في كل ظهورٍ لها، تثبت جلالةُ الملكةِ رانيا العبدالله أن اختيارَها للملابس ليس مجردَ مسألةِ أناقةٍ، بل وعيٌ ثقافيٌّ ينسجم مع رسالتها الوطنية، ويعكس فخرها بالهوية الأردنية وتنوعها الغني. فكل قطعةٍ تختار ارتداءَها، سواء كانت تقليديةً أو معاصرةً، تحمل معها حكايةً، وتعبّر عن الاحترام العميق للتراث، وعن دعمها للمرأة الحرفية، التي تصنع هذه القطع بخبرةٍ ومهارةٍ.
لقد اعتادت الملكة إبراز هذا التنوع في زياراتها للمدن والقرى الأردنية، سواء خلال مناسبات رسمية، أو إفطارات رمضان، أو لقاءات مع السيدات المنتِجات للأعمال اليدوية. ومن خلال ارتداء هذه الأثواب والحقائب المصنوعة يدوياً، تعكس جلالتها دعمها المستمر للحرف اليدوية، وتشجيعها للمرأة لتحافظ على التراث، وإبرازه بأسلوب عصري، دون أن يفقد أصالته.
الثوب الهرمزي.. إطلالة الملكة رانيا تتجلى بالأصالة والجمال الكامل:
في يوم الأربعاء، الثامن من أكتوبر، ظهرت جلالة الملكة رانيا العبدالله في مدينة معان الأردنية، الواقعة أقصى الجنوب، أمام كوخ «الهريسة المعانية» (حلوى شعبية)، مرتدية ثوباً هرمزياً مطرزاً باللونين البرتقالي والأخضر، في مشهد جسّد التقاء الفخامة بالتراث، وأعاد للأذهان البراعة الحرفية التي تتميز بها نساء الجنوب الأردني.
ولم تكتفِ الملكة بجمال الثوب وحده، بل أضافت لمسة أكملت الإطلالة: (الحزام)، الذي يعد القطعة الأساسية، وشدَّ الخصر بدقة، مبرزًا الصدر الفضفاض المعروف بـ«العُب»، ومشكّلًا طبقة ثانية مع قبة على شكل الرقم سبعة، ما منح الثوب توازنًا كبيرًا، وأناقةً لا متناهية.
الثوب الهرمزي، الذي ارتدته جلالتها، يعبّر بدقة عن البيئة الجنوبية الأردنية، بتطريزاته التي تشبه لوحاتٍ فنية تروي حكايات الجدّات، وألوانه الخريفية التي تحاكي دفء الرمال، وسماء الصحراء عند الغروب.
الحزام.. العنصر الأساسي لإبراز جمال الثوب:
يعتبر الحزام قطعة رئيسية تحدد شكل الثوب بالكامل، وهو مصنوع بعناية فائقة من القماش الملون، ويُستخدم أيضًا لتثبيت شكل الثوب، وضبط كميه الطويلين، فيُظهر في النهاية تناغم الطبقات والألوان المميّزة للثوب الهرمزي المعاني. ومن خلال هذه التفاصيل، تؤكد الملكة رانيا دعمها للحرفيات الأردنيات، وتشجيعهن على الاستمرار في العمل اليدوي المتقن، الذي يضفي على كل ثوب قيمة تاريخية، وجمالية.
التناسق الدقيق بين هذه العناصر، مع الحزام الذي يُبرز جمال الطبقات والتطريز، يجعل الثوب لوحة فنية متكاملة، ويعكس تناغم الألوان والبراعة الحرفية لأهل معان، ويؤكد حرص الملكة على دمج التراث بالذوق العصري بطريقة راقية.
الشعر والمكياج.. لمسة عصرية تكمل الإطلالة:
لم تقتصر إطلالة الملكة رانيا على الثوب وتوابعه فقط، بل أكملت جمالها بتسريحة شعر ناعمة وأنيقة «نصف مرفوع»، تتناغم مع حزام الثوب، مع الحفاظ على الانسيابية التي تُبرز التطريزات المذهلة. أما المكياج، فكان متقنًا بعناية، مع التركيز على إبراز العيون بطريقة طبيعية وراقية، ولمسات ألوان خفيفة على الخدين والشفتين، لتعكس دفء الألوان الخريفية للثوب، ما أضفى على الإطلالة توازنًا بين الطابع التقليدي، والذوق العصري.
الإطلالة رمز للهوية والدعم الوطني:
ظهور الملكة أمام كوخ «الهريسة المعانية» كان أكثر من مجرد مناسبة جمالية؛ إنه احتفاء بالتراث والثقافة الأردنية. فالثوب الهرمزي، بألوانه، وتطريزاته، وتوابعه، وحزامه الذي يكمل اللوحة، يعكس احترام الملكة للهوية المحلية، وحرصها على دعم الحرف اليدوية الأردنية، والمرأة المنتجة، وتشجيع الحفاظ على التراث، وإبرازه بفخر.
وبهذه الإطلالة المتكاملة، تؤكد الملكة رانيا أن الأزياء أداة تواصل مع الهوية الوطنية، واحتفاء بالمهارة الحرفية، ورسالة فخر للوطن. فالثوب الهرمزي المعاني، مع كل تفاصيله، يروي تاريخًا طويلًا من الإبداع النسائي، ويثبت أن التراث يمكن أن يعيش ويزدهر في العصر الحديث؛ إذا قدم بفخر وذكاء.