بعدما صار الذكاء الاصطناعي واقعاً، ولم يعد موجة رقمية عابرة، بدليل الاعتماد الكبير عليه، الذي تقوم به شركات تكنولوجية عملاقة؛ لتسهيل التعاملات الإدارية، وتقديم نماذج عملية تختصر الوقت، وتنجز المهام، وتقترح الأفكار والحلول.. زاد قلق العديد من العاملين بالوظائف التفاعلية من أن تحل أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي محلهم.

وبدلاً من التقارير المتواترة عن خشية فقدان العمالة البشرية وظائفها، يبدو أن الأمر في طريقه إلى مزيد من التطور، في ظل التسارع المستمر؛ لإنتاج خدمات رقمية حاسوبية متطورة، ستغني عن المهام البشرية بشكل متواصل. وهو الأمر الذي أكده الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، الذي عبّر عن ذلك، صراحةً، خلال مقابلة له مع المؤثر الأميركي جو روغان، في البودكاست الذي استضافه به مؤخراً، حيث أوضح ماسك قناعته بأن الذكاء الاصطناعي يحل، بوتيرة متسارعة، محل العناصر البشرية خلال هذه المرحلة في الوظائف المحاسبية، مؤكداً أن معظم الشركات الكبرى استغنت عن ثلاثة أرباع الموظفين، الذين يعملون في الأقسام المحاسبية، وأن العملية ستستمر بشكل تصاعدي، خاصة في الوظائف المكتبية، التي تعتمد أساساً على العمليات الرقمية.

  • مجدداً.. إيلون ماسك يثير الذعر: الذكاء الاصطناعي سيقضي على الوظائف المكتبية

وفي الوقت، الذي أثار فيه إيلون ماسك الذعر بخصوص أصحاب الوظائف المكتبية، كالمحاسبين والصحافيين والمدرسين، بيّن أنه يرى أن أصحاب المهن، التي تتطلب جهداً بدنياً، وتحتاج إلى التفاعل البشري من المرجح أن تبقى قائمة.

وأوضح قائلاً: «أي عمل يحرك الذرات مادياً، مثل: طهي الطعام أو الزراعة، أو أي عمل مادي، مثل هذه الوظائف ستبقى قائمة لفترة أطول بكثير، لكن أي عمل رقمي، أي مجرد شخص يعمل على جهاز كمبيوتر، فسيستولي الذكاء الاصطناعي على هذه الوظائف بسرعة البرق، وبصورة أكثر مما يتخيل البعض».

لكنَّ كثيرين من العاملين بشركات تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، لا يزالون يرون أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تحل فعلاً محل بعض المهام المكتبية، لكنها لن تحل مكان البشر بشكل كامل، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة المهام الروتينية، مثل: معالجة البيانات، وتحليلها، لكنه لا يزال بحاجة إلى الإشراف البشري؛ لاتخاذ القرارات المعقدة، والتعامل مع المواقف غير المتوقعة، خاصة في المرحلة الحالية.

وكان داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة «أنثروبيك»، إحدى أكبر الشركات الأميركية العملاقة العاملة بتطوير أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، قد توقّع أن تنتهي نصف الوظائف المكتبية خلال خمس سنوات، ويرى أنه بحلول عام 2030 سيكون الذكاء الاصطناعي قد حل مكان الموظفين، الذين يعملون في الوظائف المكتبية، التي تحتاج إلى مراجعات حسابية ومعلوماتية، لكن الوظائف الأعلى ستبقى موجودة لفترة أخرى، تعتمد على مدى إمكانية نجاح حلول الذكاء الاصطناعي مكان العنصر البشري التفاعلي.