في بلدٍ اعتاد إبهار العالم بناطحات السحاب، والمشاريع المستقبلية، تكشف الإمارات وجهاً آخر لا يقل إثارةً، هو تلك الأماكن المهجورة، التي تروي - بِصَمْتِها - قصصاً من الماضي، وتغلفها الأساطير بوشاح من الغموض. هذه المواقع، التي جمعت بين الجمال والرهبة، تحولت إلى وجهات سياحية تستقطب عشاق المغامرة، والباحثين عن تجارب غير تقليدية.. فما رأيك في جولة بين أبرز هذه المحطات المدهشة؟!
-
وجهات إماراتية تكشف كنوزاً خفية
قرية المدام.. بيوت ابتلعتها الرمال
على بُعْد أقل من ساعة من دبي، وفي قلب الصحراء الشاسعة، تمتد قرية المدام المهجورة، أو كما يسميها البعض «القرية التي ابتلعتها الرمال». صفان من البيوت القديمة، ومسجد صامد يواجه الزمن، بينما الرمال تتدفق عبر النوافذ والأبواب، كأنها زائرة دائمة لا ترحل. المشهد هناك يثير الدهشة: أبواب مفتوحة على مصاريعها، وحقائب وأغراض شخصية متناثرة، كأن السكان غادروا فجأة دون وداع. التفسيرات كثيرة؛ فالبعض يقولون: إن العواصف الرملية جعلت المكان غير صالح للعيش. ويبقى الغموض «سيّد الموقف»؛ ما يمنح المكان سحراً خاصاً. اليوم، أصبحت القرية وجهة مفضلة للمغامرين والمصورين؛ فكل زاوية فيها تصلح لصورة تحمل طابعاً سريالياً، حيث يشكل الأثاث المدفون نصفه في الرمال لوحة نادرة. أما المسجد، فهو المبنى الأفضل حفظاً، الذي يضفي لمسة روحانية وسط مشهد بدا سينمائياً بامتياز.. فإذا أردتم عيش تجربة بين الواقع والخيال، فشدوا الرحال إلى قرية المدام.
-
وجهات إماراتية تكشف كنوزاً خفية
الطائرة الروسية المهجورة.. عملاق في قلب الصحراء
في أم القيوين، بين كثبان الصحراء الذهبية، تستوقفكم طائرة ضخمة، تجلس وحيدة في العراء، كأنها سقطت من السماء، ولم تحلق بَعْدُ. إنها طائرة شحن عسكرية روسية، تعود إلى «الحقبة السوفييتية»، وصلت إلى الإمارات في التسعينيات، وانتهت بها الحال هنا، حيث تحولت إلى أيقونة غامضة، ومقصد للمستكشفين. تخيلوا المشهد: هيكل معدني عملاق، أجرد من الداخل، لكنه مليء بالقصص التي تنسجها المُخَيلة. والمهم أن الوقوف أمام هذه الطائرة يمنحكم إحساساً بالرهبة، كأنكم في موقع تصوير فيلم مغامرة عالمي. فهناك يلتقط بعض السياح صوراً بقربها، وآخرون يصعدون داخلها؛ لعيش لحظة مختلفة. وهناك الكثير من الأسئلة التي تثير انتباهكم، منها: كيف استقرت هذه الطائرة العملاقة وسط الرمال؟.. ولماذا تُركت لمصيرها؟
-
وجهات إماراتية تكشف كنوزاً خفية
الجزيرة الحمراء.. مدينة تركها أهلها فجأةً
تقع الجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، أو كما يسميها البعض «الجزيرة المهجورة». إنها مدينة كاملة، هجرها أهلها فجأة عام 1968، تاركين وراءهم بيوتاً من الطين والمرجان ما زالت تقاوم الزمن؛ لتبقى شاهدةً على ماضٍ رَحَلَ، ولم يَعُدْ. ومع أول خطوة في طرقاتها الترابية الضيقة، ستشعرون بأن عقارب الساعة توقفت، وأنكم تعبرون بوابة إلى عالم آخر حيث تتداخل الأساطير مع التاريخ. وتبقى الحقيقة الأجمل أن الجزيرة، اليوم، تعود إلى الحياة. فالجزيرة الحمراء لم تعد أطلالاً صامتة، بل تحولت إلى متحف مفتوح في الهواء الطلق؛ فستجدون مسجداً عريقاً بقبابه العشرين، وقلعة تُطلُّ على الأزقة الضيقة، وسوقاً تقليدياً كان يعجُّ، يوماً، بصائدي اللؤلؤ والتجار. وبين البيوت المتناثرة، ستلمحون أبواباً خشبية متداعية، وحبالاً منسوجة، وجدراناً مرجانية قاومت شمس الخليج، وملح البحر، لعقود طويلة. إن كل زاوية، هنا، تحكي قصة، وكل تفصيل صغير يهمس بحياة كانت نابضة بها. ومع جهود الترميم، التي أعادت الحياة إلى القلعة، وأبراج المراقبة، وبيوت الطواشين، باتت الجزيرة أشبه برحلة عبر الزمن، تعيدكم إلى عصر الغوص وصيد اللؤلؤ، حين كان الصيادون يبحرون؛ بحثاً عن كنوز البحر، التي صَنَعَتْ مجد المنطقة. واليوم، مع المهرجانات الثقافية، والفعاليات الفنية التي تحتضنها، تتحول الجزيرة إلى لوحة نابضة بالحياة، تجمع الماضي بالحاضر، وتمنحكم تجربة مليئة بالحنين والدهشة، بالسير بين بيوتٍ صامتة منذ نصف قرن؛ لتسمعوا أصوات التاريخ بين جدرانها؟.. إن كنتم تبحثون عن وجهة مختلفة، تلهمكم حكاية نادرة، وتكشف لكم وجهاً ساحراً للإمارات، فاجعلوا الجزيرة الحمراء محطتكم المقبلة.
-
وجهات إماراتية تكشف كنوزاً خفية
القصر الغامض في رأس الخيمة.. فخامة يلفّها الغموض
على هضبة مرتفعة بمنطقة الظيت، يقف قصر فخم بُني عام 1985، بعمارة فخمة جمعت بين الطراز الإسلامي، والمغربي، والهندي، والفارسي. فمن الخارج يطل القصر بوقار ملكي، ومن الداخل تسحرك النقوش على الجدران، والتماثيل المتقنة، واللوحات الفنية التي تحكي عن ذائقة راقية. وفي أربعة طوابق، و35 غرفة، يبدو كل ركن كأن الزمن توقف عنده. لكن خلف هذه الفخامة، حيكت قصص مليئة بالغموض؛حول هذا القصر. اليوم، ومع إعادة ترميمه، وفتح أبوابه أمام الزوار، بات القصر محطة سياحية تستقطب الفضوليين والباحثين عن التجربة. وقد قرر مالكه الحالي أن يضع نهاية لهذه الأساطير؛ ففتح أبوابه ليكشف للناس روعة المكان. وهنا يكمن سر جاذبية القصر؛ حيث إنه يقدّم مزيجاً من الأناقة المعمارية، والفلكلور الشعبي، فتلتقي الفخامة بالأسطورة، ويصبح الزائر شاهداً على جمال حقيقي، يتجاوز حدود الخيال.
تكمن جاذبية هذه الأماكن في قدرتها على الجمع بين الرهبة والجمال؛ فالإمارات التي لا تكتفي ببناء المستقبل، تحتفظ، أيضاً، بكنوز من الماضي، حتى إن كانت مغمورة بالغموض.. فإذا كنتم من عشاق المغامرة، أو الباحثين عن تجارب مختلفة، فلا تترددوا في اكتشاف هذه المواقع، التي تعتبر قصصاً حية، تنتظر مَنْ يُعيد سرد تفاصيلها!