ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
في قلب ابنة الإمارات شغف لا تنطفئ جذوته، يدفعها إلى اكتشاف مجالات غير مألوفة، تثبت فيها ذاتها، وتضع بصمتها بجرأة وابتكار. ومن بين هذه المجالات، برزت الإماراتيات في تربية النحل وإنتاج العسل؛ ليُصبحن نماذج استثنائية في استثمار الطبيعة بذكاء، والمساهمة في التنمية المستدامة للدولة.. «زهرة الخليج» التقت رائدتين تركتا أثراً مميزاً في هذا القطاع: أمل الحمادي، وسها العلي، والدة مهرة حمد النقبي، أصغر نحالة إماراتية، فكان معهما الحوار التالي:
-
ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
أمل الحمادي: عالم النحل أدهشني بدقته وثراء عطائه
حولت أمل عبدالله الحمادي، النحّالة الإماراتية وصاحبة مشروع «عسل الأمل»، اهتمامها البسيط بالنحل إلى مشروع وطني يحمل رؤية عالمية. وقد أسست مشروعها على قيمتَي الاستدامة والجودة، واضعة نصب عينيها هدفاً سامياً، هو أن يحمل العسل الإماراتي توقيعاً عالمياً، يليق بثراء الطبيعة المحلية. تقول أمل: «أبهرني النحل بدقة نظامه، وعطائه السخي. فقد وجدت فيه مزيجاً من الطبيعة، والإنتاج، والعلم، فكان هذا العالم مدخلي نحو شغف لم ينطفئ».
من الشغف إلى الاحتراف
حرصت أمل على تطوير مهاراتها العلمية والعملية، فشاركت في دورات متخصصة، أبرزها دورة التحليل الحسي للعسل في إيطاليا - المستوى الثاني، ما مكنها من تقييم العسل علمياً وحسياً بجدارة. إلى جانب ذلك، واظبت على البحث والتجربة اليومية، والتواصل مع الخبراء، حتى باتت منتجاتها تعكس معياراً عالياً للجودة والاحتراف.
-
ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
جودة عالمية
تشدد الحمادي على أن العناية بالنحلة وصحة الخلية، نقطة الانطلاق نحو إنتاج عسل فاخر. فهي تعتمد على انتقاء السلالات القوية، وتحرص على مراقبة المراعي، وطرق القطف والفرز. كما تفضل النحل المحلي المتكيف مع بيئة الإمارات، لقدرته على مواجهة حرارة الجو، ومقاومة الأمراض. وتنتج عبر مشروعها «عسل الأمل» أنواعاً عدة من العسل الإماراتي، مثل: السدر، والسمر، والقرم، والزهور البرية، ويتميز كل نوع بمذاقه الفريد، وقيمته الغذائية. وقد حاز عسل السدر، و«خلطة الأمل»، ميداليات ذهبية في مسابقات دولية، مثل مسابقة لندن الدولية للعسل 2025، وهو إنجاز أكّد قدرة العسل الإماراتي على المنافسة في الأسواق العالمية.
مستقبل واعد.. ونصائح ذهبية
ترى أمل أن مستقبل تربية النحل في الإمارات واعد جداً، خاصة مع التوجه الوطني نحو تعزيز الأمن الغذائي والاستدامة. وتنصح الراغبين في دخول هذا المجال بالتعلم، ثم خوض التجربة تدريجياً، مع الالتزام بالجودة؛ لأن التميز لا يأتي إلا بالصبر والمثابرة والتعلم المستمر.
-
ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
إنجازات تتخطى العسل
رحلة أمل الحمادي في عالم النحل مليئة بالمنجزات التي تفتخر بها؛ ومنها: فوزها بـ«جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي» لعام 2025 - فئة أفضل مربي نحل، تتويجاً لمسيرتها في الإبداع والاستدامة، كما نالت ميداليتين ذهبيتين في مسابقة لندن الدولية للعسل لعام 2025، وهو إنجاز عالمي رفع اسم العسل الإماراتي عالياً. ولم تكتفِ الحمادي بإنتاج العسل فقط، بل استثمرت في كنوز الخلية الأخرى، مثل: العكبر، والشمع، وخبز النحل، وغذاء الملكات، وسم النحل، وحبوب اللقاح. كما أضافت بصمتها الخاصة إلى المنتجات التحويلية، ما جعل علامتها تحظى بثقة المستهلكين. وحصلت على شهادات عربية ودولية في العلاج بمنتجات النحل (Apitherapy)، ما أهلها لتقديم منتجات ذات قيمة علاجية مدعومة بالعلم والخبرة. اليوم، تواصل أمل دورها كمدربة معتمدة في مجال تربية النحل، فتنقل معارفها إلى الأجيال، وتنشر الوعي بدور النحل في حفظ التوازن البيئي، وتعزيز الأمن الغذائي.
طموح مستدام
تحلم أمل الحمادي بامتلاك مزرعة نحل متكاملة، تجمع بين الإنتاج، والتعليم، والسياحة البيئية؛ ليصبح النحل فيها نقطة التقاء بين العلم والطبيعة، وبين التراث والحداثة. وتختم أمل عن طموحها، قائلة: «أريد أن تكون الإمارات منارة عالمية، لكل من يؤمن بأن في العسل سر الحياة المستدامة، والجودة الراقية».
-
ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
عسل إماراتي بنكهة الطموح.. قصة نجاح مهرة النقبي
رغم أن عمرها لم يتجاوز الـ13 عاماً، إلا أن مهرة حمد النقبي، من إمارة رأس الخيمة، صنعت لها مكانة مميزة كأصغر نحّالة إماراتية، وأصغر رائدة أعمال في تجارة العسل وأدوات المناحل. بالنسبة لمهرة، لم يكن النحل مجرد هواية عابرة، بل أصبح جزءاً من حياتها اليومية ومصدر شغفها الأكبر؛ لتؤسس مشروعها الخاص، تحت اسم «المهرة لتجارة العسل وأدوات المناحل».
بداية الرحلة
تحكي والدتها، سها العلي، أن بداية شغف مهرة بعالم النحل كانت خلال جائحة «كوفيد - 19»، عندما كانت في العاشرة من عمرها، حيث التحقت بدورة تدريبية عن بُعد مع «مؤسسة النحالة الإماراتية»، بقيادة المدربة سميرة البلوشي. كان لهذه الدورة أثر كبير في تحويل شغف مهرة من مجرد اهتمام إلى مشروع طموح، فاقتنت خليتين فقط، وتحولت الخليتان إلى 35 خلية، ومنها تنتج اليوم أنواعاً متعددة من العسل، أبرزها: السدر، والسمر، والأزهار، والقرم. وتشير سها العلي إلى أنه كان للأسرة الدور الأهم في دعم مهرة وتشجيعها، إلى جانب دعم الجهات الرسمية والإعلام المحلي، الذي سلّط الضوء على تجربتها المميزة. كما كان للمجتمع المحلي، ومتابعيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دور بارز في دعم مشروعها، من خلال الإقبال على منتجاتها، وتجربتها.
-
ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
جودة العسل
تؤكد والدة مهرة أن سر جودة العسل يكمن في الاهتمام بالنحل نفسه، عبر توفير بيئة نظيفة، وخلايا آمنة، ومراعاة توقيت جني العسل، والالتزام باستخدام أدوات معقمة، وتقنيات مدروسة في الجني والتخزين، بما يضمن احتفاظ العسل بخصائصه الطبيعية، بعيداً عن تأثير الحرارة أو الضوء. وتضيف: الإمارات رغم التحديات المناخية كالحرارة والرطوبة العالية، تمتلك ثروات نباتية جبلية، وصحراوية، وساحلية متنوعة، كالسمر، والغاف، والسدر، والقرم، ما يجعل العسل الإماراتي فاخراً وغنياً بالنكهات الفريدة. وتشير إلى أن نحل السلالة الإماراتية المحسنة بلغ، اليوم، الجيل العاشر، وهو النوع الذي تعتمد عليه مهرة في خلاياها؛ لقدرته العالية على التكيف مع البيئة المحلية، وتحمل الظروف الصعبة.
نصائح لتربية النحل
تنصح سها العلي كلَّ من يرغب في دخول عالم النحل، بعدم الخوف من التعامل مع هذا الكائن العجيب، وضرورة التسلح بالعلم من خلال الدورات التدريبية المتخصصة، مع بدء المشاريع بشكل متدرج بخليتين فقط، ومراقبة الخلايا باستمرار، مع الصبر والتعلم من التجربة، فكل خلية بحاجة إلى رعاية وفهم. وتؤكد أن تربية النحل ليست مجرد مهنة، بل رحلة ممتعة وثقافة بيئية يجب على الشباب الإماراتي استكشافها، خاصة مع وجود وعي متزايد بأهمية النحل، والدور الحيوي الذي يلعبه في التوازن البيئي.
-
ببصمة نسائية العسل الإماراتي ينافس عالمياً
إنجازات مشرفة
حققت مهرة النقبي نجاحات مبهرة محلياً ودولياً، من أبرزها المركز الأول بـ«جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي» - فئة أفضل مؤثر محلي في مجال الثروة الحيوانية بدورتها الثانية. وعالمياً حصلت على جائزة لندن الدولية لعسل القرم 2025 «الذهبية»، وجائزة باريس الدولية لعسل السدر 2025، لتكون بذلك أصغر متسابقة في تاريخ «جائزة باريس» على مستوى العالم، إضافة إلى حصولها على عدد من الجوائز والتكريمات والمشاركات في أكبر المعارض والمهرجانات في الدولة.
اليوم، تواصل مهرة إنتاج العسل العضوي، وتركز على تقديم منتجات خام 100%، وتسعى لأن تكون مدربة معتمدة في مجال الاستدامة وتربية النحل، مع حلمها بأن تصبح عالمة طبيعة ونحل، وتبتكر أدوات ذكية تخدم النحالين، وتُصدّر منتجاتها للعالم، رافعة اسم الإمارات في كل محفل دولي.