في الخريف، تصطبغ باريس بلونٍ مختلف، كأنها تستبدل فستانها الصيفي المشرق بوشاح من الذهب والنحاس؛ حيث تتساقط أوراق الأشجار برقة على الأرصفة المبلّلة، وتداعب النسمات الباردة الوجوه كدعوةٍ خفيفةٍ للتأمل والبطء. هنا، في «مدينة النور»، يبدو كل شيء أكثر سكونًا، وأكثر عمقًا، وأكثر شاعرية. إنها اللحظة المثالية لاكتشاف باريس الصغيرة، تلك التي لا تُرى من فوق أبراجها، ولا تُلتقط في صور السائحين، بل تُعاش في التفاصيل اليومية: في مقهى صغير، أو معرض فني منسي، أو فندق يهمس بالفخامة الهادئة.
-
خريف باريس يهمس بالرومانسية!.. كيف تقضين أجمل إجازة بين الدفء والأناقة؟
الطقس في باريس.. خلال الخريف:
يمكن أن يكون الطقس في باريس خلال الخريف متقلبًا بعض الشيء! فقد يكون النهار بعد الظهر مشمسًا يشبه نهاية الصيف، ويتبعه صباح بارد يستدعي ارتداء وشاح ومعطف. وتراوح درجات الحرارة النهارية حوالي 17°م، بينما قد تنخفض ليلاً إلى حوالي 8°م.
ومع انتقال الموسم من أكتوبر إلى نوفمبر، تصبح الأيام تدريجيًا أبرد وأقصر، لذا فإن ارتداء طبقات من الملابس هو أفضل طريقة للبقاء مرتاحة. المدينة مشهورة، أيضًا، بهطول الأمطار في هذا الوقت من السنة، بمعدل ثمانية أيام أمطار شهريًا، وبمتوسط حوالي خمسة سنتيمترات شهريًا.
وإذا أردتِ مشاهدة شروق الشمس في باريس، فإن الشمس تشرق في الخريف بين الساعة 7:25 صباحًا، و8:09 صباحًا (حسب الشهر)، وهو وقت يمكن لمعظم الناس الالتزام به، على عكس الصيف حيث يجب الاستيقاظ حوالي الساعة الخامسة صباحًا لمشاهدته.
أما إذا كان غروب الشمس هو ما يهمك، فيكون بين الساعة 5:12 مساءً، و8:05 مساءً (بين سبتمبر، ونوفمبر، على التوالي) مرحبًا بالأيام الأقصر.
درجات الحرارة في باريس خلال الخريف:
- أكتوبر: 16°م كحد أقصى، و10°م كحد أدنى.
- نوفمبر: 11°م كحد أقصى، و6°م كحد أدنى.
-
خريف باريس يهمس بالرومانسية!.. كيف تقضين أجمل إجازة بين الدفء والأناقة؟
الجمال في التفاصيل الصغيرة:
الآن، بعد أن عرفتِ كيف يكون الطقس في باريس خلال الخريف، دعينا ننتقل إلى أفضل أماكن الإقامة لقضاء رحلة مثالية في مدينة الحب. نادرًا ما يكون الصغر مرادفًا للكمال، إلا في باريس. فوسط المدينة صغيرٌ بما يكفي لأن يُكتشف سيرًا على الأقدام، وأنيقٌ بما يجعل كل زاوية منه لوحة فنية.
وبعيدًا عن الزحام المعتاد حول برج إيفل ومتحف اللوفر، تمتد نزهة خريفية على ضفاف نهر السين نحو حي «سان جيرمان دي بريه» البوهيمي، حيث تصطف متاجر التحف، ومعارض الفن، والمقاهي الهادئة وسط مبانٍ من الطراز الهوسماني النابليوني (أسلوب معماري وتخطيط مدني نشأ في باريس خلال القرن التاسع عشر تحت حكم الإمبراطور نابليون الثالث)، ذات الواجهات الحجرية العاجية، والشرفات الحديدية المزخرفة.
وفي قلب هذا الحي، يختبئ كنز صغير يحمل اسم فندق «مونتالامبير»، أحد أبرز فنادق الضفة اليسرى منذ عام 1926. والفندق لا يصرخ بالفخامة، بل يهمس بها. إنه المكان الذي تتمنين لو كنتِ قد حملتِ فيه حقيبة «هيرميس» عتيقة، ووشاحًا حريريًا، لتكتمل الصورة الباريسية في أدق تفاصيلها.
خمسون غرفة فقط، أعيد تصميمها لتوازن بين لمسات العشرينيات الحديثة، والأناقة الفرنسية الكلاسيكية. فالأسقف العالية، والتفاصيل النحاسية الصغيرة، والستائر الحريرية، والرخام الأبيض من «كارارا».. كلها عناصر تنسجم بشكل رائع مع ألوان ذهبية وبرتقالية، تُشعركِ بدفء الخريف. ولا توجد بطاقات بلاستيكية هنا، بل مفاتيح معدنية حقيقية، تعيدكِ إلى زمن كانت فيه الضيافة فنًّا شخصيًا.
أماكن لا تفوّتيها في رحلتكِ الخريفية إلى باريس:
- متحف الفنون الزخرفية - 107 شارع ريفولي:
تحفة فنية من عشرة طوابق، تعرض قرونًا من الذوق الفرنسي في التصميم والديكور. ومن المفروشات الكلاسيكية إلى الأزياء المعاصرة، تعيشين رحلة في تاريخ الأناقة الفرنسية.
- غاليري دي بايزر - 69 شارع سانت آن:
في الطابق الأول من قصر خاص يعود للقرن التاسع عشر، يقع هذا المعرض العريق، الذي تأسس عام 1936، وهو جنة لعشاق الرسم الكلاسيكي، ويضم أعمالًا تمتد من القرن السادس عشر حتى العشرين.
- متحف لورانجيري - حديقة التويلري:
-
متحف لورانجيري
تحفة معمارية بنيت عام 1852، لتؤوي أشجار البرتقال، قبل أن تتحول إلى أحد أجمل المتاحف الفنية في باريس. ومن بين روائعه لوحات كلود مونيه «زنابق الماء»، التي نُصبت بعد وفاته بقليل، وسط ضوء خريفي، يتسلل من نوافذ زجاجية مطلة على نهر السين.
- مولينار - 72 شارع بونابارت:
-
مولينار - 72 شارع بونابارت
من أعرق بيوت العطور الباريسية، حيث يمكنكِ المشاركة في ورشة تصميم عطركِ الخاص. إنها تجربة لا تُنسى لكل من تؤمن بأن العطر توقيع شخصي لا يُرى.
- مقهى دو فلور - 172 جادة سان جيرمان:
-
مقهى دو فلور
أيقونة المقاهي الباريسية منذ أكثر من قرن وثلاثة عقود. هنا، جلس إيف سان لوران، وجان بول سارتر، وجين فوندا؛ لاحتساء القهوة، ومطالعة الصحف. جرّبيه في ساعات الصباح الباكرة، أو منتصف النهار؛ لتفادي الزحام، ودعي الزمن يتباطأ قليلاً.