رئيسة التحرير: نسرين فاخر / مديرة التحرير: لبنى النعيمي

أبدعت الفنانة الإماراتية، عزة القبيسي، في صياغة لغة فنية، تنبض بالأصالة، وتفتح نافذة على المشهد الفني الدولي. فمن المجوهرات إلى الأعمال النحتية والتركيبية، ومن رموز التراث كالبرقع، إلى المواد المحلية كالنخيل والغاف والرمال، جعلت الفنانة الإماراتية من كلِّ قطعةٍ حكايةً تُنسج بين الإنسان، والمكان. وقد تجاوزت أعمالها حدود المشاهدة؛ فأصبحت تجارب حسية وتفاعلية، يشارك فيها الجمهور؛ ليكون شريكاً في الإبداع. ومن أبوظبي إلى برلين، حملت أعمالها رؤية وطنية صادقة، تؤكد قدرة الفن الإماراتي على الجمع بين الجذور والابتكار، وبين الخصوصية المحلية والتأثير العالمي.. في حوارها مع «زهرة الخليج»، نغوص في مسيرة عزة القبيسي الفنية، والتحديات التي واجهتها، وكيف تجسد أعمالها قصة المرأة الإماراتية، وروح الاتحاد التي تشكّل نبض الوطن:

  • عباية وشيلة، من علامة «Carbon».

في مستهل حديثنا.. نود أن نأخذ جولة سريعة داخل عوالمك الإبداعية المتنوعة!

بدأت رحلتي الفنية من بوابة تصميم المجوهرات، تلك المساحة الدقيقة، التي سمحت لي بالتعبير عن رؤيتي، وهويتي، من خلال تفاصيل صغيرة تحمل روحاً خاصة. ومع اتساع خيالي الفني، انتقلت - تدريجياً - من عالم القطع الصغيرة إلى الأعمال النحتية، والقطع الفنية الكبرى، مستكشفة خامات جديدة، وأبعاداً مختلفة للابتكار. ولم يقتصر شغفي على التصميم الفردي، بل امتد إلى تأسيس خط إنتاج للهدايا والتصاميم المحلية، من الدروع إلى المنتجات التي تعكس هوية الإمارات، وتُجسد ثقافة المكان. كما اهتممت بإحياء الحرف التقليدية، وإعادة صياغتها في قالب معاصر، لأصنع توازناً متناغماً بين أصالة الحرفة، والفن الحديث. وعلى مدى 14 عاماً، كانت المبادرات المجتمعية جزءاً أصيلاً من مسيرتي، خاصة في «الأعمال الفنية التفاعلية»، التي تمنح المجتمع، سواء طلاب الجامعات والمدارس، أو الجهات الرسمية، أو فئات المجتمع كافة، فرصة التفاعل المباشر مع النخلة وجريدها؛ لصناعة قطع ولوحات فنية، تُعيد ربط الناس بالطبيعة والذكريات، وتجعل الفن تجربة حية يشارك فيها الجميع.

فهم متجذر للأرض

تتجلى في أعمالك الفنية علاقة عميقة بالبيئة المحلية.. ما الجذور الأولى لهذا الارتباط؟

منذ سنوات الدراسة الأولى، كان تأثير الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حاضراً في داخلي بعمق استثنائي. فكنت أراه، طيب الله ثراه، في الكتب المدرسية والمجلات، جالساً على الكثبان الرملية، يرسم خطوطاً بيده على الرمل، ويسقي النخيل، ويتعامل مع الطبيعة بعلاقة صادقة، تنبع من فهم متجذر للأرض والبيئة. لم تكن هذه المشاهد صوراً عابرة، بل كانت دروساً بصرية شكلت بدايات فهمي للهوية والانتماء. ومقولته الخالدة: «من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر، ولا مستقبل» مرجعي الدائم في عملي الفني لاختيار المواد المحلية، وإعادة قراءة الرموز التقليدية، والسعي المستمر إلى صياغة علاقة حديثة بالموروث دون التفريط في جذوره.

  • عباية وشيلة، من علامة «Carbon».

كيف ساهمت تجربتك الأكاديمية بالخارج في تعميق فهمك للهوية الوطنية؟

بدايةً، أعرب عن بالغ امتناني لأسرتي؛ لدعمها لي خلال رحلتي في العمل الفني، معنوياً ومادياً؛ وإكمال دراستي بالخارج، في المجال الذي أحببته منذ الصغر. كانت دراستي في الخارج محطة فارقة، كشفت لي قيمة التفاصيل، التي كنت أظنها عادية، مثل: الكثبان المتغيرة بفعل الرياح، وملمس جريد النخل الدافئ، ورائحة البحر عند الغروب، والإيقاع الهادئ للحياة اليومية الإماراتية. هذه المسافة أحدثت بداخلي شوقاً للهوية، دفعني إلى البحث عنها في كل مشروع وفكرة. تلك التجربة الأكاديمية منحتني الأدوات، لكن العودة إلى الذات منحتني المعنى، وهو ما أحرص على تجسيده في كل قطعة أصنعها؛ لتبقى جزءاً من قصة الثقافة الإماراتية المتجددة.

باعتبارك من الرائدات الإماراتيات في تصميم المجوهرات.. ما الشعور الذي انتابك حين مثّلت الإمارات في المحافل العالمية؟

 تمثيل الإمارات عالمياً لم يكن مجرد مشاركة في معرض، أو عرض مجموعة جديدة، فهو شعور عميق بالمسؤولية والامتنان. كنت أدرك أنني لا أمثل نفسي فحسب، بل أقدّم صورة عن المرأة الإماراتية، وعن الإبداع المحلي المتجذّر في الأرض والهوية. في بداياتي، لم يكن حضور المصممين الإماراتيين واسعاً على الساحة الدولية؛ لذا شعرت بأن كل خطوة لي في هذا المجال كانت بمثابة باب جديد يُفتح لنا في هذه الصناعة.

  • عباية وشيلة، من علامة «Carbon».

حولت مزرعتك إلى منبع إلهام لأعمالك.. حدثينا عن هذه الرحلة!

تحويل المزرعة، والمساحات الخارجية، إلى مصدر إلهام لم يكن قراراً لحظياً، بل نتيجة علاقة متجذّرة مع النخلة، والبيئة. ولأن النخلة لا تُسقط جريدها تلقائياً؛ كان تنظيف الجريد في كل موسم - بالنسبة لي - لحظة تأمل، أرى فيها خامة تنتظر حياة جديدة؛ لتروي قصة أخرى. كنت أراقب الجريد بعد التنظيف: خطوطه، وانحناءاته، وملمسه، وكيف يحمل بصمته الخاصة، كأنه قطعة فنية جاهزة؛ فتساءلت: كيف يمكن لهذه الخامة الإماراتية الأصيلة أن تصبح قطعة فنية معاصرة، دون أن تفقد صدقها، وروحها الأولى؟.. ومن هنا انطلقت رحلة «الأثاث الفني المستدام»، من قصّ، وتنظيف، وترتيب، وتجريب.. في محاولات مستمرة لإيجاد توازن بين الطبيعة والوظيفة، وبين المادة الخام والراحة الإنسانية. لقد أصبحت المزرعة أكثر من مكان؛ فقد صارت مختبراً حيّاً، تتجدد فيه الأفكار، كما تتجدد النخلة كلَّ موسم.

قوة هادئة

جسدتِ البرقع في قطع مجوهرات عدة؛ تكريماً لجدتك.. كيف ترين حضور هذا الرمز بين الماضي والحاضر في أعمالك؟

حين قررت تجسيد البرقع في أعمالي، كنت أستدعي صورة جدتي كما عرفتها: امرأة قوية، حكيمة، تحمل حضوراً يفرض الاحترام بهدوء وثقة. كنت أشعر، دائماً، بأن البرقع أقرب رمز يجسّد هذه القوة الهادئة، التي تربيت في ظلها؛ فله أشكال عدة؛ تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن أسرة إلى أخرى، ويحمل طبقات من المعاني الاجتماعية والإنسانية. والكثيرون لا يعرفون أنه كانت تلبسه المرأة المتزوجة تحديداً، وهو تفصيل بسيط لكنه يعكس مكانته ودوره في التعبير عن مرحلة ما في حياة الإماراتية. وحين أقدمه في صيغة مجوهرات معاصرة، لا أستنسخ الماضي، بل أفتح له مساحة جديدة؛ ليعيش في الحاضر. وأحاول أن أظهر كيف يمكن لقطعة كانت تُرتدى يومياً أن تتحول إلى رمز فني، يعبّر عن القوة والستر والجمال، وتصل إلى الجيل الجديد بلغة حديثة، دون أن تفقد صدقها أو جذورها. الماضي ليس شيئاً نتركه وراءنا، بل أساس نصنع منه حاضرنا. فالتراث في أعمالي ليس إطاراً ثابتاً، بل كيان حي يتحرك ويتحوّل ويجدّد نفسه، تماماً كما فعل البرقع حين انتقل من ذاكرة جدتي إلى قطعة فنية، تحمل قصتها إلى العالم.

  • عباية من «Lime»، بلوزة من «Other Stories &»، وتنورة من «Cos» وحذاء من Jacquemus.

«بريق العود»، و«دموع الملائكة».. ما الذي تأملين أن يشعر به الجمهور عند التفاعل مع هاتين المجموعتين؟

كل مجموعة من أعمالي تمثل رحلة حية، تحمل قصة وهوية. ومجموعة «بريق العود» كانت تجربتي الأولى، التي دمجت فيها العود الطبيعي مع المعادن، لصنع قطع تمثل العلاقة بين العادات والذاكرة والهوية الإماراتية، بحيث يشعر المشاهد بأنه أمام قطعة تنبض بالحياة والتاريخ. أما «دموع الملائكة»، فهي توثيق لتاريخ الغواصين الإماراتيين في رحلة البحث عن اللؤلؤ. أريد أن يشعر الجيل الحالي بالصمود والشجاعة، اللذين تحلى بهما الغواصون، ويدرك أن حياتنا اليوم بنيت على تضحياتهم. وتتخذ القطع، هنا، شكل قطرات معدنية تشبه الدموع، وهي ليست دموع ضعف، بل دموع فخر وصلابة. كما أتمنى أن يشعر المشاهد بالانتماء والفخر، وأن يختبر الفن كحكاية حية تجمع بين: التاريخ، والهوية، والروح الإنسانية، بطريقة تصل القلب قبل العين.

هل للتكنولوجيا دور واضح في أعمالك الإبداعية؟

نعم، فرغم أن جذوري في العمل ترتكز على المواد الطبيعية، والحرف التقليدية الإماراتية، إلا أنني - خلال السنوات الأخيرة - دخلتُ عالم الديجيتال، وبدأت استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة توسّع الفكرة، ولا تستبدل الجوهر. وقد طوّرت عملاً فنياً بتقنيات رقمية، خلال وجودي في «ريالتي هاوس» بمنطقة الشندغة في دبي، حيث قمت بإنتاج مقطع فيديو يعتمد على التجريب البصري، والتقنيات الحديثة، في قراءة الحركة والضوء. إن تجربتي الفنية - عبر ما يقارب العقدين من الزمن - غطّت معظم المسارات الفنية، بدءاً من الحرف اليدوية، والمجوهرات، والنحت، والأعمال التركيبية، وصولاً إلى الفن الرقمي المعاصر. ومع ذلك، تبقى أعمالي متصلة بالهوية الإماراتية وبالطبيعة، حتى عندما أستخدم التكنولوجيا، فهي - بالنسبة لي - أداة إضافية، وليست بديلاً عن روح العمل.

عرضتِ أعمالك في عواصم عدة.. هل تختلف ردود فعل الجمهور بحسب المكان؟

لقد عرضت أعمالي في عواصم مختلفة، منها: أبوظبي، ولندن، وبرلين، وميلانو، وكانت ردود الفعل تختلف بشكل واضح من بلد إلى آخر، بسبب الخلفية الثقافية، والمرجعية البصرية. ففي أبوظبي، ودول الخليج، يرتبط المشاهد مباشرة بالرموز التي أستخدمها: (النخلة، والصحراء، والغافة، والبرقع، والخامات الطبيعية، والخط، والقيم)؛ فيشعر المشاهد بأنها امتداد لذاكرة ورثها أو عاشها، فتكون الأسئلة أكثر قرباً وعاطفةً، وأحياناً ممتلئة بذكريات شخصية يشاركني إياها بعد رؤية العمل. أما في لندن وبرلين، فالتفاعل يأتي من زاوية الأسلوب والفكرة المفاهيمية؛ حيث يبحث الجمهور عن الحوار بين الحداثة والتراث، وينجذب إلى دمج المواد غير التقليدية، مثل: جريد النخل والمعادن المستعادة بطريقة معاصرة. وفي ميلانو، خاصةً مع الطابع التصميمي للمدينة، يركز الجمهور على الحرفة، وكيفية تطويع الخامات التقليدية لقوالب حديثة، كما يقدّر التفاصيل الدقيقة بوعي عالٍ. هذه التباينات لا تغيّر اتجاه عملي، لكنها توسّع رؤيتي، وتمنحني مساحات جديدة للفهم؛ فأتعلم كيف يُقرأ الرمز خارج بيئته، وكيف تتحول المادة المحلية إلى لغة عالمية، ما يعزز قناعتي بأن القصة الصادقة ستصل؛ مهما تعددت الخلفيات الثقافية.

  • عباية من «Chi-Ka»، وشيلة من منال الحمادي.

نلت جوائز عدة.. حدثينا عن أثرها في رؤيتك الفنية، ودورك كمصممة إماراتية على الصعيد العالمي؟

الجوائز لم تكن هدفاً بقدر ما كانت محطات تؤكد أن المسار الذي اخترته، رغم صعوبته، كان يستحق الإصرار. فمثلاً، جائزة «Young Creative Entrepreneur» منحتني فرصة تمثيل الإمارات في سياق عالمي، وفتحت أمامي حواراً مع مصممين وفنانين من ثقافات مختلفة. أما جائزة «المرأة الإماراتية»، فكان لها أثر مختلف؛ لأنها مثّلت تقديراً لمسيرة طويلة، بذلت فيها جهداً ليس فقط في عملي الشخصي، بل أيضاً في دعم الحِرَفيات، وتمكين المصممين الشباب، وبناء جسور بين المجتمع والفن. إن الجوائز تحملني مسؤولية أكبر تجاه المشهد الفني المحلي، وتمثيله عالمياً دون فقدان جوهره.

الإبداع ممارسة يومية

كزوجة، وأم لـ4 فتيات.. ما القيم التي تحرصين على نقلها إلى بناتك، وهل تشكل تجربتك المهنية مصدر إلهام لهنَّ؟

أحرص على غرس قيم: الاجتهاد، والصدق في العمل، وأن الإبداع ممارسة يومية تتراكم عبر التجارب. كما أشجع بناتي على التجريب، والاعتماد على أنفسهن؛ لأن الفشل جزء طبيعي من النضج، وهو السبيل المثلى لاكتشاف القدرة الحقيقية. كذلك، وجود زوجي في المجال نفسه أعطاهن صورة واضحة عن معنى العمل المشترك، والأسرة الداعمة، وذلك حين أتناقش أنا وزوجي، ونخطط، ونتحدى الصعاب، ونكمل بعضنا مهنياً وشخصياً. لذلك، أرى أن مسيرتي العملية، وحضوري الفني، أصبحا مصدر إلهام واقعياً لبناتي، يُظهر لهنَّ كيف يمكن للمرأة أن توازن بين العائلة والإبداع، وأن تجعل من الثقافة والهوية والعمل مشروع حياة متكاملاً.

في مجتمع سريع التغير.. كيف تربين جيلًا يقدّر التراث والثقافة المحلية، دون أن يفقد ارتباطه بالحداثة، والعالمية؟

إن تربية جيل يقدّر تراثه لا تعتمد على فرض المعرفة، بل على العيش داخل التجربة نفسها. إنني أعرّف بناتي بالرموز المحلية، من خلال الممارسات اليومية، ومنها: لمس المواد، وزيارة المواقع التراثية، والاطلاع على الحِرف، والاستماع إلى قصص المكان. بهذه الطريقة، يصبح التراث تجربة محسوسة، وليس مجرد معلومة نظرية. وفي الوقت نفسه، أترك لهنَّ مساحة للتفاعل مع العالم، من خلال: التعليم، والفنون المعاصرة، والتقنية. كما أن وجود جدتهن في المنزل يلعب دوراً أساسياً، فهو يمنحهنَّ ارتباطاً حيّاً باللغة العربية، والعادات، وتفاصيل الحياة اليومية، التي قد تضيع مع سرعة التطور. هذا الامتداد بين الأجيال يجعل التواصل الثقافي أكثر عمقاً واستمراريةً، ويمنح بناتي جذوراً ثابتة، تساعدهن في التحليق بثقة نحو العالم. وهدفي يكمن في أن أربي جيلًا يرى في هويته مصدر قوة، ويواكب - في الوقت نفسه - العالم، دون أن يفقد أصالته.

من منظورك.. كيف ترين دور المرأة الإماراتية في صناعة الفارق داخل المجتمع؟

المرأة الإماراتية، اليوم، ليست مجرد جزء من مسيرة التطور، فهي - في كثير من الأحيان - قلبه، وروحه. ودورها أصبح واضحاً في جميع المجالات، ومنها: الفن، والتعليم، والإدارة، والاقتصاد، والابتكار، كما أنها تتحرك بثقة، مدعومةً برؤية قيادتنا، التي آمنت بقدرتها منذ البداية. إن قوة الإماراتية تنبع من البيئة التي تربّت فيها؛ فهي بيئة تحترم العمل، وتقدّر المسؤولية، وتمنح مساحة للإنجاز، وكل هذا منحها القدرة على الموازنة بين دورها أسرياً، ومجتمعياً.

  • عباية من «Chi-Ka»، بلوزة من «Other Stories &»، وشيلة من «NAF Design».

مساحة للتجربة.. والمشاركة

كيف تتجسّد القيم الإنسانية في المشاريع الفنية، وما المبادرة التي شعرتِ بأنها تركت أثراً حقيقياً؟

 القيم الإنسانية تتجسّد؛ عندما يصبح الفن مساحة للتجربة والمشاركة، وليس مجرد مشاهدة. وقد كانت «ورشة جريد النخيل التفاعلية» مثالاً واضحاً على ذلك، حيث يشارك الناس في صناعة القطعة، ولمس المادة، فيشعرون بأن الفن قريب منهم. وأكثر ما أكد لي أثر هذا المشروع كان، مؤخراً، في «آرت أبوظبي»، حين تحدث زائر بحماسة عن ورشة قدمتها قبل ثماني سنوات إلى أصحاب الهمم، مستذكراً شعوره كجزء من العمل، وكيف بقيت لمسة بسيطة بجريد النخل في ذاكرته طوال هذه السنوات. هذه اللحظة أثبتت أن قيمة المشروع لا تُقاس بحجمه، بل بعمق أثره في الناس.

ما المشاريع الحالية، التي تعملين على تنفيذها؟

 أقرب المشاريع إلى قلبي اليوم هو بناء منزلي، ويتوقع اكتماله بداية عام 2026. هذا المنزل ليس مجرد مساحة للعيش، بل منصة لحوار مفتوح مع المجتمع؛ لتعريف الزوار بمقتنياتي الفنية الإماراتية، وتجربتي الشخصية، وإقامة لقاءات وحوارات مع الفنانين، ليصبح امتداداً طبيعياً لمساري الفني. على صعيد المشاريع الفنية، أعمل على إعادة تجهيز أحد أهم أعمالي، الذي عرض في مهرجان «تنوير» بمليحة. كما أستعد لإقامة معرض فردي في «غاليري ليلى هيلاري»، في «السركال أفنيو»؛ لتقديم مرحلة جديدة من أعمالي، ورؤيتي. ولا تزال لديَّ أحلام كبيرة لأعمال عامة، وتجارب مجتمعية، ومساحات فنية تتقاطع فيها القصص الإنسانية مع المواد المحلية، أتقدم فيها خطوةً بخطوةٍ.. بثبات، ووضوح!

في عيد الاتحاد الـ54.. كيف توظّفين فنّك؛ للتعبير عن القيم الوطنية، والمعاني الإنسانية المرتبطة بهذه المناسبة؟

أرى، في هذه المناسبة، لحظةَ تأملٍ وطنيةً وإنسانيةً في الوقت نفسه؛ فهي فرصة لتذكر أن كل إنجاز تحقق في دولتنا لم يكن مجرد بناء مؤسسات، أو مشاريع، بل بناء الإنسان والقيم والهوية؛ ما يمنحنا القدرة على الاستمرار، والإبداع. ومن خلال أعمالي الفنية، وتجربتي الشخصية، أحاول نقل هذه المعاني: الاعتزاز بالهوية، والانتماء العميق إلى الأرض، واحترام الجذور، مع الانفتاح على الحداثة والعالمية. وأيضاً، عيد الاتحاد - بالنسبة لي - تذكير بالمسؤولية تجاه المستقبل، ولحظة لأشارك الأجيال القادمة قصة وطنها، بأسلوب يجمع بين الفن والمعرفة، وبين التجربة الشخصية والرؤية الوطنية؛ لتصبح الإمارات أرض الفرص.. والإبداع المستمر.. والحلم المفتوح للجميع!