الإرهاق المهني نتاج أخطاء خفية، تستنزف طاقتكِ دون أن تشعري. نعم، ترغبين بالنجاح، وأن تكوني حاضرة لعائلتكِ، ومواكبة لحياتكِ الاجتماعية، ومهتمة بنفسك في الوقت نفسه، والنتيجة أن يصبح الإرهاق جزءاً شائعاً من يومياتكِ.

هذا التقدّم جاء بثمن واضح: الحدود بين العمل والحياة الشخصية أصبحت أكثر ضبابية من أي وقت مضى، ومعها ارتفعت مشاعر الضغط والتشتت وعدم القدرة على «إيقاف» الدماغ، ولو لساعة واحدة.

  • أخطاء يجب تجنّبها.. إذا كنتِ ترغبين في الوقاية من الإرهاق المهني

تقارير الصحة النفسية، في السنوات الأخيرة، تشير إلى ارتفاع كبير في مستويات التوتر، مع نسب لافتة لأشخاص اضطرّوا لأخذ إجازات بسبب الإجهاد. والنساء تحديداً يدفعن الثمن الأكبر؛ فالرغبة في تحقيق كل شيء، في الوقت نفسه، تجعل الكثيرات يعملن بطاقة تفوق قدرتهن الطبيعية.

الوقاية ممكنة، والإرهاق ليس قَدَراً حتمياً. كل ما تحتاجينه هو أن تلاحظي الأخطاء اليومية الصغيرة، التي تُراكم التعب، وتصحيحها قبل أن تتحول إلى إرهاق مهني كامل. وهذه أبرزها:

- التفريط في الوقت المخصص لصحتك النفسية:

أول الأخطاء هو التفريط في الوقت المخصص لصحتك النفسية. فالركض وراء القوائم الطويلة يجعل الكثيرات يتجاهلن أبسط الروتينات، التي تحافظ على هدوئهن. دقائق قليلة، يومياً، يمكن أن تغيّر الكثير، سواء كانت تمريناً تنفسياً، أو نزهة قصيرة، أو لحظات صمت تعيد تنظيم مشاعركِ. وتجاهل هذه المساحة يجعل الضغط يتراكم ببطء؛ حتى يصبح أثقل مما يمكن احتماله.

- توزيع نفسكِ على مشاريع كثيرة في الوقت نفسه:

الخطأ الثاني هو توزيع نفسكِ على مشاريع كثيرة في الوقت نفسه. صحيح أن المرأة قادرة على إنجاز مهام متعددة، لكن، هذا لا يعني أن ذلك مفيد دائماً. تعدد الالتزامات، من العمل الأساسي، والمهام المنزلية، وربما مشروع جانبي أو التزامات اجتماعية، يشتت الانتباه، ويستنزف التركيز. والنتيجة تكون أقل جودة، وأقل رضا، رغم الجهد الكبير المبذول. والتركيز على مهمة واحدة في الوقت المناسب يُعدّ خطوة بسيطة لكنها فعّالة جداً في تقليل التوتر.

- استبدال الحركة بساعات أطول أمام الشاشة:

أما الخطأ الثالث، فهو استبعاد الحركة من يومكِ، واستبدالها بمزيد من الجلوس أمام الشاشات. ممارسة الرياضة ليست مجرد تحسين للمظهر، بل عنصر أساسي لصحتكِ النفسية. والسير لعشر دقائق، أو بعض التمددات اليومية، كفيل بتحسين مزاجكِ، وتقليل التوتر. حين يصبح العمل أهم من تحريك جسدكِ، يبدأ التوازن بالاختلال.

  • أخطاء يجب تجنّبها.. إذا كنتِ ترغبين في الوقاية من الإرهاق المهني

- إتاحة نفسكِ للعمل طوال الوقت:

يأتي بعد ذلك خطأ شائع آخر: إتاحة نفسكِ للعمل طوال الوقت. التكنولوجيا قرّبت المسافات، لكنها أيضاً سرقت منا فترات الراحة الحقيقية. من رسالة ليلية من المدير، وبريد إلكتروني مبكر من عميل، وإشعار خلال عطلة.. كلها تضغط عليكِ، وتُشعركِ بأن عليكِ الرد فوراً. والحقيقة أنكِ لست مضطرة لأن تكوني متاحة 24 ساعة. فوضع حدود واضحة بين «وقت العمل» و«الوقت الخاص» ضروري لصحتك النفسية.

- السماح للعمل بالتسلل إلى ساعات نومك:

الخطأ الخامس يتعلق بالنوم، أقوى أدواتكِ لمحاربة الإرهاق. كثيرات يؤجلن النوم لإنهاء المهام، أو «الاستعداد لليوم التالي». لكن حرمان جسدكِ من النوم ينعكس مباشرة على التركيز، والمزاج، والقدرة على التعامل مع المشاعر. النوم ليس رفاهية، بل ضرورة، وأي تنازل عنه يفتح الباب سريعاً أمام الإنهاك.

- تحويل أوقات الراحة إلى «عمل مقنّع»:

الراحة ليست وقتاً ضائعاً، بل استثمار حقيقي في قدرتكِ على الاستمرار. سواء اخترتِ مشاهدة برنامج تحبينه، أو قراءة كتاب، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو مجرد الجلوس بلا هدف، فإن هذه اللحظات تمنح عقلكِ فرصة للتعافي. وكثيرات يشعرن بالذنب حين لا ينجزن شيئاً، لكن الحقيقة أن التوقف جزء أساسي من الإنتاجية.