لم تعد بيونسيه مجرّد نجمة غناء، تتصدّر قوائم الموسيقى العالمية، بل تحوّلت خلال العقد الأخير إلى ظاهرة اقتصادية متكاملة، تجمع بين الفن، والهوية، والاستثمار الذكي. ومع نهاية عام 2025، سجّلت اسمها في واحدة من أكثر القوائم حصرية في عالم الترفيه، بعدما أعلنت مجلة «فوربس» وصول ثروتها إلى مليار دولار، لتصبح خامس موسيقي في التاريخ يحقق هذا الإنجاز.

وبهذا الرقم، تنضم بيونسيه إلى نخبة ضيقة تضم: زوجها جاي-زي، وتايلور سويفت، وبروس سبرينغستين، وريهانا، مؤكدة أن مسيرتها لا تُقاس فقط بالجوائز أو المبيعات، بل بقدرتها على بناء إمبراطورية قائمة على السيطرة الإبداعية والعائد المستدام.

  • بيونسيه خامس موسيقي تصل إلى «قائمة المليارديرات»

عام التحوّل الكبير.. 2025 بلغة الأرقام:

كان 2025 عامًا مفصليًا في مسيرة بيونسيه. فبحسب مجلة «فوربس»، شكّل شهر ديسمبر نقطة تحول حاسمة، دفعت بثروتها من نحو 800 مليون دولار قبل عامين إلى حاجز المليار. وجاء ذلك نتيجة سلسلة من النجاحات المتراكمة، في مقدمتها جولة «Cowboy Carter»، التي تُوّجت كأعلى جولة موسيقية إيرادًا هذا العام.

«الجولة» حققت أكثر من 400 مليون دولار من مبيعات التذاكر وحدها، إضافة إلى نحو 50 مليون دولار من المنتجات المرافقة، في وقت باتت فيه الجولات العالمية المصدر الأهم للدخل في صناعة الموسيقى. وإلى جانب ذلك، شاركت بيونسيه في عرض استعراضي ضخم، خلال استراحة مباريات دوري (NFL)، في عيد الميلاد، وقُدّرت عائداته بنحو 50 مليون دولار، في حدث لاقى صدى إعلاميًا واسعًا.

من الموسيقى إلى العلامة التجارية:

ما يميّز تجربة بيونسيه المالية هو أنها لم تعتمد على الغناء وحده. فقد نجحت في تحويل اسمها إلى علامة تجارية متكاملة. وتعاونها مع «Levi's» أضاف بُعدًا جديدًا لحضورها التجاري، فيما عززت نفوذها بإطلاق علامة العناية بالشعر «Cécred»، في فبراير 2024، مستندة إلى تاريخ شخصي وثقافي مرتبط بجذورها.

السيطرة الإبداعية مفتاح الأرباح:

على عكس كثير من نجوم الصف الأول، تمتلك بيونسيه حقوق كتالوجها الموسيقي، وتدير أعمالها من خلال شركتها الإعلامية «Parkwood». هذا التحكم الكامل بالإنتاج والتوزيع مكّنها من تحقيق هوامش ربح أعلى بكثير من المعتاد، سواء في الجولات، أو العروض المصوّرة، أو المحتوى المرافق.

والجمع بين عائدات الجولات، والموسيقى، وصفقات الرعاية، مكّن بيونسيه من تحقيق نحو 148 مليون دولار، خلال عام 2025، قبل الضرائب، ما وضعها في المرتبة الثالثة عالميًا بين أعلى الموسيقيين أجرًا هذا العام.

عروض تتجاوز الحفل الغنائي:

فنّيًا، لم تكن جولة «Cowboy Carter» مجرّد حفلات، بل تجربة مسرحية متكاملة. بثلاث ساعات من الأداء المتواصل، وسيارة طائرة، وأذرع روبوتية، وثور ميكانيكي ذهبي، وضيوف مفاجئين، من أطفالها إلى زميلاتها في «Destiny's Child»، وصولًا إلى ظهور زوجها جاي-زي.

هذه التفاصيل لم تكن استعراضًا فارغًا، بل جزءًا من رؤية فنية، تعكس فكرة السيطرة، والهوية، وإعادة تعريف القوة النسائية على المسرح، ما عزز القيمة التجارية للجولة، وحوّلها إلى حدث ثقافي بامتياز.

  • بيونسيه خامس موسيقي تصل إلى «قائمة المليارديرات»

من الإقصاء.. إلى التتويج:

يحمل ألبوم «Cowboy Carter» بُعدًا شخصيًا عميقًا في مسيرة بيونسيه. فقد سبق أن كشفت أن المشروع وُلد من تجربة، شعرت خلالها بأنها غير مرحّب بها في عالم «موسيقى الكاونتري». لكن الرد جاء فنيًا وتجاريًا في آنٍ، إذ حصد الألبوم إشادات واسعة، وتُوّج أخيرًا بجائزة «ألبوم العام» في حفل «غرامي 2025»، وهي الجائزة التي طال انتظارها في مسيرتها.

المستقبل.. بهدوء ووعي:

رغم دخولها «نادي المليارديرات»، فلا يبدو أن بيونسيه تنوي الركض خلف المزيد من الأرقام. فالفصل الثالث من مشروعها الموسيقي لم يُعلن بَعْدُ، وجمهورها يترقب الخطوة التالية، لكن الفنانة كانت واضحة في تصريحاتها الأخيرة حول أولوياتها.

بيونسيه لخصت فلسفتها الحالية، حين قالت: «لا شيء يساوي راحتي، وراحة عائلتي»، مؤكدة أن النجاح، مهما بلغ حجمه، لا يستحق التضحية بالسلام الداخلي. وبيونسيه، اليوم، ليست فقط مثالًا على النجومية المطلقة، بل على كيفية تحويل الموهبة إلى إرث، والموسيقى إلى سلطة ناعمة، تُدار بعقل بارد، وقلب يعرف متى يتوقف.