في حديث يفيض خبرةً وإنسانيةً.. يجلس رائد دبس، المدير العام التنفيذي لشركة «Interiors»، متحدثًا عن مسيرة حملت شغفًا كبيرًا بالتميّز، والإصرار على الجودة. إنه رجل هادئ الملامح، وكلماته مُلئت وضوحاً وثقةً؛ فهو لا يتحدث عن الأثاث كمنتج، بل كفنٍّ يعيش مع الإنسان.
رحلة رائد دبس لم تبدأ في عالم الأثاث، بل في ميدانٍ مختلف تماماً، عالم التأمين. فمن بيع خدمات «غير ملموسة»، إلى بيع ما يملأ البيوت دفئاً، كانت هذه النقلة أشبه باكتشاف الذات من جديد. «ربحتُ صداقة غيّرت مسار حياتي».. يقول رائد (مبتسمًا)، وهو يتذكر لقاءه الأول مع السيد عيسى صالح القرق، الشخصية التي فتحت أمامه باب هذا العالم المليء بالإبداع والمسؤولية.
-
رائد دبس
منذ تأسيسها عام 1968، تمثل «إنتريرز» جزءًا من قصة الإمارات؛ فقد نمت مع نهضتها، وأثّثت بيوتها، ورافقت أجيالاً بكاملها في تحولات ذوقها، وأسلوب حياتها.. يقول دبس: «كبرنا جنبًا إلى جنب مع دولة الإمارات.. كنّا نؤثّث البيوت، ونكبر مع العائلات. واليوم، نرى أبناء وأحفاد زبائننا القدامى يشترون منّا بالثقة نفسها، التي بدأت قبل عقود».
ويعزو رائد سرّ هذا الثبات إلى ست ركائز أساسية، شكّلت عماد نجاح «الشركة»، فيقول: «الانتماء إلى مجموعة عيسى صالح القرق، المعروفة بسمعتها وصدقها، والشراكات الطويلة مع موردين استراتيجيين وعلامات حصرية عالمية، وامتلاك تشكيلة فريدة ومتنوعة تغطي الكلاسيكي والعصري والنيوكلاسيكي، وثقة العملاء المتوارثة جيلاً بعد جيلٍ، وفريق عمل محترف يجمع بين البائع والمصمم، وأخيرًا الخدمة المتكاملة قبل البيع وبعده، سواء في المعارض، أو عبر المنصات الرقمية».
بين الأصالة.. والحداثة:
منذ أكثر من خمسة عقود، بقيت «إنتريرز» وفيةً لهويتها، التي نسجت خيوطها بين الأصالة والتجديد. هذا التوازن البديع، كما يصفه المدير العام التنفيذي لشركة «إنتريرز»، هو سرّ استمرارها في الريادة طيلة هذه المدة. «نواكب التصاميم الحديثة.. دون أن نفقد روح الأصالة»، يقول دبس بابتسامة تعكس ثقة مَنْ يعرف، تماماً، معنى أن تجمع بين الإرث والرؤية.. ويضيف: «الجودة - بالنسبة لنا - ليست خياراً، بل هوية، نحافظ - من خلالها - على علاقات طويلة الأمد مع أبرز العلامات العالمية، ونحرص على حضور أهم معارض الأثاث في أوروبا وأميركا؛ لنأتي لعملائنا بكل جديد، دون أن نفقد بصمتنا التي يعرفونها».
وفي صالات العرض الفسيحة، تمتدّ الحكاية بين الأرائك المصقولة بروح الكلاسيكية الفاخرة، وغرف المعيشة المعاصرة، التي تنبض بخفة التصميم الحديث. فهناك، تمتزج الأناقة الأوروبية الدقيقة باللمسة الدافئة؛ لتمنح تجربة متفرّدة، تُشبه المكان والناس معاً. إنها لغة التصميم التي لا تترجمها الكلمات، بل تُحسّ في التفاصيل: في ملمس الخشب، وانسياب الضوء على الأقمشة، ورائحة المكان التي تحمل عبق الحرفية، والذوق الرفيع.
-
جمال يدوم وفكر يتجدد.. «إنتريورز» أيقونة الأثاث الإماراتي
ذوق خليجي يتجدد.. و«إنتريرز» تواكبه:
وعن تطوّر الذوق الخليجي، يتحدث دبس بعيون مَنْ عاش هذا التحوّل، وشهد تغير الأجيال؛ قائلاً: «الجيل السابق كان يعشق الفخامة الكلاسيكية. أما الجيل الجديد، فيبحث عن الراحة والبساطة، اللتين تعبّران عن شخصيته. ونحن نواكب هذا التغير بمرونة وشغف، فنقدم تشكيلة واسعة في صالاتنا تناسب كل الأذواق، وكل أساليب الحياة».. لم يعد الأثاث، اليوم، رمزاً للفخامة فحسب، بل يعد تعبيراً عن الهوية الشخصية، فكما يوضح دبس: «الهدف لم يعد امتلاك أثاث جميل فقط، بل إيجاد بيئة تشبهك، وتعبّر عنك، وتمنحك إحساساً بالانتماء إلى المكان».
الثقة تُبنى على الشراكات.. والجودة تضمن البقاء:
في جوهر نجاح «إنتريرز» علاقاتها الممتدة مع أعرق دور تصميم وإنتاج الأثاث في أوروبا وأميركا. هذه الشراكات، التي يصفها دبس بـ«العلاقات الاستراتيجية»، تمتد لأكثر من أربعين عاماً.. ويؤكد: «الثقة المتبادلة مع شركائنا تمنحنا الأفضل دائماً، بتصاميم حصرية، وجودة يمكننا أن نكفلها بثقة؛ لأننا نعرف مصدرها، وقيمتها». ولأن الجودة التزام وليست مجرد وعد، تقدّم «الشركة» فترة ضمان تصل إلى خمس سنوات على بعض المنتجات؛ لأنها تدرك أن قطعها تجمع بين المتانة والفخامة، ما يجعلها جزءاً من حياة العميل، وليست مجرد قطع مؤقتة في منزله.
-
جمال يدوم وفكر يتجدد.. «إنتريورز» أيقونة الأثاث الإماراتي
نافذة على المستقبل:
من صالات العرض المضيئة إلى الشاشات.. تمضي «إنتريرز» بخطى ثابتة نحو المستقبل؛ فالتكنولوجيا - بالنسبة إليها - ليست بديلاً عن الإنسان، بل امتدادٌ لخبرته.. «اعتمدنا تقنيات النمذجة الثلاثية الأبعاد (3D Modeling)، التي تتيح للعميل استكشاف الأثاث من كل الزوايا، وتخيّل كيف سيبدو في منزله. كما أضفنا نظام (CRM) ذكياً، يتعرّف على ذوق العميل، ويقترح عليه قطعاً تُكمل اختياره».. يخبرنا رائد. لكن رغم هذا التقدّم (يتابع)، تظلّ اللمسة الإنسانية جزءاً لا يتجزأ من روح «الشركة».. «لدينا موظفون يتواصلون مباشرة مع العملاء عبر (الواتساب)؛ لأننا نؤمن بأن التكنولوجيا يمكن أن تُقرّبنا من الناس، ولكن لا يمكنها أن تحلّ مكان الدفء الإنساني».. يبين المدير العام التنفيذي لشركة «Interiors».
-
جمال يدوم وفكر يتجدد.. «إنتريورز» أيقونة الأثاث الإماراتي
من إرثٍ خالد.. إلى رؤيةٍ تمتد إلى أجيال:
اليوم، تمتلك «إنتريرز» أربعة أفرع رئيسية في الإمارات، إضافةً إلى منصتها الإلكترونية، التي أصبحت بمثابة فرع خامس. ومع التفكير في التوسع الإقليمي مستقبلاً، تبقى الأولوية لترسيخ حضورها في السوق المحلي، الذي وُلدت فيه.. يقول المدير العام التنفيذي لشركة «Interiors»: «رؤيتنا واضحة: أن تبقى (إنتريرز) الوجهة الأكثر ثقةً وتميّزًا في عالم الأثاث الخليجي. إننا ندمج الإرث مع الجودة، ونؤمن بأن الاستدامة تبدأ من القطعة، التي تبقى معك سنواتٍ طويلةً، فلا تُستبدل بسرعة، بل تعيش معك، وتكبر في المكان».
وفي ختام اللقاء.. يقول رائد دبس، المدير العام التنفيذي لشركة «Interiors»، عبارته التي تلخّص فلسفة «الشركة»: «الأثاث ليس ما نملكه، بل ما نعيش فيه. فنحن في (إنتريرز) لا نبيع قطعاً فحسب، بل نصنع مساحاتٍ تُشبه الناس، وتبقى معهم.. جيلاً بعد جيلٍ».