من قلب الواحة، التي شكّلت مهد التاريخ الإنساني في دولة الإمارات، ينبعث متحف العين بحلّته الجديدة، حاملاً بين جدرانه قصة أول متحف تأسس في الدولة عام 1969، على يد الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. واليوم، وبعد إعادة تطوير شاملة، نفّذتها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، بالتعاون مع شركة «دبّاغ» للعمارة، يستعد المتحف لاستقبال زوّاره من جديد، ابتداءً من 24 أكتوبر 2025، في مساحة تمتد لأكثر من 8,000 متر مربع، وتجمع بين الحداثة والذاكرة، وتحافظ على جوهر المبنى الأصلي، الذي بقي جزءاً نابضاً من السردية المعمارية للمكان. ويعد أول متحف في دولة الإمارات، والمرجع الأساسي للآثار والتاريخ الثقافي الغني لمنطقة العين.

  • إعادة افتتاح متحف العين.. منظومة تراث عريقة

وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، إن «متحف العين له مكانة مُتفردة في ذاكرتنا، ومن خلاله نُكرّم رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقيمه المتمثلة في ضرورة الحفاظ على ماضينا، والاستلهام منه في حاضرنا، وتحفيز الأجيال القادمة؛ لمواصلة المسيرة في المستقبل. وتُمثل عملية إعادة افتتاحه محطة محورية في جهودنا المستمرة لمواصلة هذا الإرث، من خلال الحفاظ على التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومشاركته مع العالم. وعبر مجموعاته القيمة، وحرصنا على تقديم تجربة جديدة للزوار، سيربط المتحف بين جمهوره على اختلاف ثقافاتهم بالجذور العميقة لتاريخ منطقة العين، ودورها المتكامل في تشكيل هويتنا الوطنية».

وتستعرض مجموعة المتحف، وسرديته، مسيرة الوجود البشري في منطقة العين، حيث يضم المتحف قطعاً أثرية يعود تاريخها إلى أكثر من 8,000 عام، ومجموعة من المقتنيات الثقافية المادية، التي تسلّط الضوء على عادات السكان وممارساتهم، إلى جانب معارض تستكشف الإرث الثقافي الغني للمنطقة، حتى يومنا.

  • عمر سالم الكعبي

وصرّح عمر سالم الكعبي، مدير متحف العين: «يعد متحف العين بوابة لفهم الأهمية الثقافية والأثرية لمنطقة العين بأكملها، حيث يوفّر للزوّار سياقاً تاريخياً وتفسيرياً أساسياً، يُضفي حياة على مواقع العين الثقافية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ورؤية واضحة للقيمة العالمية الفريدة للمواقع التاريخية المحيطة به، وإسهامها في إثراء فهمنا الجماعي للتاريخ البشري. وتتمثل رؤيتنا في أن يكون المتحف نقطة انطلاق لرحلة أوسع، تلهم الزوّار اكتشاف المباني التاريخية، والواحات، والمدافن القديمة، والمعالم المعمارية في العين، بإدراكٍ أعمق لقيمتها الراسخة في التاريخ الإنساني، والتراث المحلي».

  • إعادة افتتاح متحف العين.. منظومة تراث عريقة

ويضم متحف العين مواقع أثرية جديدة، اكتُشفت خلال أعمال إعادة التطوير، حيث خضعت لعمليات تنقيب دقيقة، وحُفظت بعناية، لتصبح عنصراً محورياً في تجربة الزوّار. ومن أبرز السرديات، التي يقدّمها المتحف التركيز على تطوّر نظام الأفلاج، الذي يُعدّ من أعظم الابتكارات التقنية والثقافية في تاريخ المنطقة. فقد أسهم هذا النظام في تحقيق الزراعة المستدامة، وأتاح قيام مجتمعات مستقرة في العين، ومهد لتحوّلها إلى مركز حيوي وثقافي في قلب الصحراء.

ويحتضن متحف العين «حصن سلطان»، المعروف أيضاً باسم «الحصن الشرقي»، عند الحافة الشرقية لواحة العين. التي كانت، سابقاً، تقع في قلب القرية القديمة، أو «حارة الشرق»، التي اتخذت اسماً بديلاً، مستوحى من القلعة (حارة الحصن). وقد بنيت، عام 1910، على يد نجل الشيخ زايد الأول، الشيخ سلطان بن زايد، الذي حكم أبوظبي، من 1922، وحتى 1926.

  • إعادة افتتاح متحف العين.. منظومة تراث عريقة

كما يضم متحف العين مجموعة واسعة من القطع الأثرية، التي تمتد عبر آلاف السنين من الوجود البشري في المنطقة، ويعد مركزاً حيوياً للبحث والدراسة الأثرية والتعليم. وبالمتحف مركز أبحاث مخصص لدعم الأبحاث والدراسات المتعددة التخصصات وجهود الحفظ. ومن خلال إتاحة الوصول إلى المواد الثقافية الأصلية، والموارد المتخصصة للباحثين والأكاديميين والطلاب، يسهم المتحف في تعميق فهم التطور التاريخي والثقافي لمدينة العين، ومحيطها. وتأتي هذه الالتزامات في إطار تعزيز المعرفة؛ ما يجعل المتحف مركزاً حيوياً للاكتشاف، والتفسير، والتبادل الأكاديمي، فضلاً عن دوره في صَوْن التراث، كما يسهم في تقدم مجال علم الآثار إقليمياً، وعالمياً.

  • إعادة افتتاح متحف العين.. منظومة تراث عريقة

وتوجد في متحف العين مساحة تعليمية، مصممة لاستضافة ورش عمل تفاعلية، وأنشطة تعليمية عملية، تُتيح للزوّار من جميع الأعمار فرصة التفاعل المباشر مع إرث المنطقة الثقافي والتاريخي. وتكتمل تجربة الزوّار بوجود مقهى ومتجر بيع بالتجزئة، إضافة إلى غرفة قراءة مخصصة، وقاعة للمعارض المؤقتة.