بخطابٍ ثقافيٍ يجمع بين الأدب والفكر، تقدّم خولة المجيني، مديرة إدارة الفعاليات في هيئة الشارقة للكتاب، رؤية تؤمن بأنّ الكتاب لا يغيّر الكون بقدر ما يُثريه تنوّعاً وجمالاً. حضورها الإبداعي يعكس شغفها بالمعرفة والفنون والعلوم، وانحيازها لكل ما يسمو بالإنسان وعقله. وفي مجال أدب الطفل، تركت بصمتها الخاصة التي تترجم إيمانها بدور القراءة في بناء الوعي منذ الصغر.
وتزامناً مع معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي ينطلق من 5 إلى 16 نوفمبر 2025، ويُعدّ منارةً للفكر وأحد أهم المنابر الثقافية في المنطقة، تتحدث المجيني إلى «زهرة الخليج» عن تجربتها ومسؤوليتها في إثراء المشهد الثقافي وتنظيم الفعاليات الأدبية التي تعزز حضور الشارقة على خريطة الثقافة العالمية.
-
خولة المجيني: «الشارقة للكتاب» منارة فكرية وأدبية عالمية
ما المهام، التي تتولاها إدارة الفعاليات في هيئة الشارقة للكتاب، وما هدفها الأساسي؟
«الإدارة» تشرف على تخطيط وتنظيم الفعاليات والبرامج، ومعارض الكتب والمهرجانات الثقافية، وغيرها من المبادرات الثقافية التي تنظمها «الهيئة»، وتتضمن: معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، ومؤتمر الموزعين الدولي، ومؤتمر الناشرين، إلى جانب مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة، الذي يعد منصة إبداعية تجمع نخبة من خبراء وصناع الرسوم المتحركة حول العالم. ويتمثل الهدف الأساسي في إثراء الفكر والعقل بتنظيم معارض ومهرجانات، تستقطب الملايين سنوياً. وهذه الفعاليات النوعية والمبتكرة تساهم في نشر الثقافة بين أفراد المجتمع، ودعم المشروع الثقافي والحضاري لإمارة الشارقة، وترسيخ مكانتها مركزاً ثقافياً ومعرفياً.. إقليمياً، وعالمياً.
توجهات «المعرض»
ما أبرز ملامح التطور التي يشهدها «معرض الشارقة الدولي للكتاب»؟
يشهد «المعرض» في كل دورة توسعاً نوعياً في مجالات الإبداع والابتكار والشمولية، مقدّماً الكتاب كمنصة معرفية متكاملة تحتفي بالأدب والفنون والعلوم والتكنولوجيا. وقد استطاع على مدى السنوات أن يتحول من حدث ثقافي محلي إلى تظاهرة عالمية تجمع بين الفكر والمعرفة والصناعة الإبداعية. ويُسهم «المعرض» في تعزيز حضور الكتاب بوصفه محوراً للتفاعل الإنساني، إذ يجمع الكتّاب والقرّاء والناشرين والمترجمين تحت سقف واحد، في بيئة تحفّز الحوار وتكرّس قيمة القراءة كأسلوب حياة.
-
خولة المجيني: «الشارقة للكتاب» منارة فكرية وأدبية عالمية
كيف يتم اختيار الفعاليات، وما الفئات العمرية التي يستهدفها «المعرض»؟
يتم اختيار الفعاليات بناءً على دراسة الاحتياجات الثقافية المختلفة للجماهير؛ ونحرص على تلبية تطلعات أفراد العائلة كافة. كما يلبي «المعرض» احتياجات الطلبة، والأكاديميين والباحثين؛ فيقدم فعاليات عامة، وعروضاً مسرحية وفنية، إلى جانب الأنشطة التفاعلية في محطة القصص المصورة، وركن الطهي، والأمسيات الشعرية، ومحطة التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى فعاليات البرنامج الثقافي. هذا البرنامج المتكامل من الفعاليات يحول «المعرض» إلى منصة شاملة، يجد فيها كل فرد ما يصبو إليه.
كيف يسهم «المعرض» في ترسيخ مكانة الشارقة مركزاً للثقافة والمعرفة؟
يرسّخ «المعرض» مكانة الشارقة على الخريطة الثقافية العالمية، من خلال مبادرات ومؤتمرات نوعية تواكب المتغيرات في عالم النشر وصناعة المعرفة. ومؤتمر الناشرين الدولي، الذي يُقام قبيل انطلاق المعرض، يشكّل منصة مهمة لتبادل الحقوق وتوسيع حركة الترجمة من خلال منحة تبلغ 300 ألف دولار؛ لدعم الاتفاقيات المبرمة خلاله. كما أطلق «المعرض» مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة، الذي يجمع أبرز الخبراء والمبدعين في هذا المجال، فاتحاً آفاقاً جديدة للتعاون الدولي في الصناعات الثقافية والإبداعية. إلى جانب ذلك، يُنظَّم مؤتمر المكتبات الدولي بالشراكة مع جمعية المكتبات الأميركية، في خطوة تعزّز تبادل الخبرات في إدارة المعرفة. وتأتي جائزة الشارقة للترجمة (ترجمان) لتضيف بُعداً إنسانياً وثقافياً آخر، إذ تشجع دور النشر العالمية على ترجمة الإبداع العربي، وتبني جسوراً معرفية بين الشعوب.
-
خولة المجيني: «الشارقة للكتاب» منارة فكرية وأدبية عالمية
هل هناك برامج خاصة أو ورش عمل؛ لدعم الكُتّاب والموهوبين، وكيف يتم اختيار المشاركين في «المعرض»؟
تستهدف جوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب تكريم الكتّاب والناشرين، الذين أسهموا في إثراء المشهد الثقافي العربي والعالمي. وتتوزع الجوائز على 4 فئات رئيسية: «جائزة الشارقة للكتاب الإماراتي»، و«جائزة الشارقة لأفضل كتاب عربي في مجال الرواية»، و«جائزة الشارقة لأفضل كتاب أجنبي»، و«جائزة الشارقة لتكريم دور النشر». كما يقدم «المعرض» برامج خاصة وورش عمل للكتابة الإبداعية، وتطوير الشخصيات، ويتم اختيار المشاركين وفق معايير فنية ومهنية؛ لتقديم محتوى عالي الجودة، يثري التجربة الثقافية، ويعكس التنوع الإبداعي.
يسلط «المعرض» الضوء على الأدباء والفنانين المبدعين، ويشجع المواهب الناشئة.. حدثينا عن ذلك!
يكرّم «معرض الشارقة الدولي للكتاب» نخبة من الكتّاب والناشرين عبر جوائز الشارقة للكتاب بفئاتها المختلفة، التي تحتفي بالإبداع المحلي والعربي والعالمي، وتشجع على الترجمة والتجديد الأدبي. كما يحتضن المعرض جلسات توقيع وندوات حوارية تتيح للأدباء التواصل المباشر مع الجمهور، إلى جانب برامج وورش تفاعلية مخصصة للمواهب الشابة، تمنحها فرصة التعبير عن نفسها، وصقل مهاراتها الأدبية والفنية في بيئة ملهمة تعزز ثقتها وتفتح أمامها آفاق المستقبل.
-
خولة المجيني: «الشارقة للكتاب» منارة فكرية وأدبية عالمية
ما الدور الذي يقوم به «المعرض» لنشر الثقافة، وما أبرز التحديات التي تواجهونها؟
يشكّل «المعرض» منصة عالمية للحوار الثقافي، تتيح التفاعل بين مختلف الثقافات، وتعريف العالم بثراء الأدب العربي وإبداعاته. أما أبرز التحديات، فيتمثل في مواكبة التحولات السريعة في عالم المعرفة، واستقطاب الأجيال الجديدة بوسائل مبتكرة، تحافظ في الوقت نفسه على جودة المحتوى والهوية الثقافية الأصيلة.
مواكبة التطور
كيف يتفاعل «المعرض» مع التطور التكنولوجي في صناعة الكتب؟
نعيش اليوم تحولاً رقمياً متسارعاً، لذلك يحرص «المعرض» على مواكبة أحدث التقنيات في عالم النشر من خلال تخصيص منصات تفاعلية للكتب الإلكترونية والصوتية، واستضافة دور نشر رقمية تعرض ابتكاراتها وتجاربها الناجحة. هذا التوجه يجعل الكتاب أكثر انتشاراً وتنوعاً، ويقرّب المعرفة من القارئ بأساليب تتماشى مع روح العصر.
-
خولة المجيني: «الشارقة للكتاب» منارة فكرية وأدبية عالمية
قدمتم نموذجاً ملهماً في ما يخص الأدب والطفل.. حدثينا عن أبرز الفعاليات التي تُعنى بثقافة الطفل؟
لثقافة الطفل مكانة خاصة في فعاليات «المعرض»؛ لهذا خصصنا برنامجاً متكاملاً للأطفال والناشئة واليافعين، يتضمن مجموعة من ورش العمل، والأنشطة التوعوية، والفعاليات الفنية التي تهدف إلى بناء القدرات، وتطوير المهارات. وتشمل ورش العمل: الرسم والخط العربي والكتابة الإبداعية والفنون الحرفية، إلى جانب العروض الفنية والموسيقية والمسرحية والعلمية والترفيهية. كما تقدم محطة القصص المصورة باقة متنوعة من الورش الإبداعية، التي تتناول تصميم الشخصيات.
كيف ترين مستقبل الفعاليات الثقافية الموجهة إلى الأطفال، وما الخطط المستقبلية لتوسيع نطاقها؟
مستقبل الفعاليات الثقافية الموجهة إلى الطفل به فرص نمو كبيرة، فنخطط، حالياً، لتوسيع نطاقها؛ لتشمل مجالات متنوعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ولتحقيق هذا الهدف، نعمل على تعزيز شراكاتنا مع نخبة من المؤسسات العالمية، المتخصصة في المحتوى الموجه للأطفال؛ تجسيداً لالتزامنا بالمساهمة في تطوير محتوى يلبي التوجهات المستقبلية. وكذلك مهرجان الشارقة القرائي للطفل مخصص، تحديداً، للأطفال واليافعين والشباب.
الأكثر جاذبية
اليوم.. ما النصيحة التي تقدمينها لغرس المبادئ الأدبية والثقافية في نفوس الجيل الجديد؟
أدعو الأمهات والآباء إلى زيارة «المعرض» مع أطفالهم، ليستفيدوا من الفعاليات المتنوعة التي تنمّي مهاراتهم الفكرية والفنية، وتغرس فيهم حب القراءة. فالكتاب هو البوابة الأولى لبناء الوعي والخيال، والطفل الذي ينشأ على القراءة والتفاعل مع المعرفة يصبح أكثر قدرة على الإبداع، وعلى تمثيل وطنه بثقافة ووعي في المستقبل.