عزيزة التميمي: أبوظبي بيئة خصبة لازدهار الفنون البصرية

بين حكايات الناس الواقعية، تتشكل لوحات سينمائية نابضة بالحياة، لا تبهت ألوانها، ولا تفقد نبضها، حيث تتجلى الأفلام الوثائقية فناً ينقل الحقيقة بعمق وإنسانية، في ملتقى يجمع بين الإبداع والبحث الدقيق، والتفاعل المباشر مع المجتمع. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، نلتقي مع عزيزة التميمي، منتج تنفيذي وثائق

بين حكايات الناس الواقعية، تتشكل لوحات سينمائية نابضة بالحياة، لا تبهت ألوانها، ولا تفقد نبضها، حيث تتجلى الأفلام الوثائقية فناً ينقل الحقيقة بعمق وإنسانية، في ملتقى يجمع بين الإبداع والبحث الدقيق، والتفاعل المباشر مع المجتمع. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، نلتقي مع عزيزة التميمي، منتج تنفيذي وثائقيات في «إيمج نيشن أبوظبي»، التي اختارت هذا الفن منصةً؛ لتسليط الضوء على القصص الحقيقية، التي تعكس الهوية الوطنية، وتناقش قضايا إنسانية معاصرة؛ لنستعرض معها مسيرتها المهنية، والتحديات التي تواجهها، ورؤاها لدور المرأة الإماراتية في إثراء المشهد الإبداعي.. محلياً وإقليمياً:

  • عزيزة التميمي: أبوظبي بيئة خصبة لازدهار الفنون البصرية

كيف بدأت رحلتكِ مع الأفلام الوثائقية؟

في البداية، لم أكن من محبي الأفلام الوثائقية، وكنت أميل إلى الأفلام الروائية والسردية. لكن أثناء دراستي صناعة الأفلام في الجامعة، وخلال التدريب العملي في هيئة الإعلام الإبداعي، اطلعت على فن الوثائقيات، وأنتجت أعمالي الخاصة فيها، ما غير نظرتي تماماً. فقد وجدت في الوثائقيات فرصة للبحث عن القصص الحقيقية، والتواصل مع الناس، وتحويل تجاربهم إلى أعمال فنية، تحمل معنى وجمالاً إنسانياً، ولمست قوة هذا الفن في التأثير، فالأفلام الوثائقية تتميز بعفويتها وصدقها وعمقها الإنساني. فهنا لا تُختلق القصص، بل تُكتشف وتُروى كما هي، بتعقيدها وجمالها، وأحياناً في أماكن لا نتوقعها. ومع تراكم الخبرات، بدأت أجد صوتي الإبداعي عبر الإنصات الدقيق، والتفاعل العميق مع القصص، إلى جانب التركيز على الجوانب التقنية والتنفيذية.

مرونة.. وشفافية

ما أبرز التحديات التي تواجهينها، خلال إنتاج فيلم وثائقي، وكيف تتعاملين معها؟

أبرز هذه التحديات تقلبات الحياة الواقعية، التي تجعل التحكم في الجدول الزمني والميزانية أمراً صعباً، إذ تتطور القصص، أحياناً، بشكل غير متوقع. كما أن بناء الثقة مع المشاركين أمر حيوي؛ لطرح قصص صادقة ومؤثرة. أتعامل مع هذه التحديات بمرونة وشفافية في التواصل، مع التركيز على إقامة علاقات إنسانية حقيقية، تسمح للقصة بالكشف عن نفسها بشكل طبيعي، دون أن تفقد صلتها بالرؤية التي ننطلق منها.

تنتمين إلى جيل إماراتي شاب يعيش تحولات ثقافية وتقنية متسارعة.. كيف أثر هذا في أسلوبك المهني، واختيار مواضيعك؟

نشأتي في وقت ينمو بسرعة، ثقافياً وتقنياً، منحتني القدرة على التكيف، ومزج القيم التقليدية بالرؤى الحديثة؛ ونظراً لارتباط معظم المشاريع التي أعمل عليها بمؤسسات حكومية، أو تناولها مواضيع تمس المجتمع الإماراتي، فإنني أحرص، دائماً، على تقديم صورة تعكس روح الدولة وهويتها. وبصفتي إماراتية، أؤمن بأن من واجبي تمثيل بلدي بصدق ومسؤولية. هذه البيئة تلهمني البحث عن قصص تُجسد الهوية المتجددة لدولة الإمارات، وتُظهر كيف يتقاطع التراث مع الابتكار في حياة الناس اليومية.

كيف ترين واقع البيئة الإبداعية لصناعة الأفلام الوثائقية في أبوظبي، وما الذي يجعلها خصبة للمواهب الشابة؟

تشهد صناعة الأفلام الوثائقية في أبوظبي نمواً متسارعاً، بدعم واضح من المبادرات الحكومية، والمؤسسات المتخصصة، مثل: «إيمج نيشن أبوظبي»، وهيئة الإعلام الإبداعي، ولجنة أبوظبي للأفلام. كما أن أبوظبي بيئة خصبة لازدهار الفنون البصرية، فبرامج التدريب المهني بها توفر فرصاً حقيقية؛ لاكتساب خبرات عملية قيّمة للمواهب الشابة مثلي. كما أن تعاوننا مع شركاء دوليين يفتح المجال للعمل على مشاريع بمستوى عالمي، بما في ذلك مواقع تصوير أفلام من إنتاج هوليوود.

كمنتجة تنفيذية.. ما المعايير التي تعتمدينها لاختيار المشاريع التي تحمل «نبضاً خاصاً»، يستحق أن يتحول إلى فيلم وثائقي؟

أبحث عن القصص الحية، التي تحمل عمقاً إنسانياً أو ثقافياً، أو قضايا عامة تُطرح بطريقة جديدة ومؤثرة. وأفضل المشاريع التي ترتبط بهويتي الشخصية وبلدي؛ لأنها تمنحني دافعاً أكبر للإبداع والمسؤولية. إن تحويل الواقع المألوف إلى سرد بصري يلامس المشاعر يشكل تحدياً، يحفزني على الاستمرار في هذا المجال.

  • عزيزة التميمي: أبوظبي بيئة خصبة لازدهار الفنون البصرية

قدوة.. وأثر

من تجربتكِ.. كيف تطورت تجربة المرأة الإماراتية في قطاع صناعة الأفلام، خلال السنوات الأخيرة؟

شهدت تجربة المرأة الإماراتية في صناعة الأفلام الوثائقية تطوراً لافتاً، خلال السنوات الأخيرة، فقد أصبحت فضاءً يضم مجتمعاً متنامياً من راويات القصص المبدعات. كما أتابع - بفخر - مسيرة الكثيرات من الإماراتيات اللواتي شكلن قدوات لي، وللأجيال القادمة. أؤمن بأن المرأة الإماراتية قادرة على لعب دور محوري في القطاع، وأن صوتها وأعمالها تستحق أن تُسمع وتُعرض؛ ونجاحي جزء من مسيرة أكبر نبنيها معاً؛ لدعم تمكين المرأة، وتعزيز المشهد الثقافي الوطني.

هل هناك مشروع وثائقي عملتِ عليه، فكان له أثره الخاص فيكِ، ولماذا؟

نعم، كان لأحد المشاريع الوثائقية، التي شاركت فيها خلال فترة تدريبي، أثر بالغ في نفسي، وهو فيلم تناول موضوع الطفولة المبكرة، بالتعاون مع هيئة الطفولة المبكرة في أبوظبي. في ذلك الوقت، لم أكن أملك معرفة عميقة بهذا المجال، لكن مشاركتي في المشروع سلطت الضوء على الأهمية البالغة لتلك المرحلة التأسيسية، والجهود الكبيرة المبذولة خلف الكواليس لدعم الأطفال والأسر في دولة الإمارات. وأثر فيَّ - بشكل خاص - مدى الاهتمام والتفكير المتقدمين لدى المشاركين في المشروع، والعقلية التطلعية التي يعملون بها. 

ما النصيحة التي تقدمينها إلى الشابات الإماراتيات، اللواتي يتطلعن إلى دخول عالم صناعة الأفلام؟

 نصيحتي هي أن يمنحن آراءهن الثقة التي تستحق. ومن المهم وجود أشخاص داعمين، والبحث عن قدوات ملهمات، والبدء بخطوات عملية، مهما بدت بسيطة، فكل تجربة تُضيف وتُعلم. وتذكرنَ أنكنَّ لستنَّ وحدكنَّ، ففي هذا المجال هناك مجتمع من النساء الإماراتيات اللاتي يدعمن بعضهن، ويشكلن مصدر إلهام واستمرارية. وإن ثقافتنا وتجاربنا تستحق أن تروى من منظورنا، وتكمن القوة في تقديمها بصدق ووعي وإبداع.