من خلال متابعة مشهد الموضة اليوم، نلاحظ أن مايلي سايرس لا تعود إلى «هانا مونتانا»، بقدر ما تعيد تعريفها؛ فالنجمة التي أمضت سنوات طويلة في محاولة كسر صورتها «كطفلة ديزني»، تبدو اليوم أكثر تصالحاً مع ماضيها، وأكثر قدرة على توظيفه لصالحها.

في ظهورها الأخير، تطل مايلي بشعر أشقر كثيف، ولمعان معدني لافت، ولمسات «بوب» جريئة، تذكّر بجيل كامل نشأ على شخصية «هانا مونتانا»؛ ذلك المسلسل، الذي عُرض عام 2006، وركز على حياة الفتاة «مايلي ستيوارت»، التي تعيش حياة مزدوجة طالبةً نهاراً، ومغنية مشهورة ليلاً. وتطل مايلي، اليوم، بروح ناضجة وواثقة، بعيدة تماماً عن البراءة المصنّعة، التي رافقت تلك المرحلة.

  • مايلي سايرس تُعيد إحياء أسلوب «هانا مونتانا» في الموضة

هذه العودة البصرية لا تحمل طابعاً تراجعياً أو حنيناً سطحياً، بل تبدو خطوة مدروسة بدقة؛ فمايلي لا «ترتدي» «هانا مونتانا» كما كانت، بل كما تريدها اليوم: امرأة ناضجة تملك قصتها، وتتحكم في صورتها. والفرق، هنا، أن اللمعان لم يعد تجارياً، والشعر الأشقر لم يعد مجرد جزء من زيّ مفروض، بل أصبح عنصراً واعياً في سردية شخصية، اختارت إعادة كتابة تاريخها بنفسها.

حين تتحول الذاكرة إلى قوة:

نادرًا ما تنجح نجمة في استعادة مرحلة سابقة من مسيرتها، دون أن تبدو عالقة فيها، لكن مايلي تكسر هذه القاعدة؛ فهي تستعير الرموز البصرية لـ«هانا مونتانا»، من فساتين قصيرة لامعة، وقصّات جريئة، وتضعها في سياق «الموضة الراقية» (Haute Couture)، ودور الأزياء التي تحمل فكرة ورسالة.

هنا، تتحول «النوستالجيا» من مجرد حنين إلى أداة قوة؛ إذ تخاطب مايلي جيلاً كبر معها وهو يرى في الشخصية جزءاً من طفولته، وفي الوقت نفسه تخاطب عالم الموضة بلغة جديدة، تقول: «يمكن للماضي أن يكون أنيقاً، وللذاكرة أن تصبح مادة فنية».

  • مايلي سايرس تُعيد إحياء أسلوب «هانا مونتانا» في الموضة

شراكة الموضة الرفيعة.. «مارجييلا» وغاليانو:

يلعب المصمم جون غاليانو، ودار «Maison Margiela»، دوراً محورياً في هذا التحول. فإطلالتها الشهيرة المزدانة بالدبابيس في حفل «غرامي» لم تكن مجرد اختيار جريء، بل لحظة رمزية؛ فدار «مارجييلا» معروفة بتفكيك المألوف، وإعادة تركيبه، وهذا بالضبط ما تفعله مايلي بصورتها.

الدبابيس، التي أمسكت الفستان، حملت دلالة أعمق: امرأة تجمع شتات مراحلها المختلفة، من طفلة تحت الأضواء إلى فنانة ناضجة. ومع الحس المسرحي لغاليانو، تحوّل بريق «هانا» من مظهر ترفيهي، إلى تعبير فني مدروس بعيد عن الابتذال.

موضة بلا حقوق.. ولكن بإحساس:

رغم أن مايلي لا تملك الحقوق الفكرية لشخصية «هانا مونتانا»، إلا أنها تملك «إحساسها»؛ فهي لا تعيد إحياء الشخصية، رسمياً، بل تستعير أجواءها، ولغتها البصرية، وهو استثمار ذكي في الذاكرة الجماعية لجيل الألفية، وجيل (Z). إنها تذكير بأن الهوية لا تُختزل في ملكية فكرية، بل في التجربة والصدق مع الذات.

  • مايلي سايرس تُعيد إحياء أسلوب «هانا مونتانا» في الموضة

كيف استقبل النقاد، والجمهور، هذه العودة؟

في أوساط الموضة، قوبلت هذه المرحلة بإعجاب واضح؛ إذ رأت مجلات كبرى في مايلي مثالاً نادراً، لنجمة عبرت المراحل دون فقدان مصداقيتها. أما الجمهور، فقد قرأ العودة كنوع من «الشفاء»، ومصالحة جميلة بين المرأة، التي نضجت، والفتاة التي عرفها العالم، مؤكدين أن التنفيذ جاء ذكياً، وأنيقاً، وبعيداً عن فخ التكرار.