللمسة الحانية، قد تكونان، أحياناً، أعظم من أي عطاء مادي.
-
نسرين بن درويش: نرسخ «بر الوالدَيْن» قيمةً مجتمعيةً أصيلةً
نمو روحي.. وإنساني
قبل انضمامك إلى «الجمعية».. كيف كنتِ تمارسين العمل التطوعي؟
العمل التطوعي رافقني منذ سنواتي الجامعية؛ فقد كنت أحرص على المشاركة في المبادرات الخيرية المجتمعية، سواء بتنظيم الفعاليات، أو تقديم الدعم المباشر إلى كبار المواطنين. كنت أعتبر كل فرصة للتطوع نافذة للتعبير عن امتناني للمجتمع، ومساحة أحقق فيها نموي الروحي، والإنساني.
متى شَعُرتِ بأن البر «رسالة حياة».. بالنسبة لك؟
أدركت ذلك، خلال زيارة إلى إحدى دور رعاية كبار المواطنين، حين قالت لي إحدى والداتنا: «لا نحتاج سوى اهتمام صادق». هذه الكلمات البسيطة غيرت في داخلي الكثير، فقد فهمت أن البر الحقيقي يكون بالاستمرارية، والوفاء، والإحساس العميق بمكانة جيل قدم إلينا الكثير.
ما الذي يميز جمعية الإمارات لرعاية وبر الوالدين-فرع دبي؟
«الجمعية» تتفرد بتركيزها على البر كقيمة مجتمعية متكاملة، تتجاوز نطاق تقديم الخدمات. فرسالتها الأساسية ترسيخ جسور المحبة، والاحترام المتبادل بين الأجيال، والاعتناء بكبار المواطنين، وتكريمهم بما يليق بمكانتهم في المجتمع كركيزة أساسية في مسيرة الوطن.
دائماً تتحدثين عن البر كقيمة متجددة.. كيف تفسرين هذا المفهوم، من خلال تجربتكِ العملية؟
بالنسبة لي، البر حالة متجددة، تنبع من النية الصافية، ومن كل موقف إنساني. إنه التزام يومي بالاهتمام، والرحمة، والاستماع، وتقديم الرعاية، حتى في أبسط تفاصيل الحياة. في الجمعية، تعلمنا أن البر ثقافة حياة يجب أن نغرسها، ونحافظ عليها.
كيف تغرسون قيمتَي: الوفاء، والاحترام، في نفوس الأجيال الجديدة؟
نقوم بذلك من خلال البرامج المدرسية، والمبادرات المجتمعية، التي تربط الشباب بكبار المواطنين، مثل مبادرة «جيل يروي جيل»، التي تتيح للطلبة الاستماع إلى قصص وتجارب الكبار، كما نقيم ورش عمل توعوية، تُرسخ البر قيمةً مجتمعيةً متأصلةً.
-
نسرين بن درويش: نرسخ «بر الوالدَيْن» قيمةً مجتمعيةً أصيلةً
تلاحم وطني
كيف تنظرين إلى «عام المجتمع»؟
«عام المجتمع» انعكاس لرؤية قيادتنا الرشيدة، وجوهر أهدافنا في «الجمعية»، حيث نؤمن بأن قوة المجتمع تكمن في ترابطه، وتعاطفه. هذا العام يشكل فرصة؛ لإعادة تسليط الضوء على القيم التي تأسست عليها دولتنا، ويمنحنا دافعاً أكبر؛ لتوسيع مشاركتنا في المبادرات المجتمعية، التي تحقق التلاحم الوطني.
كيف ستعزز «الجمعية» دورها في التلاحم المجتمعي، خلال هذا العام؟
نحن نعمل على إطلاق مبادرات، تركز على التكامل بين الأجيال، وتشجيع جميع القطاعات على المشاركة الفاعلة في دعم كبار المواطنين؛ لأننا نؤمن بأن التلاحم لا يتحقق إلا بالأفعال الميدانية، التي تترك أثراً حقيقياً في حياة مَنْ نخدمهم.
«عمرة الوالدين»، و«فرحة عيد».. كيف تُظهر مثل هذه المبادرات قيم «عام المجتمع»؟
هذه المبادرات تجسد البر بأجمل صوره؛ فـ«عمرة الوالدين» تتيح للكبار أداء مناسكهم بروحانية. أما «فرحة عيد»، فهدفها إدخال البهجة إلى قلوبهم، عبر هدايا، وزيارات، وأجواء أسرية؛ فكل مبادرة صُممت؛ لتقول لكل أب وأم: «أنتم في قلوبنا دائماً».
ما دور المرأة الإماراتية في العمل الإنساني؟
اليوم، المرأة الإماراتية حاضرة بقوة في ميدان العمل الإنساني، فهي شريك فاعل في صناعة المبادرات المجتمعية المؤثرة. هذا الحضور لم يكن ليتحقق لولا الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة، التي منحت المرأة الثقة الكاملة لتتقدم الصفوف، واليوم نجني ثمار هذا التمكين.
هل هناك موقف إنساني أثر فيكِ، وجسد معنى البر الحقيقي؟
نعم، أتذكر سيدة مسنة، كانت ترفض مغادرة منزلها، رغم حالتها الصحية الحرجة، وحين سألناها عن السبب، قالت: «أريد أن أغادر الدنيا من المكان الذي ربيت فيه أبنائي». هذا الموقف جعلني أُدرك عمق الروابط بين الكبار وذكرياتهم، وأن البر الحقيقي هو احترام الروابط العاطفية للكبار، ومراعاة مشاعرهم في تفاصيلهم الصغيرة.
ما رسالتك إلى الشباب الإماراتي، حول مسؤوليتهم تجاه المجتمع؟
أقول لهم: لا تنتظروا مبادرة من أحد؛ لتمارسوا البر؛ فالعطاء يبدأ من البيت. إن احترامكم لوالديكم، وتقديركم لكبار المواطنين، ومشاركتكم في بناء مجتمع متراحم، واجبكم كأبناء لهذا الوطن. أنتم أمل المستقبل، وأنتم من سيحمل إرثنا، وقيمنا، إلى الأجيال القادمة.