لم يكن غريباً حجم الاحتفاء، الذي وجدته النجمة المصرية شريهان، لدى ظهورها في حفل افتتاح «المتحف المصري الكبير»، فهي الأيقونة الفنية، التي تعيش في ذاكرة الناس، وواحدة من رائدات الفن الاستعراضي المصري، وأيقونة الفوازير الرمضانية، خلال الثمانينيات والتسعينيات.
-
شريهان
غياب شريهان يعزز مكانتها الفنية:
زاد غياب شريهان الطوعي أهمية ظهورها الجماهيري الأول، منذ إطلالتها في إعلان تلفزيوني، جسد قصتها في موسم رمضان 2021، بعد ابتعادها عن الساحة الفنية بسبب المرض منذ عام 2002، حينما أعلنت إصابتها بسرطان الغدد اللعابية، الذي يعد مرضاً نادراً، لكنه أحد أشرس أنواع السرطان، حيث ظلت لسنوات طويلة تقاوم خبثه، الذي أثر في جسدها، وأكل جانباً من وجهها، إلا أنها لم تستسلم له، وبقيت تخوض معركة شرسة معه حتى استعادت جزءاً من عافيتها، لكنها فضلت الابتعاد عن الفن.
لم يكن مرض السرطان هو العائق الأول الذي فرق بين شريهان وجمهورها، فقد تعرضت عام 1990 لحادث سير مروع، أدى إلى انكسار ظهرها، وعرضها لإصابة بالغةٍ في عمودها الفقري، حتى إن الأطباء توقعوا، حينها، أنها لن تعود للمشي مجدداً، لكن إرادتها الحديدية تغلبت على هذه الظروف الصعبة، وعادت في نهاية التسعينيات؛ لتقدم مسرحية «شارع محمد علي» عام 1994، وتقوم ببطولة مجموعة من الفوازير التلفزيونية.
-
شريهان (5)
شريهان حاضرة في الذاكرة:
في ظل انتشار منصات التواصل الاجتماعي، لا يتذكر الجمهور العربي من شريهان، عموماً، سوى حضورها الفني القديم، وأرشيفها الكبير الذي يملأ شاشات المحطات المصرية، أو ما تيسر منه على منصة «يوتيوب»، لكنه استطاع أن يشاهد نسخة فنية جديدة من شريهان عام 2021، أيضاً، بعد أن أعادها المنتج والسيناريست المصري الدكتور مدحت العدل، من خلال مسرحية «كوكو شانيل»، من إنتاجه وتأليفه وإخراج هادي الباجوري، حيث عرضت المسرحية لأسابيع عدة، قبل أن يتم تصويرها تلفزيونياً، وبثت عبر إحدى المنصات الرقمية، ضمن مشروع كبير قاده العدل، واستهدف تقديم شريهان مجدداً في عدة أعمال على المسرح، منها مسرحية بعنوان «رابعة العدوية»، لكن المشروع توقف تماماً، ولم يرَ النور، وقيل: إن لذلك أسباباً يحتفظ صناعها بها.
كلمات شريهان، وظهورها في حفل «المتحف المصري الكبير»، أعادت للجمهور العربي ذاكرته القديمة، فعلى الرغم من ظهورها القليل ولدقائق معدودة، إلا أن بريقها لم ينطفئ، إذا امتلأت صفحات المواقع الإلكترونية، ومنصات التواصل الاجتماعي، بصورها وكلماتها وأزيائها، فقوبلت بحفاوة كبيرة من قبل الجمهور، ولم يهمه تقييم حضورها أو مدته، بل كان وجودها سبباً كافياً ليعيد الناس إلى ماضيهم القديم، الذي نسوه في ظل عصر السرعة والتكنولوجيا.
ظهور جديد:
في ظهورها الجديد، أبدت شريهان اعتزازها بالمشاركة في حفل افتتاح «المتحف المصري الكبير»، ووصفت الحدث بالتاريخي، الذي جمع العالم على أرض مصر، وقالت: «سلام من أرض السلام، من هنا بدأت الحكاية، حكاية حضارة علمت الإنسانية أن مصيرنا واحد مهما اختلفنا.. والنهاردة، ومن كل قارات العالم، بنعزف لحن واحد».
وأضافت: «مش عارفة ألملم مشاعري، شريهان دلوقتي عاوزة تصلي بقية عمرها شكرًا وامتنانًا لله، شكراً له على هذا التتويج وهذا الشرف، لأنه شرف ما بعده شرف، على أرض بلدي».
تاريخ حافل.. وإنجازات استثنائية:
بدأت شريهان أحمد عبد الفتاح الشلقاني (مواليد 6 ديسمبر 1964) حياتها الفنية في الرابعة من عمرها، عبر أدوار تتلاءم مع موهبتها الفنية.
درست شريهان «الحقوق»، لمساعدة والدها، لكن حبها للفن جرفها نحو التوجه إلى العاصمة الفرنسية باريس، لتعلم التمثيل والرقص الاحترافي، حتى جاءتها فرصة العمر، عبر تقديم فيلم «الخبز المر»، عام 1982، أمام الفنان الكبير فريد شوقي.
نقطة التحول الكبيرة في حياة شريهان، بدأت عام 1985، عندما قدمت الفوازير للمرة الأولى في حياتها، حيث لمعت وأصبحت الاستعراضية الأولى في مصر والعالم العربي؛ لأدائها العالي لسنوات متتالية، فكان يُنظر إليها، وللفنانة نيللي، على أنهما أهم فنانتَيْ استعراض وفوازير في العالم العربي.
حياتها العائلية:
شريهان سليلة عائلة مرموقة، فوالدها المحامي أحمد عبد الفتاح الشلقاني، أحد أشهر دكاترة القانون المصري، ووالدتها هي عواطف محمود هاشم، سيدة أعمال وعارضة أزياء سابقة، وشريهان هي الأخت غير الشقيقة من الأم لعازف القيثارة المصري عمر خورشيد، وجيهان أرملة المعلق الرياضي فايز الزمر، والسيدة هويدا زوجة المخرج كريم ضياء الدين.
تزوجت شريهان، أول مرة، من رجل الأعمال السعودي علال الفاسي، لكنها انفصلت عنه، قبل أن تتزوج مجدداً، من رجل الأعمال الأردني علاء الخواجة، وأنجبت منه ابنتين، هما: «لؤلؤة»، و«تالية القرآن»، وقد لا يعرف الجميع أن علاء الخواجة ما زال متزوجاً، حتى الآن، شريهان، ومن الفنانة والمنتجة المصرية المعروفة إسعاد يونس.
-
شريهان.. حضور طاغٍ لأيقونة الفن المصري
وفي العموم، تبقى شريهان أيقونة الفن وساحرة الفوازير، التي عندما تحضر يستعاد تاريخها الفني المحفور في أرشيف الفن العربي، والمثل الأعلى لفنانات كثيرات من الشابات اللواتي يرينها قدوة فنية.