خرج حفل الفنانة أنغام في «أوبرا دبي»، عن كونه أمسية غنائية ناجحة، ليتحوّل إلى لحظة تلاقت فيها الموسيقى مع الموضة، والنجومية مع الحرفية، في مشهد يؤكد أن الأناقة الحقيقية لا تصرخ، بل تهمس بثقة. في كل مرة تصعد فيها أنغام إلى المسرح، لا يكون الحفل مجرد لقاء غنائي، بل تجربة متكاملة تتقاطع فيها الموسيقى مع الصورة، والصوت مع التفاصيل البصرية الدقيقة.

  • أنغام ولوبيز بالفستان نفسه.. من توقيع زهير مراد

وبحفلها الأخير في «أوبرا دبي»، بدا واضحًا أن النجمة المصرية لا تتعامل مع الإطلالة؛ بوصفها عنصرًا ثانويًا، بل كجزء من السرد الفني، الذي تقدمه لجمهورها. واختيارها فستانًا من توقيع المصمم اللبناني العالمي زهير مراد لم يكن قرارًا عابرًا، بل خطوة محسوبة، تعكس فهمًا عميقًا لقوة الموضة كلغة قائمة بذاتها.

منذ اللحظة الأولى، خطف الفستان الأنظار قبل أن تنطلق أول نغمة. بقَصة ملكية مدروسة، تجمع بين الفخامة الكلاسيكية، واللمسة المسرحية التي تتلاءم مع فضاء «الأوبرا». الخرز المتقن والسلاسل اللامعة لم تكن مجرد زينة، بل عناصر تصميمية تتحرك مع الإضاءة والحركة، فتصنع حالة بصرية متغيرة، تواكب تنقّل أنغام على المسرح، وتفاعلها مع الجمهور. الذيل الطويل المنسدل من الجوانب أضفى حضورًا مهيبًا، فيما جاءت اللمسات المخملية؛ لتمنح التصميم عمقًا وأناقة غير صاخبة.

الظهر المكشوف، والسلاسل الرفيعة عند العنق، حملا توقيع زهير مراد الواضح، حيث يعرف المصمم كيف يوازن بين الجرأة والرقي، من دون أن يطغى أحدهما على الآخر. أما تطريز الخصر، فجاء كعنصر ذكي يبرز القوام، ويمنح الفستان بنية هندسية ناعمة، تليق بفنانة عُرفت، دائمًا، بذوقها المتزن، وشخصيتها الفنية الواثقة.

اختيار أنغام للمجوهرات كان امتدادًا للفلسفة نفسها، وهي: قرط وخاتم فاخران، بلا مبالغة أو ازدحام. هنا، تركت النجمة للفستان أن يتحدث، ولصوتها أن يقود المشهد. ومكياجها جاء هادئًا، أقرب إلى إبراز الملامح لا تغييرها، ما عزز الانطباع العام لإطلالة ناضجة، واثقة، تعرف تمامًا ما تريد قوله من دون صخب.

  • أنغام ولوبيز بالفستان نفسه.. من توقيع زهير مراد

اللافت في هذه الإطلالة أنها أعادت إلى الواجهة فستانًا، سبق أن ارتدته جينيفر لوبيز، بحفل «Governor Awards 2024» في لوس أنجلوس، لكن المقارنة، هنا، لا تقوم على من بدت أجمل، بل على كيفية إعادة تفسير التصميم نفسه عبر شخصيتين فنيتين مختلفتين.

لوبيز اختارت النسخة الأكثر جرأة، مع فتحة صدر عميقة على شكل حرف (V)، وسلاسل خرز مستوحاة من روح الألفية، ما منح الفستان طابعًا عصريًا واضحًا، ينسجم مع صورتها العالمية الجريئة. في المقابل، قدّمت أنغام قراءة أكثر هدوءًا ورصانة، أقرب إلى روح الأوبرا والمسرح الكلاسيكي، كأن الفستان نفسه امتلك شخصيتين، تبعًا لمن ترتديه.

هذا التلاقي بين نجمة عربية بحجم أنغام، وأيقونة عالمية مثل جينيفر لوبيز على تصميم واحد، يعكس مكانة زهير مراد كاسم قادر على عبور الثقافات، والمنصات. فتصاميمه لا تنتمي إلى جغرافيا محددة، بل إلى لغة عالمية، تفهمها السجادة الحمراء في لوس أنجلوس، كما يفهمها جمهور «أوبرا دبي». وفي حالة أنغام، تبدو العلاقة مع المصمم اللبناني أعمق من مجرد تعاون متكرر؛ إنها شراكة فنية قائمة على الثقة المتبادلة، وفهم الهوية.

أنغام، التي لطالما اختارت زهير مراد في محطات مفصلية من مسيرتها، تؤكد مرة أخرى أن الأناقة، بالنسبة لها، ليست سباقًا مع الموضة، بل حوار معها. فهي لا تلهث خلف الصيحات العابرة، بل تنتقي ما يتناغم مع مرحلتها الفنية، ونضجها الشخصي، ما جعل إطلالتها في «أوبرا دبي»، تبدو طبيعية وغير متكلفة، رغم كل هذا البذخ المدروس.

  • أنغام ولوبيز بالفستان نفسه.. من توقيع زهير مراد

وتألقت أنغام في أمسية موسيقية، جمعت بين كلاسيكيات محبوبة عبر أجيال مختلفة. وكفنانة مصرية، تُعد من الأكثر مبيعًا على الإطلاق، وشخصية محورية في عالم الموسيقى العربية لأكثر من ثلاثة عقود. ومنذ انطلاقتها عام 1987، تركت بصمة لا تُمحى بصوتها القوي، وتفاصيل أدائها الدقيقة، وأدائها المفعم بالمشاعر.

تضمن حفلها كلاسيكيات محبوبة، مثل: «ونفضل نرقص»، و«يا ريتك فهمني»، و«سيدي وصالك»، و«أسامي كتيرة»، و«مطمئنة»، إلى جانب أغانٍ مفضلة لدى الجمهور، مثل: «هو إنت مين»، و«عمري معاك»، و«هالة خاصة جدًا»، وجميعها حققت ملايين الاستماعات. كانت الأمسية فرصة استثنائية للاستمتاع، بصوت من أثمن الأصوات في العالم العربي، حيث قدّم الحفل مزيجًا فريدًا من الموسيقى، والتراث الفني.