وافق الشهر الماضي مرور 30 عامًا على عرض فيلم «Seven» عالميًا، ولا يزال واحدًا من أكثر أفلام التحقيق البوليسي سوداوية وإتقانًا على الإطلاق. لكن وراء هذا التأثير الثقافي يكمن أثر شخصي ومهني بالغ العمق، خصوصًا على أحد نجومه الرئيسيين (براد بيت)، الذي يمكن القول بأن هذا الفيلم أنقذ مسيرته المهنية والشخصية، وجعله يعيش تجربة فريدة في تاريخه السينمائي.

براد بيت، البالغ من العمر 61 عامًا، شارك في عدد لا يحصى من الأفلام الناجحة، لكن قلة من هذه الأعمال تركت أثرًا عميقًا في حياته كما فعل «Seven». فكل فنان يعرف كيف يمكن لمشروع واحد أن يقسم حياته إلى «قبل»، و«بعد»، على الصعيدين المهني والشخصي. وهذا ما حدث مع بيت، الذي كان يمر بأزمة شخصية ومهنية كبيرة قبل عرض الفيلم، وتمكن من تجاوزها بفضل هذا المشروع، الذي أعاد تعريف مسيرته.

  • براد بيت و«الفرصة الثانية».. هذا الفيلم أنقذ مسيرته المهنية والشخصية

قبل تصوير «Seven»، كان بيت على وشك الانهيار. الفيلم من إخراج ديفيد فينشر، وأصبح الآن علامة فارقة في عالم الإثارة والتشويق، لكن خلف الكاميرات كان بيت يواجه، صيف عام 1994، فترة كان بحاجة فيها إلى «الانفصال عن كل شيء»، ولم يكن يعيش نمط حياة صحيًا على الإطلاق. كما كان يشعر بالإحباط من المشاريع التي لم يكن فخورًا بها، وكان على وشك الوصول إلى أدنى مراحل مسيرته المهنية والشخصية.

في تلك الفترة، وصف بيت نفسه، قائلاً: «كنت أستيقظ، أدخن سيجارة، وأشرب أربع عبوات من المشروبات الغازية دون ثلج، دون تناول أي طعام».

كانت هذه اللحظة الحرجة نقطة تحول، عندما تدخلت صديقته المقربة ووكيلته سينثيا بيت-دانتي؛ لتكون بمثابة «ملاك حارس»، حاملة نص «Seven» بين يدَيْها. قرأ بيت الصفحات السبع الأولى فقط، ولم يقتنع في البداية. وعندما أخبر بيت-دانتي بأن النص بدا له «كالمألوف المبتذل»، شجعته على إكماله ثم التقاء فينشر شخصيًا.

لاحقًا، اعترف بيت بأن لقاءه مع فينشر لم يكن ليكون أفضل مما كان عليه. فقد أذهله أن يجد شخصًا يتحدث عن السينما بطريقة لم يسبق له أن شاهدها من قبل، وكانت تلك لحظة الانطلاق، التي أعادت إشعال شغفه بالتمثيل. كما قال بيت: «أصبحت متحمسًا مجددًا، لقد جعلني أرغب في الاستمرار».

التأثير المهني:

«Seven» لم يكن مجرد فيلم آخر في سجل بيت، بل كان تحوّلًا كاملًا في مسيرته. فبفضل هذا الدور، تخطى الصورة النمطية للشاب الوسيم الجذاب، وأصبح قادرًا على أداء أدوار أكثر تعقيدًا ونضجًا. منح هذا الدور بيت القدرة على إثبات نفسه كممثل جاد، يمكنه حمل فيلم على عاتقه، ومواجهة مواد سينمائية ذات ثقل درامي ونفسي عميق.

كما ساعد الفيلم على انتقاله إلى أدوار تمثيلية جادة، وفتح الطريق أمامه لتقديم أفلام، مثل: «Fight Club، وThe Curious Case of Benjamin Button»، حيث أصبحت الجرأة الفنية جزءًا من هويته المهنية. وكان لهذا الدور أثر آخر في طريقة اختياراته المهنية؛ فأصبح بيت أكثر انتقائية، وأكثر وعيًا بالأعمال التي تخدم رؤيته الفنية، ولا يزال إلى اليوم يختار أدوارًا تجمع بين الإثارة، والدراما، والعمق النفسي للشخصيات.

  • براد بيت و«الفرصة الثانية».. هذا الفيلم أنقذ مسيرته المهنية والشخصية

التأثير الشخصي:

على الصعيد الشخصي، شكل الفيلم لحظة انعطاف كبيرة في حياة بيت. فقبل «Seven»، كان يعيش نمط حياة غير مستقر، مع ضغط نفسي كبير، واهتمام متواضع بصحته. تجربة الفيلم، بدءًا من قراءة النص، وحتى العمل مع فينشر، أعادت إليه شعور السيطرة والتحكم، ومنحته شعورًا بالهدف والشغف من جديد.

وصف بيت شعوره، بعد اكتمال تصوير الفيلم، بالقول: «الأمر كان كما لو أنني ولدت من جديد.. كممثل، وكإنسان». كما عززت التجربة علاقاته المهنية والشخصية، وعلّمته أهمية دعم المقربين، كما حدث مع سينثيا بيت-دانتي، التي ذكّرته بأن الصمود والإيمان بالمشروع المناسب قد يغيّران مسار الحياة بأكملها.

أثر «Seven» في هوليوود:

ما قدمه «Seven» للعالم السينمائي يتجاوز أثره في حياة بيت وحده. فمنذ إطلاقه، أصبح الفيلم معيارًا للأفلام البوليسية القاتمة، وأثر في أسلوب تصوير الجرائم، واستخدام الإضاءة، وحتى المعالجة الموسيقية والمونتاج. كما امتد تأثير الفيلم إلى التلفزيون، حيث ألهم سلسلة مثل «CSI»، ومسلسلات قاتمة مثل «True Detective»، وأعاد تعريف ما يعنيه تقديم قصة قاتل متسلسل على الشاشتين الصغيرة والكبيرة.

وبالنسبة لبيت، شكل هذا الإرث مصدر فخر مستمراً، إذ كان جزءًا من العمل الذي أعاد تعريف صناعة الإثارة والتشويق في التسعينيات، وكان المحرك الذي أعاد إليه الإيمان بمسيرته الفنية، وحياته الشخصية.