تُحضر «سوذبيز» إلى أبوظبي، يومَيْ: 1، و2 أكتوبر المقبل، مجموعة من الروائع الفنية، تُقدّر قيمتها مُجتمعةً بـ150 مليون دولار، وهي لوحات لستة من أشهر الأسماء في تاريخ الفن، من فنسنت فان جوخ إلى بول غوغان، ومن فريدا كاهلو إلى إدوارد مونش ورينيه ماغريت وكاميل بيسارو.

يُقام «المعرض» في مؤسسة بسام فريحة للفنون، ويُمثّل معلماً بارزاً؛ كونه أول معرض عام للفنون الجميلة، تُقيمه «سوذبيز» في أبوظبي، والمعرض الأعلى قيمة، الذي تُنظمه في المنطقة.

وإضافة إلى جودتها وأهميتها الفنية التاريخية، تتميز كل لوحة من اللوحات المعروضة بأصلها العريق، إذ كانت محفوظة لفترة طويلة في مجموعات خاصة شهيرة. فعلى سبيل المثال، تأتي لوحة المناظر الطبيعية الخلابة لإدوارد مونش من مجموعة ليونارد أ. لودر، أحد أبرز جامعي التحف الفنية ورعاتها في أميركا، بينما ظلت لوحات فان جوخ وغوغان معلّقة حتى وقت قريب بمنزل سيندي وجاي بريتزكر في شيكاغو، اللذين كان لهما تأثير هائل في الحياة الثقافية بمدينتهما، ونالا جائزتهما المعمارية المرموقة، التي كرّمت العديد من أبرز المهندسين المعماريين في العالم، ومنهم: جان نوفيل، مصمم متحف اللوفر أبوظبي، وفرانك جيري، مهندس جناح متحف جوجنهايم الجديد في أبوظبي. كما ستُعرض لوحة رائعة لرينيه ماغريت من مجموعة ماثيو وكاي باكسباوم، وهما من أبرز فاعلي الخير الأميركيين، المعروفين بمساهماتهم في الفنون والتعليم والحياة المدنية.

ولم يسبق عرضُ أيٍّ من الأعمال الفنية المذكورة في منطقة الشرق الأوسط، حتى إنّ ثلاثة من أصل ستة أعمال لم تُعرض للجمهور منذ أكثر من نصف قرن. وبعد انتهاء معرض أبوظبي، ستنقل هذه الأعمال إلى لندن وباريس قبل أن تعود إلى نيويورك، حيث ستُعرض في موسم المزادات المرتقب، خلال الأسبوع الثالث من نوفمبر، إيذاناً بافتتاح مقر «سوذبيز» الجديد في مبنى «بروير» التاريخي على شارع «ماديسون».

نظرة على اللوحات المعروضة:

  • «سوذبيز» تُنظم معرضاً فنياً ضخماً في أبوظبي

فريدا كاهلو:

السرير (La cama) - 1940:

رُسمت هذه اللوحة عام 1940، الذي شهد اضطراباتٍ شخصيةً شديدة لفريدا كاهلو. وهي تُجسّد تأملاً مُثيراً في الحياة والموت والانبعاث، وتوشك على تسجيل رقمٍ قياسي جديد في مزادٍ لفريدا، وقد تتخطى الرقم القياسي الحالي لأي عملٍ رسمته فنانة عالمية.

أنجزت فريدا هذه اللوحة الجميلة والمؤثرة بعد طلاقها من «حبّها الكبير»، وزميلها المبدع دييغو ريفيرا، خلال فترةٍ من الألم الجسدي الشديد، والاضطراب العاطفي. وهنا، تُصوّر كاهلو نفسها مُستلقيةً على سريرٍ عائمٍ في سماءٍ زرقاء باهتة، وجسدها مُتشابكٌ مع كرومٍ خضراء مُتعرّجة، ترمز إلى الحياة والنمو. وفوقها هيكلٌ عظميٌّ مُغلّفٌ بالديناميت، يحمل زهوراً مجففةً؛ تذكيراً بدور الموت الدائم.

وبالنسبة لكاهلو، التي أمست طريحة الفراش بعد حادث حافلة كاد أن يُودي بحياتها عام 1925، وهي في الثامنة عشرة من عمرها فقط، كان السرير مسرحاً لدراما الحياة: «الولادة، والحب، والمرض، والموت».

ومن سريرها، أيضاً، رسمت العديد من أعمالها الأكثر عاطفية وتأثيراً. (فقد صنعت والدتها حاملاً خاصاً لها، ووضعته فوق سريرها، ما سمح لها بالرسم وهي مستلقية). ولكونها جامدةً ومشلولةً بالألم، كان الرسم خلاصها، من نواحٍ عديدة: «أنا لستُ ميتة، ولديَّ سببٌ للعيش.. هذا السبب هو الرسم».

وستكون لوحة «السرير» على رأس مجموعة من الأعمال السريالية الاستثنائية في نيويورك، خلال شهر نوفمبر، تحت عنوان «الجسد البديع». وتضم المجموعة أعمالاً فنية بارزة، لرسّامين من طراز: كاي سيج، وليونورا كارينغتون، ودوروثيا تانينغ، وسلفادور دالي، وماكس إرنست، ورينيه ماغريت، وهي تُجسّد كاملَ اتساع وعمقَ وجرأةَ الخيال السريالي.

ويتزامن طرح اللوحة السوق مع النتائج التاريخية، التي تحققت في لندن مؤخراً لمجموعة بولين كاربيداس: مجموعة لندن. مدفوعةً بمزايدة حماسية على روائع السريالية، وغيرها، وتُبرز هذه النتيجة التاريخية، التي بلغت قيمتها 101 مليون جنيه إسترليني (137 مليون دولار)، الزخم الاستثنائي في هذا المجال، كما يتضح من دراسة استقصائية حديثة حول سوق السريالية، نشرتها خدمات «سوذبيز» المالية، بالتعاون مع «آرت تاكتيك». (يُرجى الاطلاع على نسخة من التقرير هنا).

  • «سوذبيز» تُنظم معرضاً فنياً ضخماً في أبوظبي

فنسنت فان جوخ:

«الروايات الباريسية» (Les Livres jaunes) - 1887:

تُعدّ «الروايات الباريسية» (Les Livres jaunes) لوحةً فنيةً بالغة الأهمية. ففي عام 1888، قدّمها شقيق فنسنت (ثيو)، في معرض صالون المستقلين، وهي المرة الأولى التي تُعرض فيها أعماله بمعرض رسمي عام، ما مثّل نقلةً نوعيةً رسّخت مكانة فان جوخ في «الطليعة الباريسية».

اليوم، تُعتبر هذه اللوحة، إلى جانب مجموعة «دوار الشمس»، من أروع لوحات الطبيعة الصامتة للفنان. وهي أكبر لوحة طبيعة صامتة له، تُعرض في مزاد منذ عام 1980، كما أنها أهم لوحة طبيعة صامتة لفان جوخ، تُعرض في مزاد منذ أكثر من عقد. ومثل العديد من لوحات فان جوخ الرئيسية، ذات الطبيعة الصامتة، تُقرأ اللوحة كصورة ذاتية بوسائل أخرى، وتُقارن - عبر هذه الطريقة بلوحات أخرى شهيرة للفنان مثل «الكرسي» (1888)، التي يتصدّرها كرسي متواضع وغليون وحقيبة الفنان. وهنا، تُمثل كومة من الكتب طبيعة قارئها، وهذا أمر منطقي؛ لأن فان جوخ كان قارئاً نهماً، ومفتوناً بمؤلّفين، مثل: إميل زولا، وغوستاف فلوبير.

ورغم شغف فان جوخ العميق بالأدب، إلا أن الكتب نادراً ما تظهر في أعماله، حيث لم تُشكل الموضوع الرئيسي إلا لتسعٍ من لوحاته. ومن بين هذه اللوحات، تُعتبر «الروايات الباريسية» (Les Livres jaunes) واحدة فقط من اثنتين متبقيتين ضمن ممتلكات خاصة.

وقد توارثت ثلاثة أجيال من عائلة فان جوخ اللوحة، وعُرضت آخر مرة في مزاد عام 1988، ومنذ ذلك الحين عُرضت في مؤسسات عالمية مرموقة، بما في ذلك: متحف أورسيه، ومتحف فان جوخ، والأكاديمية الملكية.

  • «سوذبيز» تُنظم معرضاً فنياً ضخماً في أبوظبي

بول غوغان:

لوحة «بيت القلم، راعية البقر» - La Maison de Pen du, gardeuse de vache - صيف 1889:

رُسمت لوحة «بيت القلم، راعية البقر» قرب «بونت-أفين» في «بريتاني»، صيف 1889، وتُمثل نقطة تحول في مسيرة غوغان الفنية، حيث كان أسلوبه المميز يتطور؛ ليصبح أحد أبرز أساليب الفن الحديث. وتتميز اللوحة بتاريخ مميز في المعارض المبكرة. فقد عُرضت في معرض «دن فري أوستيلينغ» الشهير (المعرض الحر) في كوبنهاغن عام 1893. ثم عُرضت، لاحقاً، ضمن ثماني لوحات لغوغان في معرض صيف 1930، بمتحف الفن الحديث في نيويورك، حيث أعارها للمعرض جامعا الأعمال الفنية الرائدان: تشارلز وألين ليبمان، اللذان اقتنيا العمل في العام نفسه.

ومن ضمن المناظر الطبيعية الـ22، التي رسمها غوغان في «بونت-أفين» حوالي عام 1889، وبقيت أربعة منها فقط - بما في ذلك لوحة «بيت القلم، راعية البقر» - بحوزة ملكية خاصة، وتُعد هذه أروع لوحة تُعرض في مزاد، منذ حوالي أربعة عقود.

  • «سوذبيز» تُنظم معرضاً فنياً ضخماً في أبوظبي

كاميل بيسارو:

«حدود واز في بونتواز» Bords de l›Oise à Pontoise - 1872:

تنتمي لوحة «حدود واز في بونتواز»، التي نُفذت عام 1872، إلى فترة تُعتبر على نطاق واسع الأكثر ابتكاراً في مسيرة بيسارو الفنية، وفي الحركة الانطباعية الأوسع. وضمن الإطار الريفي، الذي يصوره بيسارو، يلاحظ الفنان أيضاً علامات التغيير، بما في ذلك جسر السكة الحديد المبني حديثاً، وربط بونتواز، بشكل أوثق، بباريس وروان. وتُظهر اللوحة تحول بيسارو من مناظره الطبيعية الأكثر تنظيماً إلى «ضربات» فرشاة أكثر تعبيراً، ولوحة ألوان أكثر إشراقاً. وقد أثّر هذا التحوّل في معاصريه، مثل بول سيزان، الذي رسم المنظر نفسه عام 1881.

وفي 1913، عُرضت «حدود واز في بونتواز» بالمعرض الدولي للفن الحديث، الذي عُرف لاحقاً باسم «معرض الأسلحة»، وهو معرض بارز عرّف الجمهور الأميركي بالطليعية الأوروبية لأول مرة، ما ساهم في دخول الحداثة إلى الولايات المتحدة.

الجدير بالذكر أنّ جميع أعمال: بول غوغان، وفنسنت فان جوخ، وكاميل بيسارو، تنتمي إلى المجموعة الاستثنائية لسندي وجاي بريتزكر، وهما من روّاد الفن الدؤوبين في جميع أشكاله، لا سيما من خلال إنشاء جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية، المعترف بها عالمياً كأعلى وسام في هذا المجال. كما تضم مجموعاتهما أعمالاً رئيسية لفنانين، مثل: فاسيلي كاندينسكي، وهنري ماتيس، وجوان ميرو، وماكس بيكمان، وإرنست لودفيغ كيرشنر (اطلع على البيان الصحافي الكامل هنا).

  • «سوذبيز» تُنظم معرضاً فنياً ضخماً في أبوظبي

إدوارد مونش:

«ليلة منتصف الصيف» Sankthansnatt Johannisnacht - نُفِّذت بين عامَيْ: 1901، و1903:

تُعتبر «ليلة منتصف الصيف» من أكثر لوحات إدوارد مونش جمالاً وجاذبية، وهي من مجموعة ليونارد لودر، إحدى أعظم المجموعات الفنية الأميركية، وأكثرها سخاءً. وقد رُسم هذا العمل بين عامَيْ: 1901، و1903، أي في أوج إبداع الفنان، ويُصوّر ضوء ليلة القديس يوحنا الخافت، وهي لحظة فاصلة مُشبعة بالفلكلور، حين يستمر ضوء النهار حتى منتصف الليل.

هنا، يُحوّل مونش طريقاً مألوفاً في بلدته الساحلية النرويجية الحبيبة «آسغاردستراند»، التي كانت ملاذه الصيفي، إلى مسرحٍ تلتقي فيه - بهدوء - مشاعر الشباب والرغبة والتوتر الضمني. وفي «آسغاردستراند»، انكشفت بعض أكثر مراحل حياة مونش تأثيراً، بما في ذلك علاقته الغرامية مع ميلي تاولو (المتزوجة)، وبعد سنوات انهيار علاقته مع تولا لارسن (للاطلاع على معلومات حول أعمال أخرى من مجموعة ليونارد أ. لودر، يُرجى الاطلاع على الخبر الصحافي هنا).

  • «سوذبيز» تُنظم معرضاً فنياً ضخماً في أبوظبي

رينيه ماغريت:

«الفارس المفقود» Le Jockey perdu - 1942:

هذه اللوحة المذهلة على القماش إحدى لوحتين زيتيتين، فقط، معروفتين من هذه السلسلة المهمّة، وتُعدّ أرقى وأتقن تجسيد لفكرة الحصان والفارس الأساسية لماغريت. وقد ابتكر فكرتها عام 1926، ورسمها كلوحة فنية أولى له، وأول لوحة سريالية حقيقية له كذلك، حيث يحاكي موضوع «الفارس المفقود» ابتعاد الفنان عن التصوير التكعيبي، وتبنّيه لغة بصرية تتسم بالغموض والتجاور والإبداع الشعري.

وفي هذه اللوحة القماشية، التي رُسمت عام 1942، في أوج تألّق ماغريت، يُعيد الفنّان النظر في الموضوع، الذي ابتكره قبل نحو 16 عاماً، إنّما بعمق جديد، ووضوح وبراعة فنّية متزايدة، هذه المرّة. ويُصوّر هذا العمل اللافت فارساً وحيداً في غابة حالمة من الأشكال الشاهقة والشبيهة بلعبة الـ«بيلبوكيه» (bilboquet)، حيث يُوحي إطارها «المسرحي» ببوّابة نحو واقع بديل. ومسار هذه اللوحة نفسه متميّز أيضاً، إذ إنّها مرّت عبر مجموعات راعي السريالية الرائد ويليام ن. كوبلي، ثم مؤخراً مجموعات كاي وماثيو باكسباوم، اللذين اعتبرا اللوحة إحدى «درر» مجموعاتهما.

معرض «سوذبيز دبي».. 29 سبتمبر - 3 أكتوبر:

بالتزامن مع معرض أبوظبي، تستضيف صالة «سوذبيز دبي»، بين 29 سبتمبر، و30 أكتوبر، عرضاً لأبرز مقتنيات مزادين قادمين في لندن، هما: الشرق الأوسط الحديث والمعاصر (28 أكتوبر)، وفنون العالم الإسلامي والهند (20 أكتوبر). وسيضم معرض دبي أعمالاً لفنانين بارزين، مثل فخر النساء زيد وإنجي أفلاطون، إضافة إلى قطع أثرية فريدة، مثل: مصحف مزخرف من أوائل القرن الثامن عشر، وزخرفة نادرة للغاية على شكل عرش عثماني معلّق من القرن السابع عشر.