إسراء الأميري بصيرة تتخطى العتمة وتكتب قصيدة مضيئة

في اليوم العالمي للعصا البيضاء، الذي يوافق 15 أكتوبر من كل عام، ويرمز إلى قوة واستقلالية أصحاب التحديات البصرية حول العالم، نلتقي شخصية ملهمة، حملت رسالتها الخاصة عبر الشعر والموسيقى، وجعلت من التحدي بوابة نحو الإبداع.. إسراء الأميري، ابنة الإمارات، التي تجاوزت قسوة فقدان البصر منذ طفولتها؛ لتقف الي

في اليوم العالمي للعصا البيضاء، الذي يوافق 15 أكتوبر من كل عام، ويرمز إلى قوة واستقلالية أصحاب التحديات البصرية حول العالم، نلتقي شخصية ملهمة، حملت رسالتها الخاصة عبر الشعر والموسيقى، وجعلت من التحدي بوابة نحو الإبداع.. إسراء الأميري، ابنة الإمارات، التي تجاوزت قسوة فقدان البصر منذ طفولتها؛ لتقف اليوم رمزاً للإصرار، وملهمةً للشباب، ومثالاً على أن الإرادة تضيء دروب الحياة؛ مهما كانت قوة الظلام. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، تفتح لنا الشابة الإماراتية صفحات الرحلة التي بدأت بمرض نادر، لتثمر تجربة غنية بالمواهب، والدروس الإنسانية، والطموحات الكبيرة:

حدثينا عن طفولتك، وبداية مواجهة تحدي فقدان البصر!

بدأت رحلتي الصحية منذ الطفولة بسبب مرض نادر في الدم يُسمى «نقص بروتين سي»، هذا البروتين يُنْتَجُ ويُفْرَزُ من الكبد إلى الدورة الدموية، وهو مسؤول عن منع التجلطات. وبسبب غياب هذه المادة، أُصبت بتجلطات في العين؛ أدت إلى فقدان بصري. كانت البداية صعبة بلا شك، لكن مع الوقت تعلمت أن التحديات ليست نهاية الطريق، بل بداية رحلة مختلفة.

  • إسراء الأميري بصيرة تتخطى العتمة وتكتب قصيدة مضيئة

تطور.. ونضج

كيف اكتشفتِ شغفك بالشعر والموسيقى.. رغم الصعوبات؟

بدأت كتابة الشعر في سن مبكرة، ربما في السادسة من عمري، وكانت محاولاتي الأولى بسيطة وغير موزونة، لكنها مع الوقت تطورت، وأصبحت أكثر نضجاً. أما شغفي بالموسيقى، فاكتشفته؛ عندما التحقت بمركز العين، التـابـــع لمؤســـســـــــة زايد العليا لأصحاب الهمم، حيث شجعني الأساتذة على تنمية موهبتي، ووجدت نفسي أغني وأعزف و«أدندن»، كأن الموسيقى كانت صديقتي، التي تعوضني الرؤية.

أخبرينا عن لقائك الأول مع سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، والشعور الذي انتابك خلال تلك اللحظة!

ذلك اللقاء محفور في ذاكرتي.. كنت طفلة صغيرة، لكنني شعرت بطمأنينة وحب كبيرين في حضور سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)؛ فقد سألتني سموها عن طموحاتي، وماذا أريد، فأجبتها ببراءة وارتياح شديدين، بأنني أريد آلة «أورغ». لم أكن أتوقع أن يُلبى طلبي في اليوم نفسه، لأن الوقت كان متأخراً. كانت تلك أول أداة موسيقية أمتلكها في حياتي، وأول خطوة فعلية في طريقي الفني.

كيف ساهمت مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم في دعمك؟

«المؤسسة» كانت الحاضنة التي رعت موهبتي. أتذكر أستاذي عبدالله حلبي، الذي وَثِقَ بقدراتي في الموسيقى، والأستاذة داليا السيد التي علمتني الكثير قبل دخولي الجامعة. فقد كانا، دائماً، يدعمان مشاركاتي؛ لأكون حاضرة في الفعاليات كافة. هذا الدعم شكل أساساً قوياً لمسيرتي الفنية، والشخصية.

انتقلتِ من دراسة تقنية المعلومات إلى تخصص التربية الخاصة – الإعاقات الحسية.. كيف انعكس ذلك على تجربتك؟

أردت أن أكون أقرب إلى العالم الذي أنتمي إليه. لقد عشت معظم حياتي في مراكز الرعاية الخاصة، قبل أن أندمج في الجامعة. لذلك وجدت نفسي أفهم تماماً طبيعة عمل المختصين، وأشعر - بعمق - باحتياجات أصحاب الهمم؛ كوني واحدة منهم. هذا المزج بين التقنية والتربية الخاصة ساعدني في تطوير أسلوبي الإبداعي، وابتكار محتوى يخاطب المجتمع بصدق.

ما الدور، الذي لعبته التكنولوجيا في تمكينك، وتمكين أصحاب الهمم بصرياً؟

التكنولوجيا أحدثت ثورة في حياتنا؛ فلم نَعُدْ بحاجة إلى من يصف لنا المكان أو النصوص، فهناك برامج مثل «Be My Eyes» تتيح التواصل مع متطوعين، وقارئ الشاشة، مثل: «VoiceOver» لآيفون، و«TalkBack» لأندرويد. حتى المنصات الاجتماعية، مثل: «إنستغرام، وتيك توك»، باتت بمتناولنا بفضل هذه الأدوات. اليوم، لم يعد الوصول إلى المعلومة، والمشاركة في الإعلام، مقيدَيْن بالتحديات الجسدية.

  • إسراء الأميري بصيرة تتخطى العتمة وتكتب قصيدة مضيئة

بين الشعر والغناء

حدثينا عن تجربتك في الشعر والغناء، وما تحمله قصائدك ورسائلك من بُعد إنساني!

الغناء كان أول ما اكتشفه أهلي لديَّ، فقد لاحظوا جمال صوتي منذ الصغر. وأكثر قصائدي وطنية، كتبتها حباً في بلادي وقادتها، فكانت قصيدة «بو خالد فخر الأجيال»، الموجهة إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من أكثر أعمالي انتشاراً وتأثيراً، إلى جانب «شكراً بو خالد». بالنسبة لي، القصيدة، أو الأغنية، ليست مجرد كلمات، بل رسالة، وذكرى، وقصة إنسانية.

ماذا عن مشروعك «تلحين القصص»؛ لتعديل سلوكيات أصحاب الهمم؟

المشروع بدأ بفكرة طرحها أساتذتي، وتعاونت مع زميلة جامعية على تطويره. كنا نكتب قصصاً شخصية عن الأطفال، الذين يحتاجون إلى تعديل سلوك معين، ونضع أسماءهم ضمن القصة؛ ليشعروا بأنهم أبطالها. أحد الأطفال كان يخاف من صوت الطبل، فحولنا الطبول إلى شخصية تتحدث معه. وآخر كان يخشى الحركة؛ رغم عدم وجود إعاقة حركية لديه؛ فكتبنا قصة تلهمه الشجاعة. النتائج كانت رائعة، وأثبتت أن الفن قادر على إحداث التغيير.

ما طموحاتك للسنوات القادمة؟

أتمنى أن يكون لي دور واضح، وبصمة مؤثرة، في مجتمعي. كما أريد أن أرد جزءاً، ولو بسيطاً، مما قَدَّمَتْهُ إليَّ دولتي من دعم ورعاية وتمكين، وأن أستمر في خدمة أصحاب الهمم عبر الفن، والتعليم، والمشروعات المجتمعية.

في اليوم العالمي للعصا البيضاء.. ما رسالتك إلى الشباب؟

لا شيء يجب أن يوقفنا؛ فالتحديات والظروف قد تعترض طريقنا، لكن بالإرادة نستطيع تجاوزها. لقد رأيت كثيرين - رغم مرضهم، أو تحدياتهم - يمتلكون عزيمة قوية؛ لذلك أقول للشباب: لا تستسلموا؛ فكل عقبة يمكن أن تصبح فرصة.