مضى أكثر من 230 عامًا على وفاة ماري أنطوانيت، لكنها لا تزال حاضرة بقوة في زمننا المعاصر. فقد افتتح متحف «فيكتوريا وألبرت» بالعاصمة البريطانية، في 17 سبتمبر 2025، وبالتزامن مع أسبوع الموضة في لندن معرضاً بعنوان «أسلوب ماري أنطوانيت - Marie Antoinette Style»، الذي يُعد الأول من نوعه في بريطانيا. وهو مخصص بالكامل للملكة الفرنسية الشهيرة، حيث يروي حكايتها عبر الأزياء والعطور والقطع النادرة، ويستمر حتى 22 مارس 2026.

  • ماري أنطوانيت تُلهم لندن بمعرضها الأول في «فيكتوريا وألبرت»

ويسلط «المعرض» الضوء على ماري أنطوانيت كرمز للأناقة والبذخ والشخصية المثيرة للجدل، ويستعرض 250 قطعة نادرة، تشمل: أزياءها، ومجوهراتها، وأحذيتها المطرزة، وحتى المروحة المزخرفة، والملابس الخاصة التي كانت جزءًا من حياتها اليومية. كما يعرض مذكراتها الشخصية، بما في ذلك: آخر ورقة كتبتها قبل وفاتها، وخزانة مجوهراتها النادرة، التي كانت عادة محفوظة في قصر فرساي. ولا يقتصر العرض على مقتنياتها الأصلية، بل ضم أيضًا أعمال مصممين معاصرين، استلهموا منها أساليبهم، إلى جانب الأزياء التي صممتها ميلينا كانونيرو لفيلم صوفيا كوبولا «Marie Antoinette»، الحائز جائزة الأوسكار. ويشمل المعرض، كذلك، الأعمال الفنية التي استلهمت من شخصيتها، بما في ذلك مشاهد البورسلين الدقيقة، التي صممتها الفنانة بيث كاتلمان، مستلهمة من أقمشة «Toile de Jouy» المفضلة للملكة، والتي تعكس التناقض بين الرغبة والاستهلاك والترف، موضحة كيف أن إرثها الجمالي والثقافي مستمر حتى الآن.

أنطوانيت.. الشخصية الرمز:

تمامًا مثل مارلين مونرو، أو جان دارك، تجاوزت ماري أنطوانيت حدود كونها شخصية تاريخية، لتصبح رمزًا أو «مفهومًا» في حد ذاتها. فصورتها، اليوم، باتت تعني الجمال، والبذخ، والتمرد. ومن كايلي جينر إلى مايلي سايرس، استحضرت نجمات الصف الأول صورتها على صفحات مجلات الموضة، بفساتين شفافة، أو شعر مستعار شاهق الارتفاع، محاطات بأطباق من الحلوى المليئة بالسكر.

وفي العام الماضي، أطلت المغنية شابيل روان، في مهرجان «لولابالوزا» الموسيقي، بزيّ يحاكي ماري أنطوانيت، بشعر مموج وفستان «روكوكو» فاخر؛ لتعيد إحياء الصورة التي اشتهرت بها مادونا، في حفل جوائز (MTV)، عام 1990.

  • ماري أنطوانيت تُلهم لندن بمعرضها الأول في «فيكتوريا وألبرت»

أما مصممو الأزياء، مثل: جون غاليانو، وكارل لاغرفيلد، وفيفيان ويستوود وأليساندرو ميكيلي، فقد استلهموا من إرثها الغني. حتى ريهانا تخيلت ضمن مجموعتها «Fenty x Puma»، عام 2016، ما الذي كانت سترتديه الملكة الفرنسية لو ذهبت إلى الصالة الرياضية.

ماري أنطوانيت كانت أيقونة في الموضة والأناقة، لكن لم يعرض إرثها بهذا العمق من قبل. ويشمل المعرض، أيضاً، لمسات تاريخية قاسية، مثل: عرض قميصها الملطخ بالدماء من أيام السجن، والشفرة التي استخدمت لقطع رأسها بالمقصلة، مع رائحة تعكس الواقع المظلم لفترة سجنها على نهر السين.

تأثير السينما.. والموضة المعاصرة:

فيلم صوفيا كوبولا عام 2006، أعاد تقديم ماري أنطوانيت لجيل جديد، حيث جسّدت كيرستن دانست الملكة المراهقة بتصوير يمزج بين الحقائق التاريخية والإبداع السينمائي، من خلال الموسيقى العصرية والأزياء الفاخرة. هذا العمل سلط الضوء على ضغوط الملكة الطفلة وزواجها المبكر، ما أتاح مساحة للتعاطف مع شخصية كانت غالبًا مسلوبة الحرية، ومتحملة عبء الإمبراطورية الفرنسية.

  • ماري أنطوانيت تُلهم لندن بمعرضها الأول في «فيكتوريا وألبرت»

ولم يتوقف المصممون المعاصرون عند هذا الحد؛ فجيريمي سكوت استلهم مرتين من شخصية أنطوانيت: الأولى ضمن علامته الخاصة عام 2008، والثانية ضمن دار موسكينو في مجموعة خريف وشتاء 2020، مستعيدًا فكرة البذخ والمرح من قصتها الشهيرة «دعهم يأكلوا الكعك». المصممون، مثل: غاليانو، ولاغرفيلد، وميكيلي، دمجوا إرثها في مجموعاتهم، لتصبح صورة الملكة رمزًا للأناقة الفائقة، والخيال البصري.

ماري أنطوانيت على الشاشة.. أيقونة الفن والسينما:

لم يقتصر تأثيرها على الموضة فقط، بل امتد إلى الفن والسينما، حيث جسّدت ممثلات عديدات شخصيتها؛ لتقديم رؤية متجددة لحياتها. وأشهر هذه الأعمال كان فيلم كوبولا (2006) «ماري أنطوانيت»، الذي جسدت فيه كيرستن دانست شخصية الملكة المراهقة، ونجح في مزج الحقائق التاريخية بالإبداع السينمائي. قبل ذلك، قدمت ممثلات، مثل: جيانينا نونيز ولويز ديلاواي، شخصيات ماري أنطوانيت في المسرح والدراما التلفزيونية، مع التركيز على التحديات السياسية والاجتماعية التي واجهتها الملكة. كما أعادت مادونا إحياء صورتها في حفل جوائز (MTV)، عام 1990، مستلهمة تسريحة الشعر المرتفعة والفساتين الفاخرة، بينما استلهمت شابيل روان من إطلالتها لإعادة تقديمها على السجادة الحمراء. هذه الأعمال تؤكد أن شخصية الملكة ليست مجرد تاريخ، بل إلهام بصري مستمر، يتجاوز الزمن والفن والموسيقى.

  • ماري أنطوانيت تُلهم لندن بمعرضها الأول في «فيكتوريا وألبرت»

الإرث والموضة.. كيف ألهمت مصممي الأزياء:

إرث ماري أنطوانيت لم يقتصر على الماضي، بل استمر ليشكل عالم الموضة المعاصر. فكانت تصاميمها، من فساتين حريرية، وزخارف مطرزة، إلى إكسسوارات فاخرة، مصدر إلهام مباشراً لمصممين عالميين. فالمعرض في متحف «فيكتوريا وألبرت» يقدم هذه القطع جنبًا إلى جنب مع أعمال المصممين المعاصرين، ليكشف كيف استطاعت الملكة دمج البذخ بالأنوثة في أزياء خالدة، وكيف أصبح إرثها مرجعًا للفخامة والخيال في التصميم حتى اليوم.