داليا آل طه: «النيو تراثي الخليجي» هوية الماضي بإيقاع الحاضر
من الهندسة المعمارية إلى التصميم الداخلي، شقّت داليا آل طه مساراً متفرّداً في عالم الديكور، حيث جمعت بين العمق المهني، والرؤية الإبداعية. بعد نيلها درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، بدأت آل طه مشوارها في مجال المقاولات، متعمّقة في التفاصيل من المواد إلى التنفيذ، قبل أن تتخصّص في التصميم الداخلي، وتحصل على دبلوم في إدارة المشاريع. وبعد نحو عِقد من العمل، أطلقت عام 2021 شركتها «Eon Decorations»، التي تقدّم خدمات التصميم والتنفيذ الشاملة، بأسلوب يجمع بين الاستدامة، والهوية، والأناقة. وأطلقت في تصاميمها الداخلية أسلوب «النيو تراثي الخليجي»، الذي نعرف ملامحه في هذا الحوار:
-
داليا آل طه: «النيو تراثي الخليجي» هوية الماضي بإيقاع الحاضر
بدايةً.. كيف انطلقتْ رحلتك في عالم التصميم الداخلي؟
بدأت مسيرتي من عالم المقاولات، حيث كنت أتعامل مع التفاصيل العملية، مثل: الترابة، والعمال، والمواد كالطين، والجبس. هذه الخبرة منحتني فهماً عميقاً لأساسيات التنفيذ. لاحقاً، قررت التخصص في التصميم الداخلي؛ فحصلت على دبلوم في هذا المجال، إضافة إلى دبلوم إدارة المشاريع. وبعد عشر سنوات من العمل، أطلقتُ شركتي «Eon Decorations»، التي تقدم حلول التصميم والتنفيذ من الألف إلى الياء، وتشمل كل التفاصيل بما فيها: الأسقف، والجدران، والأرضيات، والمفروشات، والإكسسوارات.
فلسفة تصميمية
ما الفلسفة، التي تقوم عليها «Eon Decorations»؟
تقوم فلسفتنا على مفهوم الاستدامة، ليس فقط من خلال المواد، بل في التصميم نفسه؛ فنسعى إلى تقديم تصاميم تدوم طويلاً، وتبقى جميلة، وقابلة للاستخدام لأجيال، ما يقلل الحاجة إلى التغيير المستمر، ويخفف الضغط على الموارد الطبيعية.
-
داليا آل طه: «النيو تراثي الخليجي» هوية الماضي بإيقاع الحاضر
ما المقصود بأسلوب «النيو تراثي الخليجي»، الذي تعتمدينه في مشاريعك؟
هذا الأسلوب مزيجٌ من الأصالة والحداثة؛ فمدارس التصميم التقليدية، مثل: الكلاسيك، والنيو كلاسيك، والمودرن، والإسلامي (الأندلسي، أو الدمشقي، أو الخليجي التقليدي)، لا تزال موجودة، لكن نمط الحياة السريع، اليوم، يتطلّب حلولاً أكثر بساطة وعملية. في «النيو تراثي»، احتفظنا بعناصر الهوية الخليجية الأساسية، مثل: الأقواس، والزخارف، والألوان الترابية، والمساحات المفتوحة، وأدخلنا إليها التكنولوجيا الذكية، والمواد الحديثة كالزجاج، والحديد، والإضاءة المبتكرة.. والنتيجة هوية أصيلة بملامح معاصرة، تناسب الحياة اليومية.
كيف يبدو «المجلس الخليجي» في هذا الأسلوب الجديد؟
«المجلس» لا يزال قلب المنزل الخليجي، لكنه أصبح أخفَّ وأكثر مرونة. أستخدم الحجر كعنصر إكسسواري في الطاولات الجانبية والرئيسية، والزخارف التراثية في الجدران بتفاصيل بسيطة. أما الألوان، فتميل إلى الحيادية، مثل: درجات «الغريج»، والألوان الرملية، مع لمسات ناعمة من الأزرق والأخضر مستوحاة من البحر. كما حوّلت الزخارف الثقيلة إلى لوحات يسهل تغييرها، ما يجعل التكلفة أقل بنحو 50%.
-
داليا آل طه: «النيو تراثي الخليجي» هوية الماضي بإيقاع الحاضر
ما مدى انتشار أسلوب «النيو تراثي الخليجي» في الإمارات؟
هناك، دائماً، من يفضل الكلاسيكي التقليدي، لكنه أصبح أقلَّ طلباً. اليوم، يميل العملاء إلى ما يجمع الراحة بالعصرية والهوية الثقافية، وهو ما يقدمه «النيو تراثي». هذا الأسلوب يربط بين جيلنا وجيل أجدادنا، ويعكس دفء وكرم الثقافة العربية، لذلك يحظى بإقبال متزايد، إلى جانب أسلوب «النيو مغربي»، الذي يعتمد فكرة التبسيط أيضاً.
ماذا عن «النيو مغربي»؟
«النيو مغربي» أسلوب يعتمد على تخفيف الزخارف والألوان في التصميم المغربي التقليدي، مع الحفاظ على روحه المتميزة، ليصبح أخف وأكثر ملاءمة للمساحات الحديثة.
-
داليا آل طه: «النيو تراثي الخليجي» هوية الماضي بإيقاع الحاضر
عناصر مدروسة
ما العناصر، التي تجعل «المجلس العربي» يبدو عصرياً (مودرن)؟
أولاً الإضاءة، فقد أصبحت مدروسة وموزعة وفق وظيفة كل مساحة، من «السبوت لايت» الموجه، إلى الإضاءة المخفية الدافئة، والإضاءة الأرضية والزخرفية. وفي الألوان، نستخدم ثلاث درجات كحدٍّ أقصى، منها لونان محايدان، وثالث «يكسر» الحياد. وفي المفروشات، نركز على الراحة؛ فتكون الأرائك متصلة، وواسعة، وبظهر مريح، وبعيدةً عن الطابع الصلب التقليدي. كما نُجري تعديلات مدروسة على المقاسات؛ لتناسب الاستخدام اليومي دون المساس بالأناقة.
ما المواد، التي يمكن أن تحلّ محل الخشب التقليدي؟
هناك أربعة بدائل رئيسية:
1. الخشب الطبيعي (الأفخم، والأغلى، والأقل استخداماً بسبب تكلفته).
2. (MDF) مع قشر الفينير الطبيعي (يشبه الخشب الطبيعي في ملمسه).
3. (MDF) مع الميلامين (الأكثر انتشاراً، والأفضل للمطابخ؛ لأنه مقاوم للماء).
4. البلاستيك (أقل استخداماً، وغالباً يُستخدم في التغليف، أو التفاصيل البسيطة). بالنسبة لي، أفضل الخشب الطبيعي دائماً؛ لما يضيفه من أصالة وجمال.
-
داليا آل طه: «النيو تراثي الخليجي» هوية الماضي بإيقاع الحاضر
ما البدائل الأكثر استدامة، وتعدُّ صديقة البيئة؟
الخشب الطبيعي هو الأكثر قابلية لإعادة التدوير والاستخدام، يليه الخشب مع الفينير، ثم الميلامين. لكن، في رأيي، الاستدامة الحقيقية تكمن في تصميم يدوم طويلاً؛ فعندما نصمم مساحة لا تحتاج إلى تغيير متكرر، نقلل الضغط على الموارد الطبيعية بشكل كبير.
ذكرتِ دور التكنولوجيا في الإضاءة.. كيف تطوّر هذا الجانب؟
خلال السنوات الأخيرة، تغيرت طرق الإضاءة بشكل كبير؛ فلم نعد نعتمد على إضاءة واحدة قوية كما في السابق، بل أصبحنا نستخدم طبقات عدة من الإضاءة حسب الوظيفة، مثل: إضاءة موجهة إلى الأماكن التي تحتاج إلى تركيز أكبر، وإضاءة مخفية توفر أجواء مريحة ودافئة، وإضاءة أرضية للممرات، وإضاءة زخرفية؛ لإبراز الجماليات، والهدف أن تكون الإضاءة وظيفية ومدروسة، وليست مجرد عنصر إنارة.
حالياً.. ما أبرز توجهات التصميم الداخلي في الإمارات؟
هناك توجه واضح نحو ما أسميه «البساطة الفاخرة»؛ فالعملاء يريدون مساحات بسيطة وعمليةً للعيش اليومي، لكن مع لمسة فخامة واضحة، مثل: مدفأة رخامية، أو فاصل من «الستانلس ستيل». فليس المطلوب أن تكون كل الجدران مزخرفة، بل أن يكون هناك عنصر واحد فاخر، يستحق التركيز، والاهتمام.